الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التدوين والإعلام صراع «ناعم» على قيادة صوت الشعب الجديد

التدوين والإعلام صراع «ناعم» على قيادة صوت الشعب الجديد
13 ابريل 2010 20:59
بعد مرور خمس سنوات من انطلاق أولى المدونات العربية، مازال الحوار قائما بين المدونين عن علاقة المدونات بالإعلام، وهل ستحل هذه الصفحات الإلكترونية محل الصحف الورقية أو غيرها، الآراء في هذا الموضوع كثيرة، جميع المهتمين كتبوا صفحات طوال عن آرائهم، حاولنا اختصارها في أهم ما قالوا: زهير ماعنزي من مدونة بحرك يا يافا http://blog.amin.org كتب حول هذا الموضوع: الإنسان بطبعه يحتاج إلى المعلومة أيا كان مجالها ونوعها. فهو قديما بحث عنها في أبيات الشعر الجاهلي، وتناقلها بطريقة بينية في المحادثات الشفهية، وما لبثت أن تطورت هذه الحاجة فتمخض عنها ظهور وسائل الإعلام. هذه الوسائل استفادت من ظهور صناعة الورق والطباعة فالراديو ثم السينما، وهكذا ظهرت الجرائد الورقية وإذاعات الراديو وقنوات التلفزيون. ظهور الإنترنت وتضاعف المحتوى والإمكانيات الهائلة التي تتيحها جلب اهتمام وسائل الإعلام التقليدية، فصارت الإنترنت أحيانا موضوعا للخبر، وأحيانا أخرى فرعا من الفروع، فاهتمت الجرائد والإذاعات والقنوات بفتح مواقع لها على الشبكة، بل ظهرت مؤسسات الإعلام الجديد متخصصة وصحافة إلكترونية متطورة جدا عن الصحافة التقليدية، حتى في الصحافة العربية مثل الجريدة الإلكترونية الخبر انفو وهسبريس في المغرب، وعمون في الأردن، ونواة في تونس. بل إن قراء بعض النسخ الإلكترونية الجادة أكثر من قراء النسخ الورقية “جريدة المصري اليوم مثلا”. ولن نبالغ إذا قلنا أن حجم التحدي الذي يفرضه “الإلكتروني” على “الورقي” كبير جدا، قد يهدده بالإغلاق وتراجع المبيعات، وقد حدث هذا فعلا في الولايات المتحدة الأميركية حيث أُغلقت بعض الصحف الورقية العريقة واكتفت بنسخ إلكترونية فقط “حالة كريستيان ساينس مونيتور مثلا”. صوت الشعب الجديد الإنترنت تتطور بشكل سريع جدا. وظهر الآن ما يعرف بالجيل الثاني من الإنترنت، أو ما يصطلح عيه بالويب 2.0. ويقوم على مبدأ تغير وضعية المستخدم من مجرد مستقبل للمعلومة إلى شريك في صناعتها. وأهم تمظهر لهذه الوضعية الجديدة هي ظاهرة التدوين “أو الصحافة الشعبية أو صحافة المواطن”. وهكذا صار بإمكان المواطن العادي الذي يستخدم الإنترنت فتح صفحة خاصة على الشبكة، متاحة بشكل مجاني غالبا، ويمكن له أن يضع فيها ما يشاء من محتوى سواء أكان نصا أو صورة أو صوت أو فيديو “أو أن يمزج بين نوعين من الملفات أو أكثر في كل تدوينة”. كما يمكن له أن يسمح بالتعليقات وأن يتحكم فيها أو يرد عليها. وان يملأ كل تدوينة بروابط تحيل إلى صفحات ومواقع أخرى ذات صلة بالموضوع وتمكن القارئ من الانفتاح والتوسع. والجميل في الأمر أن المدون يستفيد من سهولة الاستعمال والنشر الذي لا يتطلب معرفة تقنية كبيرة، وحرية الرأي فالمدون هو رئيس التحرير. انتقادات الصحفيين المهنيين في حقيقة الأمر هذه الانتقادات، والتي تكررت على مسامعنا خلال الدورة الإقليمية للصحفيين والمدونين من أجل حقوق الإنسان في بيروت، هي التي كانت بالنسبة لي حافزا لكتابة هذا المقال، والدلو في موضوع العلاقة الممكنة ما بين التدوين والصحافة. وهنا لابد أن نشير إلى أنه لا يكفي أن نشاهد فضائح النجوم وفتيات المدارس على اليوتيوب، وأن نتجول في مدونات المراهقين وصورهم المنشورة في