السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإعلام الأميركي وصواريخ ترامب

9 ابريل 2017 22:31
شنت صواريخ الكروز ضربتها، وبدأت الكثير من وسائل الإعلام الرئيسة في التملق. وبعد إطلاق 59 صاروخاً على مطار عسكري سوري في ساعة متأخرة من مساء الخميس، أعلن «فريد زكريا» على شبكة سي إن إن: «أعتقد أن دونالد ترامب أصبح رئيس الولايات المتحدة الليلة الماضية». وكتب «بريت ستيفنز»، كاتب العمود المحافظ الذي طالما انتقد الرئيس ترامب، في صحيفة «وول ستريت جورنال» أن «الرئيس ترامب فعل الشيء الصواب، وإنني أحييه على ذلك». وأضاف: «إن هذا يدمر نظام الأسد إلى الأبد». أما بريان ويليامز على شبكة إم إس إن بي سي، فقد بدا مأخوذاً بصور الضربات التي عرضها البنتاجون. واستخدم كلمة «جميل» ثلاث مرات وأشار إلى أبيات ليونارد كوهين: «إنني أسترشد بجمال أسلحتنا»، من دون سخرية واضحة. وفي معرض تقييمه لرئاسة ترامب قبل بضعة أسابيع، كتب زكريا أنه بينما كان الرومان يوصون بإسعاد شعبهم بتقديم الخبز والسيرك، «حتى الآن، لم نر سوى السيرك». وكانت صحيفة «تايمز» قاسية على ترامب، لدرجة أن الرئيس نادراً ما يشير إلى الصحيفة من دون وصفها بـ«الفشل» أو «الكذب». لكن بعد الضربات، تدفق الثناء مثل تدفق العصير في حفلات الزفاف، لاسيما على القنوات التليفزيونية. وكتب «سام ساكس»، وهو صحفي في واشنطن، «الضيوف يتدفقون واحداً تلو الآخر، من شبكة إن إس إن بي سي إلى شبكة سي إن إن، هذه أفضل ليلة بالنسبة لترامب في الصحافة حتى الآن، وكل ما كان عليه القيام به هو أن يبدأ الحرب». فلماذا يحب الكثيرون في وسائل الإعلام استعراض القوة؟ «هناك طريقة أسرع لجلب التأييد الشعبي من القيام بتصرف عسكري»، بحسب ما قال «كين بولسون»، رئيس مركز التعديل الأول في معهد نيوزيوم. واستطرد: «إنه نمط ليس فقط في التاريخ الأميركي، بل في تاريخ العالم. إننا نحتشد حول القائد العام وهذا أمر مفهوم». وأشار بولسون إلى أن وسائل الإعلام أيضاً «تبدو وكأنها تشعر بالملل من السرد الخاص بها» بشأن إخفاقات ترامب، وأنها ترحب بفرصة لتغيير هذا السرد». بيد أن هذا ليس جيداً بما فيه الكفاية، وكما قال: «يجب أن يكون الحارس لديه رؤية واضحة وليس مجرد نباح متقطع». وقالت كلارا جيفري، رئيس تحرير مجلة «ماذر جونز» توضيحاً بسيطاً: «إن التدخل العسكري ينظر إليه باعتباره غير حزبي بطبيعته. والمؤسسات الإخبارية التي تخشى من أن تبدو حزبية يمكن أن تقع في فخ الفشل في تقديم السياق». وعليه، فإن التعاطف مقبول بالنظر إلى دافع الرئيس - بحسب ما قالت - «مع عدم الإشارة إلى حظر اللاجئين والإبقاء على هؤلاء الأطفال في الخارج، وعدم الإشارة إلى الإسلاموفوبيا. كيف يمكنكم الكتابة عن الدافع وعدم استكشاف ذلك النفاق؟». ومع السخرية من «ترقية ترامب الفورية إلى مصاف قائد الحرب الجاد المحترم»، تذكر «جلين جرينوالد»، في موقع «ذا إنترسيبت» الإخباري «جون جاي»، وهو أحد كتاب «الفيديراليست» الذي كتب قبل أكثر من 200 عام: «مهما كان الأمر مخزياً للطبيعة البشرية.. فإن الدول بشكل عام تشن الحرب عندما يكون لديها احتمال الحصول على أي شيء منها». وفي الواقع، بحسب ما كتب جاي، «فإن الملوك المطلقين سيقومون غالباً بالحرب عندما لا تكون شعوبهم تحصل على شيء منها»، طبعاً باستثناء الحصول على المجد العسكري أو الانتقام أو تبجيل الذات. التفكير الجماعي والافتقار إلى التشكيك السليم، أمران رأيناهما مرات عديدة من قبل، فيما كانت وسائل الإعلام الأميركية ترقب أي إدارة وهي تخطو على شفا الحرب. وربما تجلى هذا بشكل واضح في الفترة التي سبقت غزو العراق في عام 2003، وبداية كارثة طويلة هناك. ويعتقد «ستيفن والت»، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة هارفارد، أن الصحافة والجمهور كان يجب أن يكونوا قد تعلموا شيئاً الآن. و«لا تزال سوريا تشكل مأساة لأنه ليست هناك خيارات جيدة»، بحسب ما كتب في مجلة «فورين بوليسي»، وتدخلات أميركا في الشرق الأوسط نادراً ما تنتهي بشكل جيد. وفي وقت لاحق، أخبرني والت أن وسائل الإعلام يجب أن تنظر الآن وتطرح أسئلة أعمق. «ما هي استراتيجية ترامب الشاملة بالنسبة لسوريا»، نظراً لأن «توازن القوة على الأرض لم يتغير ونحن لسنا قريبين من التوصل إلى تسوية سياسية». ربما تبدو الضربات الصاروخية مثيرة، والانتقام شريفاً. بيد أن الصحفيين والمعلقين يجب أن يتذكروا الفضائل الأكثر بلادة، مثل التشكك والعمق والسياق. وأن يثبتوا أعينهم هناك بحزم، وليس على صور الصواريخ المذهلة في الفضاء. كاتبة عمود في «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©