الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عالم السيرك يقع بين حدي الخطر والإثارة

عالم السيرك يقع بين حدي الخطر والإثارة
13 ابريل 2010 20:50
عالم السيرك غريب و مدهش وحافل بالخطورة والإثارة والألعاب المبهرة، وهو فن يجذب الصغار والكبار على حد سواء، بما فيه من فقرات متنوعة ومثيرة، لا يملك الرائي لها إلا كتم الأنفاس، ترقباً لما تنتهي إليه هذه اللعبة الخطرة أو تلك. وأبوظبي على موعد هذه الأيام مع مجموعة من أقوى عروض السيرك في العالم، يقدمها السيرك المصري الأوروبي داخل منتزه خليفة حتى العشرين من شهر أبريل الجاري. التقينا بعضاً من هؤلاء الأبطال الذين يتبارون في تقديم كل ما هو جديد ومدهش من أجل إسعاد الآخرين، على الرغم من المخاطر الجَمّة التي يتعرضون لها، وقد تهدد حياتهم في كثير من الأحيان. طاقة روحية طارق المصري (29 سنة)، واحد ممن برعوا في اللعب بالنيران، والنوم على المسامير، ووضع وجهه في الزجاج المتهشم، وكذا تكسير الطوب على رأسه بواسطة مطرقة ثقيلة، وحتى ابتلاع السيف، وغيرها من الألعاب المميتة، قال، إنه دخل إلى عالم السيرك منذ 10 سنوات وأخذ في مشاهدة هذه الألعاب وتعلم كيفية تأديتها، غير إنه يلفت إلى أن ممارسة هذه الألعاب تحتاج لقدرات خاصة ولا يمكن لأي فرد القيام بها مهما حاول من تدريب وتعليم، لأن الأخيرين ينميان فقط القدرات الخاصة وهي منحة إلهية، ولا تتأتى بالتدريب أو غيره. ويضيف المصري، أنه يعمل للحفاظ على هذه القدرات وتنميتها بالتدريب المستمر ساعتين يومياً داخل النادي الصحي، أما عن العامل النفسي والروحي، فهو يؤكد على أهميته القصوى عند ممارسة هذه الألعاب، وهو في ذلك يسير على منحى لاعبي اليوجا، ويستخدم كل طاقته الروحية عند الدخول إلى السيرك والبدء في ممارسة فقراته، ويركز جل طاقته في أن لا يصيبه أذى أو ضرر من تلك الأجسام الغريبة التي يتعامل معها، سواء كانت زجاجاً أو معادن، أو كيروسين. أما عن ابتلاعه للسيف، وهي أخطر الألعاب التي يؤديها، فيشير طارق إلى إنه يمتنع عن الطعام والشراب قبل تأدية هذه اللعبة، وذلك حتى يتيح للسيف (يبلغ طوله 60 سنتيمتراً) أن يصل إلى أخر منطقة في البطن، ويوضح طارق أنه يشعر بالسيف في لحظات دخوله وخروجه من جسده، ولذا يجب أن يكون في قمة تركيزه لأن أي نسبة خطأ قد تفضي إلى تمزيق أمعائه، وهو ما قد ينهي على مستقبله المهني. اللعب بالنيران وعن اللعب مع النار سواء بالنفخ بالمواد البترولية عن طريق الفم، أو تمرير ذراعه عبر النار دون أن يصيبه أي أذى، يقول طارق إنه تدرب على ذلك كثيراً، وفي بداية الأمر تعرض جلده لحروق ولسعات عديدة، وشيئاً فشيئاً صار جلده أقوى وقادراً على تحمل النار ولهيبها، إلا إنه يذكر واحداً من أخطر المواقف التي تعرض لها، حين كان ينفث في النار بواسطة البنزين، ولم يكن ذلك بالسرعة المطلوبة، فتمكنت النار من فمه، ولم يدر إلا والنار قد اشتعلت داخل فمه، فلم يكن أمامه سوى أن يغلق فمه على النار حتى يمنع الأكسجين عنها وتنطفئ بسرعة. هنا يوضح طارق أن تلك الواقعة تركت في نفسه أقوى الأثر وأصبح أكثر حرصاً وأشد انتباها عند قيامه بتأدية فقراته وخاصة اللعب مع النار، لأنها وكما يقول قد تنقلب من لعبة إلى كارثة تظل آثارها ملازمة له طول العمر. أما عن أهم ما يفعله قبل الدخول إلى حلبة السيرك والوقوف إلى الجمهور، يقول طارق، إن قراءة آية الكرسي والمعوذتين هي أفضل ما يقوم به، كونها تحميه من أي مكروه قد يتعرض له، خاصة أنه لا يعلم إن كان سيخرج سالماً من هذه اللعبة أم لا. ألعاب خطيرة علاء راشد (49 سنة)، محترف ألعاب رفع الأثقال على الأنبوب ذي الأطوال الكبيرة، ويمارس هذه اللعبة منذ حوالي 40 عاماً حينها كان يصعد إلى أعلى الأنبوب، ويقوم اللاعب الآخر في الأسفل بحمله وهو على قمته ليؤدي ألعاباً بهلوانية خطيرة، يقول