skyblog حتى نحيط بظاهرة التدوين في المغرب مثلا، ونكتب عنها تقريرا صحفيا يكون مملوءا بالأحكام المسبقة والمغالطات. فالظاهرة رغم أنها في المرحلة الجنينية إلا أنها تعرف إقلاعا كبيرا، وقد تمكن المدونون في حالات كثيرة من التأثير في واقعهم عبر انتقاد الفساد وتوفير أدلة على ذلك “حالة وائل عباس في مصر والذي نشر مقاطع فيديو لحالات التعذيب في مخافر الشرطة المصرية، وقناص تارجيست الذي يفضح ويكشف المستور بكاميرته”. كثيرا ما نسمع من صحفيين “بعيدون عن عالم المدونات غالبا” اتهامات موجهة إلى “حزب” المدونين، وتصفهم بعدم المسؤولية وتشك في مصداقيتهم ومصداقية الأخبار التي يتناقلونها. وتدعي أن المدون ليس بصحفي والتدوين لا علاقة له بالصحافة. هنا بالضبط يجب التفريق ما بين التدوين الجاد وغيره. فالمدون الجاد وإن لم يكشف عن هويته أحيانا لأسباب أمنية، يهمه بناء علاقة ثقة بينه وبين القارئ، وبالتالي فالمصداقية بالنسبة له أولوية ومسألة شرف. وقد حاول المدونون الجادون تنظيم أنفسهم في إطار شبكات قطرية “تجمع المدونين المغاربة مثلا” وعربية “اتحاد المدونين العرب”، وتبني قوانين ومواثيق شرف أحيانا مماثلة للصحافة المهنية مثلما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية. أما القول بأن المدون ليس بصحفي مهني، فهذا الأمر بالنسبة لنا صحيح رغم أن نقابة الصحفيين المصريين قررت قبول المدونين ضمن صفوفها. على الأقل هو ليس بصحفي تقليدي، وإن اشتركا معا في خانة “ناقلو الخبر”. كما يختلف التدوين عن الصحافة التقليدية في وسيلة الاتصال بالناس “المدونة”، ومن حيث التدوين نشاط طوعي وغير ربحي - مع استثناءات خاصة -، وكذلك في تقنيات النشر والكتابة التي تقترب من الصحافة الإلكترونية لكنها أكثر حميمية وأكثر قربا وتفاعلا. علاقة صحية التدوين ظاهرة جديدة ومتطورة باستمرار، وهذا في رأينا هو السبب وراء الارتباك الحاصل والضبابية التي تحيط علاقة التدوين بالصحافة. لكن ما يهمنا اليوم هو البحث عن تقريب التدوين من بعض الصحفيين الذين يرون فيه عدوا ومسيئا للمهنة. أما طرح سؤال: هل المدون صحفي؟، هو في نظرنا نقاش عقيم، والأجدر بنا طرح تساؤل أخر أكثر إيجابية وهو: كيف يمكن تطوير أشكال الدعم المتبادل بين الصحفي والمدون، أي بين الإعلام التقليدي والإعلام الجديد؟. نحن نعتقد أن المدون هو شريك للصحفي، والتدوين هو حليف للصحافة، والعلاقة بينهما هي علاقة تعاون واستفادة مشتركة. وقد صدق أحد المدونين الأجانب حين شبه الصحافة بفرس النهر، لكنه يحتاج إلى العصفور الصغير الذي يجلس على ظهره ويقوم بتخليصه من الشوائب والتي تشكل في نفس الوقت تغذيته. هذا العصفور هو المدون. وقد أبثت التجربة أن الصحافة كانت دائما في طليعة المدافعين عن المدونين، ونجد المدونين في طليعة المدافعين عن الصحفيين، متى هددتهم الرقابة والأحكام الجائرة. ولنا في حملات التضامن الإلكترونية التي واكبت محنة جريدة “أخبار اليوم” المغربية خير مثال. كما يمكن تبادل الجمهور بين الإعلاميين التقليدي والجديد. مثلا عبر خلق مواقع إلكترونية للجرائد الورقية، لكن يلاحظ أن بعض الجرائد الورقية تلجأ لإنشاء مواقع لها على سبيل تسجيل الحضور ليس إلا، وشكلا من أشكال الوجاهة الإعلامية فقط، وهذا حال جل الصحف المغربية. ويمكن اللجوء إلى نقل بعض مقالات المدونين وإدراجها ضمن الجرائد الورقية، وهو ما يحصل في الجرائد المغربية، أحيانا بدون استشارة المدون. ولا يمانع غالبية