السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكوريتان: «الشمس المشرقة» توشك على الغروب

الكوريتان: «الشمس المشرقة» توشك على الغروب
22 يونيو 2009 02:51
لم تكد كوريا الشمالية تنتهي من إجراء أول تجربة نووية لها في أكتوبر 2006، حتى ظهر جنرال بثلاث نجوم (فريق) من «بيونج يانج»في موقع مجمع «كايسونج» الصناعي. كانت مهمة هذا الجنرال تنحصر في تهدئة أعصاب رجال الأعمال الكوريين الجنوبيين، الذين كانوا يستثمرون مئات الملايين من الدولارات في هذا المشروع التعاوني بين «بيونج يانج» و«سيول»، والذي يعتبر حتى الآن الرمز الأكثر نجاحا للتعاون الاقتصادي بين الكوريتين، والمحور الأساسي لسياسة «الشمس المشرقة»، التي بزغت عقب الاجتماع التاريخي بين «كيم جونج إيل» والرئيس الكوري الجنوبي «كيم داي جونج» عام 2000. بعد التطمينات التي تلقوها، قرر المستثمرون الكوريون الجنوبيون مواصلة تنفيذ خططهم الرامية لتوظيف 40 ألف كوري شمالي للعمل في مشاريعهم التي ستضخ ما قيمته 40 مليون دولار في شرايين الدولة الشيوعية الفقيرة. من ضمن هؤلاء المستثمرين«سونج كي- سوك» مدير شركة «كوريا مايكرو فيلتر» لتصنيع قطع غيار السيارات، الذي يستثمر 5 ملايين دولار في «كايسونج»، ويوظف 420 عاملاً وموظفاً كورياً شمالياً الذي كشف عن جانب مما قاله الجنرال:«لقد قال لنا إن تجربة القنبلة هي ذات مغزى سياسي فحسب وأن حكومته تساندنا تماما». وعندما فجرت كوريا الشمالية قنبلتها النووية الثانية في 25 مايو الماضي، لم يأت أحد إلى «كايسونج» لكي يُطمئنْ المستثمرين كما حدث في المرة الأولى، وهو ما يرجع إلى أن أهمية موضوع العناية بالمستثمرين قد تراجعت، بسبب المناورات السياسية الجارية في بيونج يانج، والتي تحكمها ثلاثة عناوين رئيسية هي اعتلال صحة «كيم يونج إيل»، وتجهيز ابنه لتولي الحكم من بعده، وتهميش الاقتصاديين جانباً مقابل العسكريين. حول ذلك يقول«سونج»:«لا بد أن هناك شيئا أكثر من المال يجري داخل كوريا الشمالية... وهو ما يجعل رجال الأعمال داخل كايسونج يعيشون في حالة من الهلع حقيقي». وأسباب هذا الهلع تتضاعف بمعدل أسبوعي، ففي يوم الثلاثاء الماضي طالبت «بيونج يانج» زيادة أجور العمال والموظفين الكوريين الشماليين العاملين في هذا المجمع بمعدل أربعة أضعاف، وهو ما يجعلها أكبر من مثيلاتها لدى العمال الفيتناميين أو الصينيين العاملين في مصانع مماثلة. ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث طلبت بيونج يانج زيادة في القيمة الإيجارية للمنشآت التي يقومون بتأجيرها للكوريين الجنوبيين الذين قاموا بتطوير هذا المجمع بمقدار ثلاثين ضعفاً. لم يوافق الكوريون الجنوبيون على هذه المطالب، وسيتم عقد اجتماع آخر بين الشمال والجنوب يوم الجمعة القادم لمناقشة هذه المسألة. والقلق في «كايسونج» لا يتعلق كله بالأمور المالية، ففي شهر مارس الماضي احتجزت كوريا الشمالية فنياًَ كورياً جنوبياً، كان يعمل في المجمع بتهمة انتقاد النظام الشيوعي في «بيونج يانج» ومحاولة إغراء النساء الكوريات الشماليات بالفرار إلى الجنوب. والقبض على هذا الرجل ورفض السلطات الكورية الشمالية الكشف عن مكان اعتقاله، كانا سبباً في بث الرعب في قلوب المستثمرين من أمثال «سونج» وجعلهم يحجمون حتى عن زيارة المصانع التابعة لهم. وبالإضافة إلى ما يدور في المجمع الصناعي، هناك الكثير مما يمكن أن يدور النزاع بشأنه في شبه الجزيرة الكورية: فبالإضافة إلى التفجير النووي الشهر الماضي الذي أدى إلى إصدار مجموعة جديدة من العقوبات ضد نظام «بيونج يانج» من قبل الأمم المتحدة، أطلق الشمال عدة صواريخ، ووعد بإطلاق أخرى غيرها، كما أصدرت المحكمة العليا في «بيونج يونج» حكماً على صحفيتين أميركيتين بالسجن لمدة 12 عاماً في معسكر للعمل، كما أعلنت الحكومة هناك أنها لن تتخلى أبداً عن أسلحتها النووية، بل وهددت بشن حرب«لا رحمة فيها» ضد جيرانها وضد الولايات المتحدة. كان لا بد أن يؤدي كل ذلك إلى مفاقمة القلق في «كايسونج»، وهو ما نتج عنه انسحاب أحد مصنعي الملابس من المجمع يوم الاثنين الماضي ليكون بذلك أول مستثمر يوقف عملياته هناك، لكنه لن يكون الأخير بالطبع بعد أن أصبح المستثمرون هناك أكثر حذراً في العمل، وأكثر إحجاماً عن توسيع أنشطتهم، كما بدأ كثيرون منهم ينقلون أعمالهم بالفعل إلى كوريا الجنوبية، أو الصين، أو فيتنام، ما أدى في مجمله إلى هبوط حجم الصادرات من المجمع الصناعي بنسبة 56 في المـئة في الشهور الأربعة الأولى من هذا العام وفقاً لإحصائيات «وزارة التوحيد» الكورية الجنوبية. ويقول «تشو بونج - هايون» الذي يعمل في قسم الأبحاث التابع للبنك الصناعي الكوري الجنوبي:«هناك موجة من الخروج الجماعي من هذه المنطقة ستبدأ عما قريب». ويضيف:«الأولوية القصوى لكوريا الشمالية في هذه المرحلة، هي التأكيد على قيادتها، وهو ما يعني بطبيعة الحال أن الاحتياجات السياسية والعسكرية سوف تتفوق في المرحلة القادمة على المكاسب الاقتصادية، وهو أمر يتوقع له أن يستمر لعامين أو أكثر إلى أن يتم الانتهاء من عملية التوريث السياسي». ويؤكد «تشو» أن الإغلاق الكامل لمجمع«كايسونج» سوف يكلف حكومة كوريا الجنوبية ومالكي الـ100 مشروع أو أكثر العاملة هناك ما لا يقل عن 11 مليار دولار في صورة خسائر مباشرة وغير مباشرة. ويقول «تشو» أيضا إنه إذا ما انسحبت الشركات الكورية الجنوبية من «كايسونج» بأعداد كبيرة فإن هناك احتمال أن تحل شركات صينية محلها في المجمع وهو ما سيؤدي إلى زيادة الاعتماد الكوري الشمالي على الصين بسبب انكماش تعاملاتها مع كوريا الجنوبية. بلين هاردين- سيول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©