الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند تلاحق الصين في أفريقيا

الهند تلاحق الصين في أفريقيا
11 مايو 2008 03:19
لم يكن ''فاسو ريدي'' الذي نشأ وترعرع بالقرب من مدينة ''حيدر أباد'' الهندية، يتخيل أن ينتهي به المطاف يوماً إلى العيش والعمل في أفريقيا· فبعد انتقاله للعمل كمهندس تعدين في زامبيا باثني عشر عاماً، يدير ''ريدي'' في الوقت الحالي مشروعاً صغيراً لتصنيع وبيع الأحجار الثمينة مع زوجته، غالبية زبائنه من الهنود· وحالياً تستثمر المؤسسات الهندية أموالاً ضخمةً في زامبيا ومختلف بلدان القارة الأفريقية، إذ يدير عملاق صناعة التعدين الهندية شركة ''فينداتا ريزورسيز بي· إل· سي'' أكبر معادن النحاس في زامبيا، كما أن وزير التجارة الزامبي تعهد في مارس الماضي بإقامة منطقة استثمارات حرة، تحتوي على الكثير من الحوافز، تشجيعاً للشركات الهندية· ورغم ذلك فإن تجربة ''ريدي'' تحديداً، تمثل نوعية التجارب التي ترغب الحكومة الهندية في إبرازها في سياق جهودها الرامية للتفوق على جارتها الصين التي نجحت في ترسيخ أقدامها في القارة الأفريقية، والتي تعتبر منافسها الأول على الموارد الطبيعية في تلك القارة· وقد أشار ''جيرام راميش'' وزير الدولة الهندي للشؤون التجارية إلى ذلك أمام ممثلي 14 دولة أفريقية خلال قمة عقدت في إبريل الماضي في دلهي بغرض تعزيز العلاقات الهندو- أفريقية، عندما قال إن ''المبدأ الأول للنشاط الهندي في أفريقيا يختلف عن ذلك الخاص بالصين، فالصين تقول لمستثمريها: اذهبوا واستغلوا الموارد الطبيعية! في حين أن استراتيجيتنا تعمل على إضافة القيمة''· بيد أن ما يحدث على أرض الواقع هو أن الاستثمارات الهندية تتأخر عن نظيرتها الصينية التي تقتحم القارة بشكل أكثر طموحاً، سعياً إلى الحصول على النفط والنحاس وغير ذلك من الموارد الطبيعية اللازمة لتغذية اقتصادها المتنامي· ويشار في هذا السياق إلى أن الهند تجد نفسها مضطرة الآن إلى تعويض الفترة التي كان اهتمامها بدول القارة محدوداً، والتي بدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، رغم أن عمر العلاقات التجارية والثقافية التي تربطها بالقارة يزيد عن قرن· خلال تلك الفترة تمكنت الصين من ترسيخ تواجدها الاقتصادي في أفريقيا حتى وصل مستوى تجارتها مع القارة، تصديراً واستيراداً، العام الماضي إلى 55 مليار دولار مقابل 25 مليارا للهند· وحصلت الصين على أول منطقة استثمارية لها في زامبيا منذ عام تقريباً، وذلك عندما زار رئيسها ''هو جينتاو'' زامبيا وسط مظاهر حفاوة بالغة، وأعلن عن خطط لبناء ملعب كرة قدم، كما تعهد بإنفاق 800 مليون دولار على الاستثمار في مشروعات استخراج ومعالجة النحاس· ويعلق'' فينكاتيش سيشماني'' أستاذ الاقتصاد في جامعة زامبيا الهندي الأصل الذي يعيش في زامبيا منذ 26 عاماً، على ذلك بقوله: ''لقد أزعجت تلك الزيارة الهند لأن العلاقات الهندية- الأفريقية عمرها قرن كامل من الزمان، لكن ذلك لم يشفع لنيودلهي حيث تقدمت عليها بكين بمراحل فيما يتعلق بالاستثمار والتجارة مع زامبيا''· بيد أن المقارنة بين الاستثمارات الصينية والهندية في القارة الأفريقية ليست عادلة تماماً، وهو ما يرجع جزئياً إلى اختلاف النموذج الاقتصادي المطبق في الدولتين· يوضح ''برادفور ماتشيلا'' وزير الأراضي في زامبيا ذلك بقوله إن ''الهنود الذين يتدفقون حالياً هم الموجة الثانية من المهاجرين وليست الأولى التي استوطنت زامبيا منذ عهد طويل، لكن وجه الاختلاف الرئيسي بين الاستثمارات القادمة من الهند وتلك القادمة من الصين هو أن المشروعات الاقتصادية الصينية العاملة في زامبيا هي مشروعات مملوكة بالكامل للدولة، وهو ما يختلف عن المشروعات الهندية التي تنتمي في معظمها للقطاع الخاص''· ويدلي ''هاري برودمان''، مستشار البنك الدولي للشؤون الأفريقية بدلوه في الحوار الدائر حول النفوذ الصيني في أفريقيا فيقول: ''نظراً لقوة الحكومة المركزية الصينية، والإمكانيات الهائلة للاقتصاد الصيني، فإنه ليس هناك أحد يستطيع أن يتفوق على الصين في المنافسة· وذلك لا يقتصر على الهند فقط بل يشمل أيضاً أوروبا والولايات المتحدة''· مع ذلك فإن ''برودمان'' وغيره من الخبراء يرون أن الشركات الهندية التي تستثمر في أفريقيا أكثر تنوعاً، ويقولون إن تقاليد المشروعات الخاصة الهندية في الإبداع والابتكار هي التي تشكل مصدر قوتها''· مع ذلك، يرى بعض المحللين أن الحكومة الهندية مطالبة بالتسلح بروح المبادرة، خصوصاً فيما يتعلق بلعب دور الجسر بين الحكومات الأفريقية التي ترتبط معها بعلاقات وثيقة وبين المشروعات الهندية· وإذا ما أخذنا في حسباننا مكانة الهند في نظر الدول الأفريقية، باعتبارها الدولة القائدة في عصر ما بعد الكولونيالية، وباعتبارها دولة رائدة في مقاومة نظام الفصل العنصري، وإجادة أبنائها للغة الإنجليزية، وعلاقاتها التجارية القديمة عبر بحر العرب··· فإنه يمكن القول إن العلاقات الهندية تعد أوسع نطاقاً وأكثر عمقاً من العلاقات الصينية مع دول القارة· ''هناك تغلغل هندي أعمق في نسيج الاقتصادات المصغرة في القارة، بينما يعمل الصينيون عبر مشاريع منعزلة موزعة على مساحات متباعدة في القارة''، هذا ما يقوله ''برودمان''· أما ''راجان كوهلي''، نائب السكرتير العام لاتحاد الغرف التجارية والصناعية الهندية، فيقول: ''ونظراً لأن الهند تحاول تغيير ديناميكية الاستثمار في أفريقيا، فإنها بحاجة إلى التركيز على المشروعات الخاصة، مع الحرص في الوقت نفسه على التأكيد للدول الأفريقية على أنها لم تأت من أجل نهب ثرواتها''· ويضيف كوهلي: ''إذا ما حاولنا ملاحقة الصين، فلن ننجح لأنهم يمتلكون إمكانيات أقوى وأموالاً أكثر يمكن أن يمنحوها للدول الأفريقية، علاوة على أن نظامنا الديمقراطي بطيء جداً في اتخاذ القرارات''· جوزيف تشاتز - لوزاكا مارك سابينفيلد -نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©