علاء، إنه ورث هذه الفن عن والده، الذي كان من أشهر لاعبي الأنبوب في مصر، وكان يحمل على أنبوبه الممتدة إلى 4 أمتار أوزاناً تصل إلى 340 كيلو جراما، وهي إجمالي وزن ثلاثة لاعبين يتمركزون على الأنبوب، الذي يتخذ من جبهة علاء قاعدة له. وعن التدريب على هذه اللعبة، وكيف لجبهة الإنسان المجردة أن تتحمل مثل هذه الأوزان التي ينوء بحملها ثُلة من الرجال، يذكر علاء أن ذلك يكون في بالبداية بالتجريب على حمل الأنبوب بمفرده، ووزنه يبلغ 20 كيلو جراماً وله قاعدة خشبية كي تحمي الجبهة من حافة الأنبوب، وتدريجياً يتم وضع أوزان مختلفة على الأنبوب إلى أن تصل إلى حوالي 100 كيلو جرام، حينها يصبح اللاعب قادراً على تأدية الفقرة بنجاح، ويضيف علاء، مع كثرة التدريبات تصبح الجبهة شديدة الصلابة والعمود الفقري في منتهى القوة، لأن الوزن بكامله يكون مرتكزاً على العمود الفقري. حركة وإثارة حول الطريقة التي يحافظ بها علاء على قوة جبهته وعموده الفقري، يوضح أن ذلك يكون بالتدريب اليومي لمدة ساعتين تقريباً مع الأشخاص الذين يقوم بحملهم على الأنبوب، لأنه قد يحدث وأن يزيد وزن هؤلاء الأفراد، ومن ثم يجب أن تكون قوة جبهته وعموده الفقري متناسبين طردياً مع ازدياد أوزانهم. وفي سياق مواز يلفت علاء إلى الفضل الكبير لمدرسة الراحل إبراهيم الحلو رائد السيرك المصري، في إتاحة الفرصة له ولكل عشاق فن السيرك ولاعبيه، لتنمية قدراتهم وتطويرها، وهو ما جعل من السيرك فناً راقياً ويلاقي كل احترام وتقدير من محبي فنون الحركة والإثارة، خاصة أن إبراهيم الحلو كان ذا رؤية بعيدة وأرسى مبادئ عامة للعمل في السيرك، ساعدته هو وزملاؤه على النجاح وإثبات وجودهم في هذا المجال. أما ابنه فاروق رشدان (23 سنة) وهو حاصل على درجة البكــالوريوس في علوم الحاسب الآلي إلا أنه احترف عالم السيرك منذ 7 سنوات لأنها مهـــنة الآباء والأجداد، بحسب فاروق، الذي يقــــول إنه أخذ في التدريب نحو عام كامل قبل الظهور إلى الجمهور أول مرة، لأن العرض بها من الخطورة؛ ما يستدعي التدريب المكثف والمستمر، لأن أي خطأ قد يؤدي إلى حدوث نتائج خطيرة، وهو ما يجعله يحرص على النطق بالشهادتين، قراءة بعض آيات القرآن قبل الدخول للعرض، لأنه ليس هناك من ضامن أن تنتهي الفقرة بسلام. السيرك قديماً وحديثاً يرجع تاريخ السيرك إلى عصر الرومان، حيث كانت حلبات سباقات عربات الخيول والمصارعة حتى الموت بين العبيد المصارعين، كما كانت هناك عروض لترويض الحيوانات، وكانت أحب الفقرات هي فقرة الصراع بين الإنسان والحيوان، وكانت تستخدم الدببة والأسود في تلك المصارعات الدامية. بعد ذلك تطور السيرك إلى أن أصبح على شكل العروض التي تقام في خيمة متنقلة، وكانت فيها عروض المهرجين وترويض الحيوانات، وكان يعرض فيها كل ما هو غريب من أقزام يؤدون ألعاباً أو عرض تقدمه امرأة ملتحية وما إلى ذلك. تطور السيرك إلى أن أصبح عرضاً في مكان ثابت غير متنقل، ومن أبرز أمثلة السيرك العالمي هو السيرك الروسي وسيرك دو سولاي Cirque du Soleil الذي يوجد في مونتريال بكندا، حيث العروض العصرية الحديثة التي تخلو من وجود الحيوانات، وتقتصر علـى كونها عروضاً للمهارة الإنسانية وفن الإضحاك في أجلى معانيه، كما يتلون بالموسيقى المميزة والأزياء وأساليب الإبهار المختلفة. وفي منطقتنا العربية أشهر فرق السيرك هي فرقة السيرك المصري الأوروبي، التي أسسها مروض الوحوش المصري الدكتور ابراهيم الحلو، وأرسى دعائمها بعد عودته من ألمانيا في نهايات القرن الماضي وحصوله على درجة الدكتوراة في فنون السيرك والاستعراض، وتسلمت المهمة من بعده فاتن الحلو، أشهر مروضة أسود في العالم، وهي تقدم مجموعة من أخطر الألعاب ضمن فقرات السيرك المصري الأوروبي المقام حالياً في أبوظبي.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©