الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أول خطوة على الطريق جيل قارئ .. مشروع المستقبل

أول خطوة على الطريق جيل قارئ .. مشروع المستقبل
16 يناير 2016 01:16
استطلاع: منى الحمودي، محمد الأمين، ناصر الجابري، عمر الأحمد القراءة مفتاح المعرفة والعلم والثقافة والاستنارة، وتقدم الحضارات والأمم، وأولى الوصايا القرآنية، فالأمة التي لا تقرأ تتخلف وتسبقها الأمم. وتعد مبادرة «عام 2016.. عام القراءة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، مؤخرا، خطوة جديدة لترسيخ ثقافة العلم والمعرفة والاطلاع على ثقافات العالم من جانب المواطنين والمقيمين. «».. استطلعت آراء أفراد من المجتمع حول القراءة في حياتهم، وما الكتب التي تستهويهم، وكيف يوفقون بين تسارع الحياة والمطالعة، وما مقترحاتهم لتعزيز ثقافة القراءة؟. في البداية، تقول سارة أحمد: أثناء الدراسة في المدرسة، كانت هناك حصة مخصصة للقراءة، نقرأ فيها كتاب القراءة المخصص لمادة اللغة العربية.. أثناء القراءة يتضح للمعلمة مدى ضعف القراءة وقوتها لدى الطلبة، ويتوقف الأمر عند ذلك، ولا تتم معالجة ضعف القراءة، غير أنه في الحقيقة فإن المعلم بيده أن يرسخ للطلبة مدى أهمية القراءة، ويجعل الطالب يدرك أنه بالقراءة يرقى فكرياً واجتماعياً. وأشارت إلى أن المناهج المدرسية التي تعتمد على الحفظ والتعليم النظري، تجعل كثيراً من الطلبة ينشأون على عدم حب الكتاب، وعندما تحاول تشجيع البعض على القراءة يكون ردهم بأنهم اكتفوا بالكتب المدرسية ولا يريدون قراءة غيرها؛ لذلك يجب تخصيص وقت للمطالعة في المدرسة لكتب غير الكتب المنهجية، تحتوي على صور ومواضيع شائقة، ومواضيع من واقع الحياة، ومن ثم يُطالب الطالب بتقديم ملخص عن الكتاب الذي قرأه، وتكريم الطالب المتفوق في هذا الأمر، فهذا الأمر من شأنه أن يحفز الذهن والعقل، على الاستمرار في القراءة وليعتاد الطالب منذ الصغر القراءة اليومية. المشاغل والكسل وترى لطيفة محمد أن القراءة تحتاج إلى الوقت والتركيز والتفرغ تماماً من أي ارتباطات يومية، ولكن المشاغل والكسل هما السبب الرئيس لابتعادنا عن القراءة، ولربما أصبحنا في زمن نفضل فيه قراءة جميع ما هو مختصر في جملة أو جملتين، فأصبحت القراءة شبيهة بالوجبات السريعة الجاهزة لنملأ بها عقولنا بدلاً من التأنِّي والتمعن والتعلم والتفكير والانتقاد. وقالت، إن انتشار الكتب عبر «الإنترنت» وتصفحها ساهم أيضاً في تخاذلنا عن القراءة، وعدم رغبتنا فيها، وذلك لاختفاء لذة القراءة والإحساس بها، فهي ليست مثل الورق، لذلك فإنها ترى أن مبادرة «عام 2016.. عام القراءة» هي بالفعل أول خطوة على الطريق لتأسيس جيل قارئ. الكلمات تاهت والمعاني ضاعت ويقول خالد النقبي، لم نعد نجد الكلمات التي نحسن بها التعبير، ولم نعد نجد الوصف والحلول للمواقف والمشكلات التي تواجهنا، وذلك لأننا ابتعدنا عن القراءة التي من الممكن خلالها أن نجد الكثير من الأمور التي لم تخطر على بالنا، ولم نكن نعرف عنها. ولو سألت بعض الشباب أو الشابات عن آخر وقت قرأوا فيه كتاباً، بكل تأكيد سيكون جواب بعضهم قبل سنتين أو ثلاث وحتى خمس سنوات، ولربما يكون الكتاب المدرسي هو آخر ما قرأوه. وأشاد النقبي بمبادرة «عام 2016.. عام القراءة» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مؤكداً أهميتها في هذا التوقيت بالذات وقال: أصبحت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي تقدم فكراً سطحياً غير مكتمل، وبرامج تجارية ذات مضمون تافه وسطحي لجذب المشاهدين والمستمعين.. لماذا لا تتبنى القنوات المحلية المرئية والمسموعة برامج يومية لمناقشة كتاب وإعطاء المشاهدين والمستمعين فكرة عنه لإشعال حماسهم وتحفيزهم لقراءته، وإن لزم الأمر عمل مسابقة تتضمن بعض المعلومات التي تمت قراءتها عبر الكتاب؟ وتقول علياء سعيد، في إحدى المرات سألت شخصاً لديه ثقافة واسعة ولديه العديد من الكتب، حول الكتب التي يمكنني قراءتها حتى أصل إلى شخصية مثقفة وواعية مثل التي يمتلكها، فأشار عليّ بكتب قيمة عدة، وعندما ذهبت إلى دور النشر للسؤال عنها، للأسف لم تكن متوافرة، والمتوافر لديهم هو الروايات الغرامية والروايات الشخصية ومعظم الرواة صغار في السن لا يملكون أي خبرة، وأخرى للطهي والسحر، وكتب للنكت! وعند زيارتنا للمعارض، ترى بعض العارضين ليس لديهم علم بالكتب التي يبيعونها، وآخرين يروجون للروايات الغرامية التي أصبحت محل اهتمام جميع الشباب والشابات مؤخراً، فتراهم يضعونها في مقدمة العرض لديهم، وعندما تسألهم عن كتاب ذي قيمة يكون جوابهم أن هذه الكتب لم يعد يقرأها أحد. فأصبح الشباب والشابات يقرأون الكتب السطحية والروايات التي عادة لا تحمل معنى هادفاً ولا مضموناً، ناهيك عن المفردات واللغة التي تمت كتابتها بها، فهي تحتوي على كلمات عامية لا تضيف للقارئ أي فائدة لغوية. القيمة اختفت ومن جانبها أشادت فوزية سرور بمبادرة «عام 2016.. عام القراءة»، وقالت : لم نعد نشعر بقيمة الكتب في حياتنا، ولم يعد هناك شعور بالحاجة للقراءة، ويعود السبب لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي تنشر كل الأمور بشكل مختصر، ونستطيع معرفة ملخص كتاب بأسطر عدة، وبالتالي نفتقد لذة الإحساس بالمشاعر التي يحتويها الكتاب بين أسطره. كما أن هناك غياباً لثقافة الكتاب والقراءة عن المناهج الدراسية والبيوت، لم نعد نهتم بالقراءة؛ لأنه بالأساس لا يوجد ما يشجع عليها. وأضافت أن أسعار بعض الكتب مبالغ فيها، فهناك معوقات مادية لا تسمح للكثيرين بشراء الكتاب، خصوصاً أن في معارض الكتب تجد العارضين يبالغون في أسعارهم. تقول منى علي، في طفولتي كنت أنتظر وصول إخوتي من المدرسة بصبر نافد لأستعير أحد كتبهم المدرسية لقراءتها، أو أنتظر أن يأتي والدي بالصحيفة اليومية حتى أقرأ العناوين المكتوبة بالخط العريض، فهي التي علمتي القراءة، وكونت لديّ حساً لغوياً أفضل، وهو الأمر ذاته الذي حدث مع أغلب من كانوا في زمننا القديم الذي لم تكن التكنولوجيا متوافرة فيه مثل الوقت الحالي، فالآن أصبح الصغير لا يقرأ فقط بل يشاهد الحركة، وترى الأهالي يشتكون ضعف المخرجات اللغوية لدى أبنائهم ممن أكملوا السادسة من أعمارهم، والسبب في ذلك واضح وضوح الشمس، وهو غياب القراءة عنهم، لم يجدوا ما يقرأونه وهذه هي النتيجة. مفتاح الرقي يقول حامد المرزوقي، القراءة مفتاح الثقافة التي ترقى بها الأمم وتتحضر وتتقدم، بل هي التي تصنع شخصاً مثقفاً واعياً متحضراً، فالجيل الحالي تكونت لديه فكرة مغلوطة حول المثقف، فأصبح يرى جميع الإعلاميين مثقفين، وذلك لأنهم يجيدون القراءة على الشاشات، ولا يهتم لمضمون ما يقدمه الإعلامي، فهناك إعلاميون تشعر بقوة ثقافته وعمق فكره من خلال حواره والبرامج التي يقدمها، في حين أن هناك إعلاميي الشكل والوجه الذين تستشعر سطحية تفكيرهم وأسلوبهم