الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصر الحصن ذاكرة الأمة ودار الحكومة منذ أكثر من 250 عاماً

قصر الحصن ذاكرة الأمة ودار الحكومة منذ أكثر من 250 عاماً
28 فبراير 2013 22:17
يفتح مهرجان قصر الحصن خزائن التاريخ والتراث الوطني أمام الأجيال الشابة وكذلك الجاليات الموجودة على أرض الدولة للتعرف على الدور التاريخي للأجداد المؤسسين، الذين تحملوا المشاق وواجهوا الصعاب في سبيل تأسيس الوطن وسط متغيرات إقليمية وعالمية. وأشار مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث بوزارة شؤون الرئاسة الدكتور عبدالله الريس إلى أن قصر الحصن يمثل صرحا تاريخيا، وقد رصد المركز في دراسات علمية دقيقة عناصر هذا الصرح الذي يعدّ إشعاعاً تاريخياً وحضارياً ليعبر عن مكانة هذا القصر في رصد ماضيه المجيد، وليتذكر سنوات تأسيسه الأولى، حيث بدأ المركز في عام 1968 في إحدى قاعاته. حول أهمية مكانة قصر الحصن، قال مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث بوزارة شؤون الرئاسة الدكتور عبدالله الريس: يحظى قصر الحصن الذي يعد من أبرز معالم أبوظبي بمكانة كبيرة انطلاقا من كونه نقطة البداية لنمو وتقدم إمارة أبوظبي، ولأنه بقي على مدى قرنين مقر الحكم والإدارة لآل نهيان حكام أبوظبي، فقد شهد القصر الكثير من الأحداث، وعاصر العديد من التطورات والإنجازات في وقت واحد، ولا يزال صرحاً شامخاً يروي سلاسل من الأحداث التاريخية والسياسية. ذاكرة الوطن وأضاف: لقد أدرك المركز بحكم دوره في حفظ ذاكرة الوطن وتوثيقها أهمية هذا الصرح العظيم كبوابة للحاضر نحو الماضي، فأصدر كتابا خاصا بهذا القصر المهيب الذي كان يعطي إيحاء بالمنعة والقوة بعنوان: (قصر الحصن.. تاريخ حكام أبوظبي 1793-1966)، استمد مصادره من السجلات الرسمية للإداريين البريطانيين بمنطقة الخليج، وضم الكتاب 5 فصول تناولت: لمحة تاريخية، ثم التحول الاقتصادي والسياسي في مشيخة أبوظبي، فصعود أبوظبي للسلطة والشهرة في الفترة (1833-1855)، وأبوظبي المشيخة الرائدة على ساحل الخليج (1855-1909) وآخر الفصول كان عن نهاية مرحلة وتطورات جديدة (1909-1966). تعدد التسميات ويذكر الكتاب أن قصر الحصن عُرف في الوثائق البريطانية بأسماء عديدة أبرزها: القلعة، الحصن، قصر الحاكم، دار الحكومة، فهو مقرٌ لحاكم أبوظبي في أواخر القرن الثامن عشر عندما تأسس كحصن صغير حول بئر ماء في موقع استراتيجي، ويعتقد أن بناءه كان في 1761م عندما قام الشيخ ذياب بن عيسى بقيادة شعبه من مقر إقامتهم في ليوا إلى أبوظبي التي كان ينظر إليها مكانا مثاليا لرجال قبيلته. وثائق القصر ولفت الريس إلى أنه من بين المقتنيات الخاصة بالمركز عدد كبير من الوثائق التي عرفت بوثائق قصر الحصن ويعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من عام 1923م وحتى بداية حكم المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، ويتعلق الجزء الأكبر منها بفترة حكم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، ويحتفظ المركز في أرشيفه الخاص بالصور بعدد كبير من الصور لقصر الحصن في مراحل عديدة من تاريخه، وتوحي صور القصر المحفوظة في أرشيفات المركز بأهمية طرازه المعماري القديم. فالقصر المهيب عاصر أكثر مراحل تاريخ الإمارات ازدحاماً بالأحداث؛ والمنعطفات التي طرأت على حركة سير التاريخ في دولة الإمارات ومنطقة الخليج، وهو يشهد على إنجازات خالدة لحكام آل بوفلاح، وبذلك خلد مسيرتهم الرائدة التي أرست دعائم السياسة الخارجية للدولة، وتحولت بالمجتمع إلى واقع مفعم بالرفاهية والرخاء والاستقرار. وما يزال قصر الحصن شامخاً يربط الماضي بالحاضر، فيسرد قصص شيوخ آل بوفلاح حكام أبوظبي على مدار ما يقارب قرنين من الزمان، وقد كان لكل واحد من أولئك الشيوخ مساهماته في تحديد ملامح تاريخ المنطقة وما جاورها، وذلك بداية من الشيخ شخبوط بن ذياب بن عيسى. القلاع والحصون وقال : لقد