الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعديل القيم السلبية تجاه عمل المرأة يدعم دورها وصحتها النفسية

تعديل القيم السلبية تجاه عمل المرأة يدعم دورها وصحتها النفسية
8 مارس 2014 22:21
خورشيد حرفوش (أبوظبي) - عادة ما تقترن احتفالات اليوم العالمي للمرأة بالحديث عن عمل المرأة، وما ينطوي عليه من إيجابيات وسلبيات يقرنها هذا الفريق أو ذاك من المتحمسين والمناهضين لعمل المرأة. لكن مما لا شك فيه أن عمل المرأة بشكل عام يساهم في تنمية الأسرة والمجتمع معاً، لكن هناك نسبة كبيرة من النساء في البلدان العربية لا زالت متعطلة عن العمل لعدة أسباب، في مقدمتها العادات والتقاليد الاجتماعية، وطبيعة العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة. لكن التطور الاجتماعي والاقتصادي قد فرض على المرأة العمل للمشاركة في دعم ميزانية الأسرة والمساهمة في بناء المجتمع، كما أسهم ارتفاع مستوى التعليم في زيادة الوعي بين أفراد المجتمع، وبالتالي زيادة المعرفة والثقافة، وتحرير الأسرة من القيود، كما أن المرأة التي تختص بتربية أطفالها والعناية بهم، فهي في حقيقة الأمر تقوم بعمل منتج يساهم في عملية التنمية المجتمعية الشاملة. مما لا شك فيه أن العمل يجعل المرأة أكثر قوّة وأكثر قيمة في مختلف النواحي الواقعية والمعنوية. والمرأة لا تبقى ذلك الكائن الضعيف صاحب القدرات المحدودة والذي لا حول له ولا قوَّة. وإذا تحدثنا عن السلبيات المرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية نجد أن ذلك يرتبط بمدى مناسبة العمل لشخصية المرأة وقدراتها ومهاراتها، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه. وأيضاً، فإن العمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يساهم بشكل سلبي في صحة المرأة النفسية. تأثير القيم يقول الدكتور حسن المالح، استشاري الصحة النفسية: «في بلادنا لا تزال القيم الاجتماعية المرتبطة بعمل المرأة غير إيجابية عموماً. وفي ذلك تناقض كبير مع الواقع المعاش. حيث إن المرأة قد انخرطت فعلياً في ميادين العمل المتنوعة والضرورية، ولكن القيم الغالبة لا تزال تثمن عمل المرأة داخل البيت فقط. ويمكن لهذه الضغوط الاجتماعية أن تلعب دوراً سلبياً في الصحة النفسية للمرأة العاملة. والعمل المنزلي له أهميته الكبيرة ولا شك في ذلك. لكن الحياة المعاصرة بتعقيداتها المختلفة وتطوراتها ومتطلباتها قد ساهمت بتغير الصورة. وظهرت عديد من الأعمال الضرورية والأساسية والتي تتطلّب العمل خارج المنزل مثل الخدمات الطبية والتعليمية والأعمال التجارية والمؤسسات الخاصة بشؤون المرأة المتنوعة وغير ذلك في حياة المدينة الحديثة. كما أن المرأة لم تنقطع عن العمل خارج المنزل، بل استمرت فيه في البيئات القروية والصحراوية وفي أعمال الزراعة وتربية المواشي والأعمال الإنتاجية الأخرى المساندة. ولا بد من تعديل القيم السلبية المرتبطة بعمل المرأة وتأكيد أهميته وجوانبه الإيجابية وعدم إطلاق التعميمات الخاطئة أو السطحية حول عمل المرأة، مما يساهم في تخفيف الضغوط والتناقضات التي تواجهها المرأة في عملها وبالتالي يدعم صحتها النفسية. ومن السلبيات الأخرى المرتبطة بعمل المرأة زيادة المسؤوليات الملقاة على عاتقها في المنزل إضافة للعمل، وعدم كفاية التسهيلات العملية المساعدة مثل دور الحضانة في أماكن العمل وإجازات الأمومة وغير ذلك». تناقض ويضيف الدكتور المالح: «نجد أن بعض النساء لا يزلن يحملن قيماً متناقضة حول أهمية العمل وجدواه، مما يجعل حماس المرأة ونشاطها وجديتها في عملها هشاً وضعيفاً في مواجهة الضغوط الاعتيادية في العمل أو المنزل. فهي تتراجع بسهولة أمام الضغوط والعقبات والإحباطات ولا تستطيع أن تتحمل درجات عادية من التوتر القلق والتوتر. كما أن بعضهن يدخلن ميادين العمل بسبب التسلية أو التغيير، مما يعطي أبعاداً سلبية لعمل المرأة بالنسبة للمجتمع عموماً. ومن جهة أخرى، فإننا نجد أن المرأة العاملة لديها قلق إضافي حول مدى نجاحها في عملها وفي أدوارها الأخرى المسؤولة عنها. ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة خارج البيت وإلى الضغوطات والمعوقات الاجتماعية المختلفة إضافة إلى تركيبة المرأة الخاصة من حيث تأهيلها وتدريبها. مما يتطلب إعداداً وتدريباً ووقتاً كافياً كي تستطيع المرأة تلبية متطلبات الحياة العملية الكثيرة. أما الملاحظة الأخيرة فيما يتعلق بصحة المرأة العاملة من الناحية النفسية هي أن المرأة يمكن لها أن تضخم من تأثير الضغوط الحياتية والاجتماعية وغيرها، وأن تبقى مستسلمة وسلبية في مجال عملها وما يتعلق به من مشكلات. وهي بذلك تساهم في زيادة القهر الذي يكرس أوضاعها. ولا بد هنا من تأكيد دور المرأة في تشكيل الظروف والضغوط ونوعيتها. وفي ضرورة وعيها بمشكلاتها وظروفها والعمل على تعديل وإصلاح ما يمكن إصلاحه. والتكيف مع ما لا يمكن إصلاحه وتغييره». الاضطرابات النفسية يشير الدكتور المالح إلى الاضطرابات النفسية الشائعة لدى المرأة العاملة، ويقول: «لا يمكننا أن نقول إن هناك اضطرابات خاصة تصيب هذه الفئة من النساء دون غيرها. وبشكل عام فإن العمل يساهم في تحسن الصحة النفسية للمرأة، كما تدل عليه معظم الدراسات الغربية وعدد من الدراسات العربية، نظراً لإيجابيات العمل المتعلقة بالاستقلالية وتحقيق الذات، وازدياد السيطرة على الحياة والمستقبل من النواحي الاقتصادية والشخصية. ومن المتوقع في مجتمعاتنا أن الضغوط المتعددة التي تواجهها المرأة من النواحي الاجتماعية، وتناقض النظرة إلى عملها أن تتسبب في زيادة القلق والتوتر والإحباط وسوء التكيف واضطراباته. وتعد المشاكل الزوجية من المشاكل الشائعة لدى المرأة العاملة، وبعض هذه المشكلات يتعلق بعدم وضوح الأدوار والمسؤوليات التي يقوم بها كلا الزوجين. ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة في مجتمعاتنا وعدم وجود تقاليد خاصة تنظم وتحدد مشاركة الزوجين في أمورهما الحياتية من حيث المشاركة والتعاون في الأمور المالية وشؤون المنزل ورعاية الأطفال وغير ذلك مما يتصل بتفاصيل الحياة اليومية المشتركة». الحوار والتفاهم يكمل الدكتور المالح: «إن ما تقدم يتطلب ذلك مزيداً من الحوار والتفاهم بين الزوجين للوصول إلى حلول مشتركة مناسبة تتوافق مع الحياة العملية. وفي بعض المهن التي لا يزال ينظر إليها المجتمع بشكل سلبي شديد مثل التمريض والتمثيل وغيرها. يمكن لضغوط العمل نفسه مع الضغوط الاجتماعية أن تساهم في ظهور اضطرابات القلق والاكتئاب وسوء التكيف وغيرها. ونجد أيضاً حالات أخرى من الارتباك والخجل أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي عند عدد من النساء العاملات في مجال التدريس وغيره. حيث يتطلّب العمل إثبات الذات والتعبير عنها إضافة للمهارات اللفظية وضرورة الحديث أمام الآخرين وإليهم. كما أن حالات أخرى تجد صعوبات في اتخاذ القرارات والاعتماد على النفس. وتسبب لها بعض المواقف المهنية التي تتطلب قرارات عملية معينة قلقاً شديداً واضطراباً لأن تلك المواقف المرتبطة بالحياة العملية لم تتعود أن تتصرف فيها بنفسها. وهذا يعني أن العمل خارج المنزل يمكن أن يبرز عدداً من النواقص في مهارات المرأة وأساليبها التي لم تكتسبها سابقاً ولم تتدرب عليها بشكل مناسب». التقدم الاجتماعي إنعام المنصوري، الاستشارية الأسرية في العين، تؤكد أن عملية التقدم الاجتماعي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمرأة العاملة، حيث إنه كلما تطور المجتمع، زادت فرص المرأة في المشاركة في عملية بناء المجتمع، وذلك من حيث التمتع بحقوقها الطبيعية، وأن تخلف المجتمع ينعكس على وضع المرأة سلباً، وذلك باعتبارها تشكل نصف المجتمع، ونصف القوى البشرية، وبالتالي، فإنه إذا حجبت المرأة عن المشاركة في التنمية الاجتماعية الشاملة، فإنها تصبح مستهلكة لما ينتجه الرجل، والمعلوم أن هدف عملية التنمية هو إحداث تغييرات في المجتمع تطول المرأة والرجل معاً، ودحض ما يشاع من أن المرأة لا تستطيع تأدية العمل كما يفعل الرجل، والمشاركة في عملية التنمية الاجتماعية. وترى المنصوري أن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، هي أن المرأة قد شاركت الرجل في الماضي والحاضر في كل مجالات الحياة، ومن ضمنها المشاركة في صنع الرأي السياسي، ولها إسهامات مشهود بها في تطور المجتمعات الإنسانية، وأنها تساوت مع الرجل في الكسب المادي، حيث لا يفرق بينهما في الربح ولا في نتاج الأرض من الفلاحة، وليس صحيحاً القول بأن المرأة عالة على المجتمع، فالمرأة لديها الحرية في كسب الرزق كالرجل، والعمل يمثل الوسيلة الأساسية لتنمية الفرد في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبالتالي يتعين على المجتمع أن يستغل طاقات أفراده في كافة المجالات لرفع مستوى المعيشة وترقية المجتمع ذاته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©