غير الجذاب وركاكة مفرداتهم، والسبب في النهاية يعود لمن يقرأ ويمتلك المخزون من القراءة. وترى مريم جمعة أن قدوة الجيل الحالي أصبحت من الفنانين ولاعبي الكرة والإعلاميين، وأغلبهم لا يشعر بمسؤولية ذلك، فترى الفنانين يهتمون بوضع صرعات الموضة من الملابس والمكياج، وأمور تافهة أخرى لا تعمل إلا على تشويش عقل الجيل، وجعل هدفه في الحياة أموراً لا تزيده علماً ولا نفعاً؛ لذلك يجب على الفنانين والإعلاميين وغيرهم ممن يمتلكون قاعدة جماهيرية واسعة أن يكونوا قدوة لمن يتابعهم، وأن يبدأوا بأنفسهم، ويشجعوا غيرهم على العادات الحسنة ومنها القراءة. السرعة يقول حسن أحمد، إن المجلات والروايات القصيرة عملت على أن يعتاد الناس القراءة السريعة، ليتحول أمر قراءة الكتب إلى أمر ممل وصعب، وأصبح الأغلب يقضي وقت الفراغ في متابعة التلفاز أو اللعب بالهاتف أو النوم، وبات يضيع وقت الفراغ بلا هدف أو فائدة. التأسيس ولفتت عذاري خلفان إلى أن القراءة تعتمد على التأسيس، وينعكس هذا التأسيس على الشخص من خلال حديثه والتحاور معه، فالقراءة بكثرة تخلق مخزوناً يسكن في ذاكرة الشخص، وتولد لديه المفردات والمفاهيم والعبارات، أصبحنا لا نمتلك الارتجال في الحديث، وذلك لعدم وجود مخزون لدينا، وقراءتنا غير صحيحة؛ لأنها أصبحت سريعة، وأصبحت أعيننا وعقولنا عبارة عن ماسح ضوئي تمر على الجملة بصورة خاطفة دون التمعن والتأنِّي في القراءة؛ لذلك على الوالدين الاهتمام بقراءة الطفل لتوسيع خبراته الثقافية، ويمكنها أن تحقق له التسلية والمتعة، ويصبح الطفل قادراً على التحدث بكل جرأة، كما أن يصبح متمكناً في الكتابة. وقالت: عندما يقارن الشخص الذي لا يقرأ نفسه وبين من يقرأ من أهله وأصدقائه، سوف يكون قادراً على معرفة الفرق الهائل بينه وبينهم في المستوى الثقافي، وأسلوب الحوار واستخدام المفردات، بالإضافة إلى العلم والمعرفة. أفكار سلبية وقال حمد الهنائي: أسباب عزوف الشباب عن القراءة، تعود إلى وجود فكرة سلبية حول كل قارئ، فيوصم المثقف بـ«المعقد»، الذي لا يجيد التعامل في المناسبات الاجتماعية، وبالتالي كان هناك ربط خاطئ ما بين عيش فترة الشباب بكل ما فيها من جوانب ممتعة، والثقافة. وأضاف: «السبب الآخر الذي أدى لابتعاد الناس عن الكتب، هو سوء انتقاء الكتاب المناسب، فيقع ضحية كتاب مملوء بالتعبيرات الصعبة التي لا ترقى لمستوى فهمه؛ ولذلك نرى خوف الكثيرين من شراء كتاب لا يتناسب مع ذائقتهم الأدبية، هذه الصورة النمطية السلبية عن الكتب مردها إلى كتّاب يتعمدون استخدام مصطلحات لا تتوافق مع المستوى العام للمجتمع». وتابع: «من وجهة نظري، ترسيخ مبادئ القراءة عند الأطفال هو الأهم، من خلال تخصيص أوقات لتعلم مهارات القراءة، وإنشاء مكتبات عامة توفر الجو المناسب للاسترخاء والهدوء». واقترح الهنائي أن يتم إدراج القراءة كمطلب من متطلبات التخرج في المرحلتين الثانوية، والجامعية، بحيث يتم إلزام الطالب بقراءة عدد معين من الكتب، وتلخيصها للاستفادة منها. مميزات بدورها، قالت الدكتورة موزة الخيال، «أفكاري لتعزيز الثقافة»، تكمن في دمج القراءة بمهنتي كطبيبة أسنان، أي أن يتم منح الأولوية للقارئ في الحصول على موعد قريب في المستشفيات الحكومية، فيقدم ملخصاً حول كتاب ليحصل على هذه الفائدة، بينما في المستشفيات الخاصة سيكون من المجدي وجود خصم محدد لتكاليف العلاج للقراء. وأشارت الخيال إلى أن السبب الذي يقف خلف