المدونين حدوث هذا الأمر، لكن يجب على الأقل الإشارة إلى اسم ورابط المدونة. كما تشكل المدونات والحركية الرقمية مصدرا من مصادر الخبر بالنسبة للصحفي، وهما معا معنيان بقضايا دعم قضايا الإصلاح والتغيير والديمقراطية، والنضال من أجل حقوق الإنسان في المنطقة العربية خصوصا، وما تأسيس شبكة “صحفيون ومدونون من أجل حقوق الإنسان” في بيروت مؤخرا إلا خطوة في هذا الاتجاه. واجهات العرض وحاولت فاطمة برقجي في مدونتها فاطمة توك http://www.fatimatalk.net رصد الظاهرة وقالت: قدم الإنترنت ظواهر وممارسات مستحدثة في المجال الاتصالي والإعلامي تتميز جميعها بسمة رئيسية: التفاعلية. ويتكون الإنترنت من عدد من واجهات العرض أو القوالب التي تتميز عن بعضها البعض من خلال تقسيمها على أساس المنتج والهدف من الإنتاج والمضمون والتمويل والقيمة الاقتصادية للمضمون. وتتنوع أشكال واجهات العرض أو القوالب وتطرأ على الساحة أنواع جديدة باستمرار. ولعل أهمها وأكثرها انتشارا: أولا المدونات بأنواعها، ومواقع التدوين المصغر كـ “تويتر”، والمنتديات الحوارية ومواقع الدردشة والبريد الإلكتروني ومواقع الفيديو كالـ “يوتيوب” ومواقع الصور كـ “فليكر” ومواقع الجماعات المؤلفة كـ “ويكيبيديا”، ومواقع الشبكات الاجتماعية كالـ “فيس بوك” ومواقع راديو الإنترنت. كما لا يمكن إغفال الصيغة الأولية الموجودة على الإنترنت ألا وهي: الموقع والتي استخدمتها على سبيل المثال الشركات والمؤسسات والجمعيات والأحزاب والتيارات ومختلف التجمعات الرسمية والمعارضة للترويج والتعبير عن نفسها. كما أطلقت المؤسسات الإعلامية مواقع إخبارية تعمل ضمن شبكة أوسع من الوسائط الإعلامية الأخرى. ونلاحظ الدور الكبير الذي يلعبه ما يسمى بالـ”جمهور” في هذا العالم الافتراضي الجديد. فهو المنتج للمضامين كما أنه يساهم في تقييمها وتصنيفها ونشرها والتعليق عليها بل وابتكار واجهات عرض وأدوات جديدة للاستخدام. هناك الإعلام الجديد التابع للمؤسسات الإخبارية والتي طوعت مواقع كاليوتيوب والفيسبوك لخدمة أهدافها. كما يملك الأفراد أيضا المساهمة والإنتاج في العملية الإعلامية فيما يسمى “إعلام المواطن”. إذا عدنا بالزمن قليلا قبل ظهور الإنترنت وتكنولوجيا الاتصال الحديثة سنجد بأن نمط الإعلام التقليدي أو الاتصال العمودي كان سائدا. هذه الصحف والإذاعات والقنوات التلفزيونية هي عبارة عن مؤسسات هرمية وجدت للإخبار والترفيه والتثقيف مقابل الكسب المادي من خلال الإعلانات. كانت المضامين في هذه الوسائل التقليدية موحدة ومصدرها واحد ولم يكن للجمهور رأيا يذكر أو ما يعرف برجع الصدى سوى استطلاعات الرأي العام في المجتمعات الديمقراطية. تجسدت علاقة الجمهور بهذه الوسائط الإعلامية التقليدية بالقراءة والاستماع والمشاهدة فقط ومن ثم التأويل الصامت. لكن مع ظهور الإعلام الجديد تغيرت علاقة الأفراد تماما مع الإعلام. فكما ذكرنا سابقا وجود الفرد المستخدم هو شرط أساسي في وجود العديد من أشكال هذا الإعلام الجديد. العلاقة بين الفرد والإعلام الجديد هي علاقة تفاعلية قائمة على إنتاج الفرد لمضامين الإعلام والتعليق عليه ونشرها بشتى الوسائل. فلم يعد المثقفون والساسة والصحفيون يحتكرون سلطة الكلام والتعبير عن الذات، بل أصبح ذلك متاحا للأفراد المغمورين في جميع أنحاء العالم. بل وأصبح لهم متابعين أوفياء وأهمية كبرى بفضل التكنولوجيا الحديثة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©