السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب اللبنانية تنذكر ما تنعاد

الحرب اللبنانية تنذكر ما تنعاد
11 مايو 2008 00:34
في 13 ابريل من عام 1975 هربت ندى صحناوي من قذائف خطوط التماس ولجأت إلى حمام غرفتها، استراحت هناك على كرسي، تحتضن رأسها بين يديها بانتظار أن تنتهي عاصفة الرصاص في الخارج· هكذا مرت سنوات حياتها وهي تنتظر في الحمام توقف القصف لتخرج منه وتستأنف أيامها لتعود إلى الحمام من جديد عند تجدد المواجهات العسكرية· ومرت سنوات ما بعد الحرب فاختارت ندى العودة إلى الحمام مرة أخرى ولكن من باب الفن· لقد قضى اللبنانيون خمسة عشر عاماً تحت نيران القذائف والمتفجرات والقصف العشوائي طوال سنوات الحرب الأهلية، ولم يكن أماهم سوى الاختباء في الملجأ أو الحمام· كانوا يبحثون عن أكثر الأماكن أماناً الذي لم يكن يوجد إلا في الحمام بسبب مساحته الصغيرة وعدم وجود زجاج فيه قد يتطاير عند القصف فيقتل أو يجرح المختبئين فيه· بسبب هذه التجربة المريرة والاختباء لساعات طويلة في الحمام، قررت الفنانة ندى صحناوي إقامة تجهيز فني لعدد من الحمامات فاق المئتين في منطقة ''ستاركو'' في وسط العاصمة اللبنانية بيروت بعد أن تعالت الأصوات السياسية التي تنذر بعودة الحرب من جديد· ذكريات قاسية وندى التي كانت مراهقة أثناء الحرب الأهلية، قالت في حوار مع ''دنيا الاتحاد'' إنها ما زالت تخاف من الحمام الذي يمثل لها الرعب في سنوات الحرب· وأضافت: ''أتذكر عندما كان ابني صغيرا نائما في غرفته وأنا أقف في المطبخ أحضر له زجاجة الحليب، وإذ بالقصف المدفعي بين الفصائل اللبنانية يبدأ وطوال ساعات حاولت الوصول إليه حتى آخذه إلى الحمام لنختبئ فيه، بعد أن جهزته جيدا للبقاء فيه لساعات طويلة''· لا تنسى ندى الحرب، ولهذا قدمت العديد من الأعمال والتجهيزات الفنية المتعلقة بذكرى الحرب اللبنانية· ومع متابعتها المعطيات السياسية اللبنانية الراهنة خصوصا عندما بدأ السياسيون اللبنانيون يقرعون طبول الحرب منذ أشهر وتسلح بعض الأطراف السياسية شعرت، كما تقول، بالرعب والخوف من عودة الحرب وما واكبها من ويلات وعذاب· وبدأت تتساءل: لماذا يجب أن نضحي بجيل آخر مثل جيل الحرب الذي ضاعت حياته؟ لماذا يصبح أبناؤنا وقودا لحرب جديدة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل؟· من هنا تذكرت معاناتي وابني في الحمام والأيام والليالي الطويلة التي قضيناها بين جدرانه، فقررت عمل هذا التجهيز لأصرخ وأقول: كفى! وهذا هو دور الفنان أن يحاول من خلال عمل فني أن يحذر المجتمع من المخاطر التي قد يتعرض لها· لذلك أعتقد أن هذه الحمامات استطاعت من خلال شكلها التعبير بأبلغ صورة عن رفضنا لعودة الحرب من جديد''· ومن المفارقة أن كل زوار المعرض جلسوا على قاعدة الحمامات وكأنهم بجلوسهم هذا يؤرخون لحياتهم التي عاشوها على وقع القذائف، وليعلنوا في الوقت عينه بأنهم لن يحاربوا مرة أخرى· وهنا تقول صحناوي: ''أعتقد أن أهمية هذا التجهيز تكمن في كونه جزءا من ذاكرة الحرب الأهلية التي يجب أن تبقى في أذهان اللبنانيين حتى ''تنذكر وما تنعاد''! وقد دعونا محاربين قدامى ليروا ذكرياتهم في الحرب الأهلية وأيضا بعض الأفراد الذين أدلوا بشهادتهم ورووا يومياتهم خلالها ربما لتكون عبرة للبنانيين''· ندى التي تحمل على عاتقها عدم تكرار الحرب الأهلية قضية وشعاراً، واحدة من الفنانين الذين يناضلون حتى لا تتكرر عبر الدعوة لإنشاء دولة مدنية تكرس مفهوم المواطنة من خلال إعلاء دور الفرد وخلق مساحة للحوار بين اللبنانيين·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©