العزوف عن القراءة هو عدم تعزيز أهمية القراءة في أيام الصغر، فكل ما كان في المدارس هو كتب مدرسية علمية بحتة لا تخاطب الجانب الروحي عند الطلبة، فكانت تبعدهم عن القراءة عوضاً عن تقريبهم لها. حصص القراءة من جانبها، قالت موزة عوض: «كل ما أتمناه أن تُكثف مجالات القراءة في كل مقر، ووظيفة، وأن تعاد حصص القراءة الإجبارية في الفصول الدراسية، بالإضافة إلى تخصيص منشورات، أو إعلانات بشأن القراءة، خاصة في وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي». وحول أسباب قلة القراءة، أشارت إلى أن السبب الرئيس هو العالم الرقمي، والأجهزة الذكية، وقلة الوعي وإدراك الأسر بأهمية القراءة، وتقليص حصص القراءة، وزيارة مكتبة المدرسة. أسباب واقتراحات من جانبه، أشار صالح بن هلابي إلى أن الأجواء المنزلية تلعب دوراً في تحبيب الأبناء في القراءة، ففي حالة وجود أب وأم من محبي القراءة، ويمتلكون مكتبة تحتوي على مخزون ثقافي عميق، فحينها سيتجه الأبناء نحو القراءة، والتشعب في الحكايات، والمعلومات، مضيفاً أن التقليل من مشاهدة البرامج التلفزيونية مهم، فالكثير يفضل متابعة برنامج على حساب قراءة كتاب ممتع. وأضاف: «ما يقع فيه بعض الآباء هو إجبار الابن على قراءة كتاب محدد، ينتمي لخلفية فكرية معينة تناسب الآباء، متناسين أهمية الاستماع إلى ما يطلبه الابن من كتب، واهتمامات، فليس هناك أحد يعرف ما يريده القارئ إلا القارئ نفسه». الجهات التعليمية وحول دور الجهات التعليمية، قال «الجهات التعليمية مقصرة، وذلك لعدم تخصيص وقت للقراءة الحرة من كل أسبوع دراسي، بحيث تتاح للطالب حرية اختيار نوع الكتاب الذي يود قراءته من كتب علمية، إلى قصص خيالية، ومناقشتها في الحصة المخصصة». ولفت إلى أن أهم اقتراحاته لتعزيز القراءة تتمحور حول وجود المكتبة المنزلية المجانية لجميع مواطني الدولة، بالإضافة إلى بناء مكتبات عامة كبرى تحتوي على مختلف أنواع الكتب بالقرب من المنازل، فالمكتبات في الأحياء السكنية لا تحتوي إلا على ما يتعلق بأمور المدارس مثل الملفات، وأوراق المراجعة. وأوضح: «أيضاً من المهم وجود مرافق متنوعة في المكتبة، أي يتم تصميم المكتبات بشكل جذاب، يناسب الأعمار كافة»، مشيراً إلى وجود بعض المكتبات التي جمعت ما بين مفهوم «المقهى»، والمكتبة، في قالب جديد يسمى المقهى الثقافي، مضيفاً أن الكثير من مرافق الجامعات، والمدارس توضع في جدرانها اللوائح، والإرشادات، وتساءل: لم لا توضع أيضاً اقتباسات من كتب علمية، وأدبية؟ فوجود الاقتباسات، مع تحديثها بشكل مستمر، سيجذب أكبر عدد من شريحة الطلاب. أهمية التعود بدوره، اقترح عبدالرحمن عبدالله المرزوقي قيام المؤسسات التعليمية بتوزيع الكتب المفيدة، والقصص القصيرة على الطلاب، يتم من خلالها وضع جوائز لكل طالب يستطيع الإجابة في اختبار خاص حول هذه الكتب، موضحاً أن التعود هو النقطة الأولى، فمن يُغرس في صغره حب القراءة، فإنه سيكبر على حبها لاحقا. ويشير المرزوقي إلى أن العزوف عن القراءة يعود إلى انشغال الناس في أمور أخرى معظمها ترفيهي، فهم يفضلون الخروج من المنزل لمشاهدة فيلم، أو متابعة مسلسل درامي، عوضاً عن استغراق الوقت بين صفحات كتاب. ولفت إلى أهمية التسويق للكتب، فمعظم الكتب لا يتم تسويقها بشكل جيد من دور النّشر، فوجود إعلانات للكتب في وسائل الإعلام، وتسليط الضوء على مؤلفيها سيفتح المجال للكثيرين بدافع الفضول إلى