الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان··· أزمة سياسية في الأفق

اليابان··· أزمة سياسية في الأفق
11 مايو 2008 03:20
في محطة الوقود غرب طوكيو، شرح لي مؤخراً عامل المحطة وهو يرفل في زيِّه المخطط بالأخضر والبرتقالي لماذا يمكن أن يطيح ارتفاع الأسعار بالحزب الحاكم بعد ما يزيد على 50 عاماً في السلطة· وتابع محدثي ''مايومي أوشيدا'' وهو يشير إلى طابور السيارات التي سارع أصحابها لملء خزانات مركباتهم بالوقود قبل أن يقفز سعر لتر الغازولين من 126 يناً (وهو ما يعادل 1,18 دولار) إلى 160 يناً في الأول من مايو، قائلاً: ''إن الناس لا تأتي إلى هنا للشكوى، ولكنها ستشتكي خلال الانتخابات القادمة، فهناك يمكن اعتبار صندوق الاقتراع بمثابة صندوق للشكاوى، بمعنى من المعاني''، مضيفاً: ''إن العديد من الناس لم يزعجوا أنفسهم بأمر التصويت خلال الانتخابات الأخيرة، ولكنهم هذه المرة سيصوِّتون ضد رئيس الوزراء فوكودا والحزب الحاكم لأن أسعار كل شيء في ارتفاع، بينما أجورنا مازالت على حالها''· ووسط حالة الاختناق السياسي، أدى أول الارتفاعات المهمة في أسعار المواد الأساسية في ظرف عقد إلى تسييس المستهلكين الذين طالما عُرفوا بعدم اهتمامهم بالسياسة، حيث بات الكثير منهم قلقاً من أن يؤدي التضخم -الذي كان العديد من الاقتصاديين يقولون في وقت من الأوقات إنه سيحفز النمو- إلى الحد من الطلب وإعادة اليابان إلى ركود التسعينيات· وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ثلثي اليابانيين غير راضين عن خطوة رئيس الوزراء ''ياسو فوكودا'' المتمثلة في إعادة فرض ضريبة البترول في الأول من مايو، بعد أن انقضى أجلها في الحادي والثلاثين من مارس، وهو ما أدى إلى انخفاض مصطنع وغير حقيقي في الأسعار لمدة شهر· وحسب استطلاعين منفصلين للرأي أجرتهما صحيفتا ''نيكاي'' و''أساشي''، فقد تراجع معدل التأييد لـ''فوكودا'' بما بين 5 و8 نقاط ليصل إلى 21% فقط، وذلك لأسباب من بينها الضريبة المثيرة للجدل، وهي نسبة أقل من تلك التي كان يتمتع بها سلفه ''شينزو آبي'' عندما استقال في سبتمبر الماضي· وعلى هذه الخلفية، كثف ساسة المعارضة، الذين استشعروا قلق الجمهور، والذين يسيطرون على الغرفة العليا من البرلمان، ضغوطهم على ''الحزب الديمقراطي الليبرالي'' الحاكم للدعوة إلى انتخابات مبكرة· غير أن ''فوكودا'' يجادل بأن الضرائب ضرورية لتغطية العجز المتصاعد· وفي هذا السياق قال ''فوكودا'' في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي: ''لقد خسرنا الشهر الماضي 180 مليار ين من العائدات''، مضيفاً: ''وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن الحكومات المحلية والمركزية ستخسر كل يوم 6 مليارات من العائدات، لا يمكننا أن نهمل هذا النقص في العائدات، ولا أفكر في حل الغرفة السفلى في الوقت الراهن''· بيد أن ''الديمقراطيين'' يقولون إن الحزب الحاكم لطالما استعمل ضرائب السيارات لإهدارها في مشاريع من أجل كسب دعم الناخبين المحليين· كما ينتقد ''الديمقراطيون''، منذ فوزهم في انتخابات الغرفة العليا العام الماضي، ''الحزب الديمقراطي الليبرالي''، الذي يسيطر على الغرفة السفلى لتجاهله للقضايا اليومية التي تشغل بال المواطن الياباني· وقد فاقمت هذه المواضيع متاعب الحزب الحاكم؛ حيث ارتفعت أسعار الخبز والمعجنات، ثم اختفى الخبز من على رفوف البقالات خلال الأسابيع الأخيرة، لأسباب يعود بعضها إلى الشعبية المتزايدة لاستهلاك الخبز في اليابان وتراجع إنتاج المزارعين، الذين باتوا يواجهون ارتفاع أسعار الوقود والبذور· وإذا كان هذا النقص لم يصل بعد إلى مستوى خطير، فإن له تأثيراً رمزياً وآخر سياسياً عملياً: فبدلاً من إعلان سياسة طويلة لحماية الأسواق، تسعى اليابان إلى زيادة الواردات وتأمل في رفع الإنتاج المحلي· إلى ذلك، ينتاب المسؤولين اليابانيين القلق أيضاً بشأن أزمة الغذاء العالمية الأوسع· فخلال المؤتمر السنوي لـ''بنك التنمية الآسيوي'' في مدريد يوم الأحد، حذر وزير المالية الياباني ''فوكوشيرو نوجاكا'' من أن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى محو وإزالة آثار عقد من النمو الاقتصادي في آسيا· ونقلت وكالة ''رويترز'' للأنباء عن ''نوكاجا'' قوله: ''إن الأكثر تأثراً هي الشرائح الفقيرة من السكان، ولاسيما فقراء المدن''، مضيفاً: ''سيكون لذلك تأثير سلبي على مستوى معيشتهم وتغذيتهم، وهو وضع قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وانعدام الثقة''· وقد دعم ''نوكاجا'' رفقة زعماء آخرين استراتيجية للبنك تقضي بمنح قروض منخفضة التكلفة والمساعدة التقنية لدعم الإنتاج الزراعي من أجل تلبية الطلب المتزايد· أما داخلياً، فقد عمد ''بنك اليابان المركزي'' الأسبوع الماضي، وبعد ستة أشهر متتابعة من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، إلى خفض توقعات النمو في البلاد من 2,1 في المئة إلى 1,5 في المئة للعام المالي الذي بدأ في أبريل· وفي هذا السياق قال وزير الاقتصاد ''هيروكو أوتا'' مؤخراً: ''إن الارتفاع الحالي في الأسعار··· لا يعزى إلى ارتفاع الطلب وإنما إلى ارتفاع التكلفة''، مؤكداً أن: ''الطلب الاستهلاكي يُتوقع أن يبقى ضعيفاً، لأن أجور العمال لم تعرف ارتفاعاً ملموساً''· وحسب أرقام ''مكتب الإحصاءات''، فإن متوسط أسعار المواد الاستهلاكية المسجل في مارس ارتفع بـ1,2 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي· وقال ''أوتا'' إن تكلفة الغذاء ارتفعت بـ1,6 في المئة، بينما قفزت تكلفة الوقود والكهرباء والماء بـ4,2 في المئة· وفي تعليقه على الموضوع، يقول يوشيكي شينكي، الباحث في ''معهد داي إيتشي للبحوث'' في طوكيو: ''الواقع أن هذا الارتفاع صغير مقارنة مع الارتفاعات المسجلة في عدد من البلدان الأجنبية، ولكنه يعد مع ذلك ارتفاعاً كبيراً في اليابان''، مضيفاً: ''إن الأجور لم ترتفع بعد، وبالتالي، فعندما يضاف ذلك إلى ارتفاع الأسعار، فإن النتيجة هي تأثير كبير على المستهلكين، وبخاصة الأشخاص من ذوي الدخل المحدود''· كريستوفر جونسون - طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©