مثلت القلاع والحصون عبر التاريخ ميزة للمدن والقرى في الإمارات، وهي بمثابة معاقل ومقارّ لإقامة الحكام، وكان قصر الحصن مركزاً للحكام من آل نهيان فهو عصب الحياة السياسية لإمارة أبوظبي، واتخذت بين جدران مجالس قصر الحصن القرارات المهمة، ورسمت السياسات الحاسمة، وفي ساحاته كانت تنتظم مجالس الحاكم وهو يستقبل أبناء مجتمعه، وقد خلد ذلك الرحالة الألماني بورخارت بقلمه وعدسته حين زار مجلس الشيخ زايد بن خليفة عام 1904م. ويبقى قصر الحصن المكان المثالي الذي يعد واحداً من أهم المعالم التاريخية التي تحكي قصة ابن الإمارات مع الأرض والتاريخ والأصالة والعراقة، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإمارة أبوظبي بدءاً من اكتشاف الماء العذب فيها، وتشييده في قلب العاصمة، وكان في الماضي برجاً أقيم لحماية بئر المياه العذبة التي اكتشفت عام 1761، ليصبح مع مرور الوقت مكاناً أثيراً يضم في جنباته عائلة الحاكم وحاشيته، وحصناً منيعاً في المدينة الصغيرة التي بدأت تتوسع بسرعة مذهلة لتصبح من أجمل وأروع المدن التي تجمع معادلة الأصالة والمعاصرة. رمز الأمجاد وقال مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث: إننا نعتبر قصر الحصن جزءاً من تراثنا الذي نفخر به، فهو رمز لأمجاد الآباء والأجداد، فالتراث امتداد السلف في الخلف، واستمرار مآثر الآباء والأجداد في الأبناء والأحفاد، ووعينا بتراثنا يدعونا إلى التطلع نحو غدنا الذي نريده مشرقاً كالصفحات المشرقة في تاريخنا. ويضيف الريس: علمنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- وهو الذي جعل التراث جزءاً من برنامجه السياسي أن نولي تراثنا اهتماما كبيرا، وما المهرجان الذي يقام احتفاء بالحصن إلا شكل من أشكال الاهتمام بهذا المَعلم التاريخي النفيس. وأضاف:إن القلاع والحصون من المعالم العمرانية في بلادنا، وهي تمثل إرثا عمرانيا صمد أمام عوامل الزمن وظلت له إيحاءاته، وبقي له تاريخه الذي ملأ ثغرات في التوثيق التاريخي للبلاد، فتاريخ الحصن هو تاريخ أبوظبي، وتوثيق تاريخ الحصن والقلاع والحصون والقصور الأخرى في الإمارات للأجيال هو واجب وطني نبيل، وقد دعا سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للوثائق والبحوث إلى عدم إغفال مئات السنين من تاريخ البلاد التي سبقت الاتحاد. ولفت إلى أن قصر الحصن سيظل بطرازه الفريد، وعمرانه التقليدي بين الأبنية العصرية الحديثة والشامخة حوله لوحة فريدة يهديها ماضينا المجيد إلى حاضرنا الزاهر، وعلينا أن نحافظ عليها، موضحاً أن قصر الحصن ظل بعد تشييده محط إعجاب الرحالة والمقيمين السياسيين الذين خلفوا وراءهم قصصاً مثيرة عن الحياة في أبوظبي، فالأميركي صمويل زويمر زار أبوظبي عام 1901م، وقد لفت نظره الحصن المهيب الخاص بالشيخ، وكان زويمر أول من التقط صورة فوتوغرافية للحصن، ولم تعكس هيبة الحصن حينذاك طبيعة التطور المعماري بل عكست ما تتمتع به مشيخة أبوظبي من سلطة سياسية وعسكرية على ساحل الخليج، وفي 1902 زار السير بيرسي كوكس أبوظبي والتقط عدداً من الصور الفوتوغرافية، وكذلك قام الرحالة الألماني بورخارت بزيارة الساحل المتصالح في 1904م، وأقام بضعة أيام ضيفاً على الشيخ زايد بن خليفة في أبوظبي، وقد كان منظر الرحالة الأجنبي وجهاز التصوير العجيب الخاص به مثار دهشة المجتمع حينذاك. تحفة من أهم مفردات التراث قال مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث بوزارة شؤون الرئاسة الدكتور عبدالله الريس إن روح المكان ومنزلته تستمد من مكانته التاريخية، ومكانة ساكنيه، ومن دوره في حركة عجلة الزمن، وما يتضافر في قصر الحصن من مزايا تجعل الحفاظ عليه كتحفة من أهم مفردات التراث في بلادنا وشكل من أشكال الحفاظ على الأصالة، وفي ذلك تعبير عن الوعي الوطني والوعي القومي، وصورة من صور التقدم والحضارة اللتين نحرص عليهما.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©