الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين... خطوة على طريق «الحمائية»

الصين... خطوة على طريق «الحمائية»
22 يونيو 2009 02:50
لعل الأمر الجديد الذي أصدرته الحكومة الصينية، والذي يفرض ضرورة إنفاق أموال حزمة التحفيز الاقتصادي على البضائع الصينية فقط، يأخذ العالم خطوة إضافية على طريق حرب تجارية دولية خطرة بحسب رجال أعمال أجانب وبعض المحللين السياسيين هنا. ومن بين هؤلاء الذين يشعرون بالقلق جراء هذه الظاهرة «زو زياونيان» البروفسور بـ «مدرسة الصين وأوروبا الدولية للأعمال بشنغهاي» الذي يقول: «إنها علامة جديدة على الحمائية الكوكبية التي ستضر حتماً باحتمالات التعافي الاقتصادي». وهذا الأمر الحكومي الصادر في 26 مايو المنصرم، والذي تضمن قواعد تنظيمية نشرت بالتفصيل في صحيفة «تشاينا ديلي» هذا الأسبوع ينص على أنه «يجب على جميع المشاريع الممولة حكومياً شراء المنتجات المحلية إلا في حالة واحدة فقط وهي تعذر الحصول على تلك المنتجات لأسباب تجارية يمكن تبريرها بشكل منطقي». كما نص هذا القرار أيضا، على إلزامية الحصول على موافقة مسبقة على الواردات التي سيتم شراؤها من الأموال المخصصة لخطة التحفيز الاقتصادي التي حددتها الحكومة، لإعادة إنعاش اقتصادها والتي تبلغ قيمتها 586 مليار دولار أميركي. وقد قوبل هذا الإجراء بانتقادات عنيفة من جانب «غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي» التي يوجد فرع لها هنا، والتي حذرت في بيان لها من أن منح الشركات المحلية معاملة «تفضيلية» سوف «يرسل الإشارة الخطأ لمجتمع الأعمال المحلي والدولي، في الوقت الذي غدا فيه التعاون الاقتصادي مسألة ذات أهمية جوهرية لاستدامة التعافي الاقتصادي». ويتفق معظم علماء وخبراء الاقتصاد، على أن السياسات التجارية الحمائية كانت هي التي حولت انهيار الأسواق المالية الأميركية عام 1929 إلى ما عرف بـ «الكساد العظيم»، وأن قادة العالم ومنذ أن بدأت الأزمة الاقتصادية الحالية، قد تعهدوا أكثر من مرة بتجنب تكرار هذا الخطأ. ولكن على رغم هذا التعهد، فقد اتهم البنك الدولي أعضاء مجموعة العشرين التي تضم أكبر الاقتصادات العالمية، بفرض ما يزيد عن 50 إجراء تجارياً تقييدياً خلال الشهور السبعة الماضية. ومما يشار إليه في هذا السياق، أن الكونجرس الأميركي قد أرفق -بعد سجال عنيف- بنداً إضافياً بحزمة التحفيز المالي التي أعلنها الرئيس أوباما في شهر فبراير الماضي، ينص على ضرورة إنفاق أموال التحفيز على البضائع المصنعة في الولايات المتحدة، وعلى الخدمات المقدمة بداخلها طالما كان ذلك «متمشياً مع التزامات الولايات المتحدة كما هي محددة في الاتفاقيات الدولية». وفي ذلك الوقت اشتكى المسؤولون الصينيون بمرارة من «الحمائية» الأميركية والخطر الذي تشكله على الاقتصاد العالمي. وهناك مؤشرات أخرى أيضاً على تنامي الاتجاه «الحمائي»، ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية. ففي يوم الثلاثاء الماضي أصدرت حكومة ولاية «نيو ساوث ويلز» في أستراليا، قراراً بمنح الشركات المحلية معاملة تفضيلية على نظيرتها الأجنبية عند تقديم المناقصات اللازمة للحصول على العقود الحكومية. وفي بواكير الشهر الحالي كذلك، وافق «اتحاد البلديات الكندية» على إجراء مقاطعة مشتركة للمنتجات الأميركية في قرارات الشراء التي تصدر عن تلك البلديات. والمذكرة الصينية التي احتوت على القواعد الجديدة، والصادرة من قبل مجلس الوزراء الصيني، ولجنة التنمية والإصلاح القوية، وسبع وزارات أخرى، تضمنت ما يفيد أن تلك القواعد كانت ضرورية من أجل تصحيح التحيز لصالح الموردين الأجانب. ولتوضيح هذه النقطة يقول «زيانج سونزيو»، الاقتصادي المستقل، إنه على رغم أن المصنعين الصينيين عادة ما يعرضون أسعاراً أقل في المناقصات «إلا أن المشاريع المملوكة من قبل الدولة لديها ميل لشراء البضائع الأجنبية، لأن العروض التي تقدمها تلك الشركات تتيح الفرصة للمسؤولين التنفيذيين الصينيين للسفر للخارج والحصول على عمولات». ولذلك يرى «زيانج» أن الغرض الأساسي للوثيقة التي أصدرتها الحكومة الصينية مؤخراً في هذا الشأن هو «مواجهة الفساد». ويقول هذا الاقتصادي إن الضغط من أجل الحمائية يتنامى في الصين، ولكن اللافت أنه لا يأتي من قبل العمال الذين يخشون فقدان وظائفهم، كما هي الحال عادة في الدول الغربية. وما يحدث بدلا من ذلك -على حد قوله- هو أن «الكثير من الشركات، وبشكل رئيسي شركات التصدير الخاصة، تشتكي للحكومة بسبب فقدانها للأسواق الأجنبية، ولأنها تحتاج إلى المزيد من الطلب المحلي. فهذه الشركات ترى أن حزم التحفيز الاقتصادي التي تطلقها الدول الأخرى تشجع شركات تلك الدول على شراء البضائع المحلية، والاستعانة بالعمال المحليين، وتتساءل عن الأسباب التي تحول بين الحكومة الصينية وبين اعتماد سياسات مماثلة». بيتر فورد- بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©