الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ما زلت أتعلم

28 فبراير 2015 22:07
دورانها سريع ولا نكاد نشعر به، ونحن نعيش في أحضان هذه الأرض، الأيام تغدو وتعدو أمام ناظرينا، قفزات سريعة من أيامنا لا نشعر بها، متقلبة ومتغيرة، جميلة كانت أم عصيبة بين هذه وتلك، أسترجع شريط الذكريات بين واقع عايشته، من ملح بحره وحلو نهره تجرعت تجاربه، منها الجميلة ومنها العصيبة بتجربة مفيدة. تعلمت وما زلت أتعلم.. وأيقنت وتفهمت، وقد كنت في هوى الغرور أسير بحلم الكبر طوال تلك السنين وبها اكتفيت. وإذا بي من هنا أرى نقاطاً وحركات تشكلت عبر الزمن من جديد، كلياً بها تغيرت تلكم الكلمات، وغيَّرت وأسبغت علي شيئاً جديداً غير الذي مضى علي من سنوات. وإذا بي ما زلت أتعلم.. أن البحر يحتوي بحوراً من أسرار، نسمعها ولا ندرك علمها، إلا حينما نغرف من بعض أعماقه أو نقف ونكون في وسط محيطه. هنا لم أتعلم سوى ما تعلمته، وأن تمام العلم هو في تجرع الملموس من الواقع. وهكذا ما زلت أتعلم.. على رمال بحره جلست، وبشوق نور الشمس ترقبت، ضوءها بين أرجاء الظلام، ظلمة في جسدي اختبأت، وفي ثغر الجسد شيء اختبأ. بين نور الشمس ورمال البحر احتياجي، وأحداق عيني في أرجائه جالت، ما لامسته أناملي وولدت حوله، كما للزاد والهواء هو احتياجي. وهكذا ما زلت أتعلم... إن القرار الذي اتخذته هو ذلك القرار الصائب. نرى البيوت في مدينتنا (قريتنا)، في صف واحد تراصت وتقاربت، وفي أغلبها تطابقت أشكالها، ومع ما هي عليه، فتحت أسقفها مضامين مختلفة، فساعي البريد وقد حمل بين ذراعيه صنوفاً متشابهة أشكالها، تختلف وجهتها بما سطر في تفاصيل عناوينها، وقد لا تختلف مضامينها، ولأن ما أواجهه بكل ما فيه، ليس ذلك الذي يواجهه غيري، فكل له منهاجه. وهكذا ما زلت أتعلم.. وفي وقت من العمر مضى، أرى القرار سهلاً، كل ما حولي وحولنا سهل المنال. الخطوط عريضة كل ما حولها فضاء واسع، تستطيع منه تحديد ما يناسبك ويتناسب معك. أقول هي الفترة من العمر مضت، وقت من الدهر كل شيء فيه يحوي البساطة، العيش بسيط، العمل بسيط، الحدث بسيط، القرار بسيط. وأصبح اليوم عصيباً، والعيش والعمل، وما يدور حولك من أحداث أصبح قرارها عصيباً، فالقرار اليوم أصبح بقدر الحدث، اليوم يتغير بين نهار وليل وصبح ومساء. وهكذا ما زلت أتعلم.. أن الحقيقة مغلفة فلم تعد الحقيقة هي الوضوح والصفاء من المعنى، غلفت بألوان من التضليل والغش والمكر والخداع، تتأرجح كالعرجون، وعن معناها المطلق ما زلت تبحث. وما دام للقلم حبر سأظل أتعلم.. وهكذا ما زلت أتعلم... محمد المينون الزعابي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©