التعرف إلى تلك الكتب. واقترح المرزوقي وضع قواعد معينة للبحوث الجامعية تلزم الطالب بالحصول على المعلومة عن طريق الكتب، بدلاً من المواقع الإلكترونية، والمقالات، فربما من قراءة كتاب لغرض كتابة بحث، يتحول ذلك إلى شغف بالكتاب، وبمجال القراءة بشكل عام. مكتبات متنقلة من ناحيته، قال فهد راشد الكلباني: العلم ليس مجرد قراءة، نحن في 2016، والعلوم فيه متنوعة وكثيرة ومتسعة، والعلم مثل الحب لا ينتهي، فالعلم حياة من الولادة حتى الوفاة، ومن أراد تعزيز ثقافة القراءة عليه أن يعزز حب القراءة في نفسه أولاً وفي غيرة ثانياً. وأضاف: من الأفكار التي أقترحها وضع مكتبات متنقلة في الحدائق والأماكن العامة، كذلك تعزيز القراءة في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تجذب الشباب، بحيث يتم وضع معلومات قيمة، وحديثة، وجديدة تنمي فيهم حب الاطلاع والاستفادة من الكتب التي تم اقتباس منها المعلومة. ضرورة لا رفاهية وقال محمد العبدولي: القراءة ضرورة لا رفاهية، فهي توسع مدارك الأفق، وتفتح الباب لتوالد الأفكار، والبعض يعتقد أن كثرة القراءة تدل على وجود وقت الفراغ الطويل، مضيفاً أن أحد أسباب العزوف عن الاتجاه نحو الكتاب هو أن معظم مواضيع الكتب لا تفي برغبات الناس، فهم يبحثون عن كتاب ممتع، يستفاد منه، لا مجموعة من الأوراق التي لا طائل منها. وأشار إلى أن هناك فئة تستصعب القراءة بسبب عدم بث روح القراءة فيهم في أيام الصغر، مقترحاً وجود تحدٍ يكرَّم فيه أكثر من قرأ خلال العام، وأيضاً تخصيص حصص مطالعة لصغار السن، بالإضافة إلى استخدام إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي التي تحث على القراءة. عناوين جاذبة وتابعت: هناك دور أيضاً على الكتاب يكمن في وضع عناوين تجذب القراء، ووضع مختصر مفيد في الصفحة الأولى للكتاب، فالمقدمة تجذب القارئ على الاستكمال. ورش عمل ويرى عبدالله طالب أنه من المهم وجود ورش توعوية لأناس استفادوا من القراءة في بناء مستقبلهم ومشاريعهم الخاصة، للتعرف من قرب إلى التجارب الواقعية الملموسة، التي كانت فيها القراءة المفتاح لتحقيق النجاحات، مشيراً إلى أن سبب العزوف أن القراءة تتطلب طاقة وصبراً، وتركيزاً أضعاف الطاقة المطلوبة عند مشاهدة التلفاز، فتجد الشخص يفضل مشاهدة الفلم المقتبس عن الرواية، على أن يقرأ الرواية كاملة. دور الإعلام قال عبدالله المرزوقي: دور الإعلام محوري في تسليط الضوء على كل ما يختص بالثقافة، فحث الناس على القراءة في النشرات الإخبارية، والمقالات الصحفية، سيؤدي إلى وجود وعي عام بالقراءة، وتأثيرها على المجتمع. وأضاف: توزيع عدد معين من الكتب سنوياً على الأفراد، ومقار العمل الحكومية، والخاصة، سيرغب المزيد من الناس، فمبادرة ثقافة بلا حدود في الشارقة استطاعت أن تجمع الأسرة المواطنة حول الثقافة، والكتاب. الجيل الحالي وأشار محمد الشامسي إلى أن الكثير من الجيل الحالي لم ينشأ على فكرة أن القراءة مطلب ضروري، أكثر منها هواية في أوقات الفراغ، فهؤلاء لم يحصلوا على التوعية، والتوجيه، والتربية التي تؤكد دور القراءة في بناء الشخصية، والوصول إلى أعلى المراتب وغرس مثل هذه المفاهيم يحتاج إلى إعلام مستنير يغرس بذور حب القراءة في نفوس النشء «إعلام مقروء ومرئي»، وحتى تخصيص جانب من التوعية في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال مجموعة من الإعلاميين المتخصصين. ويلفت إلى أنه ورغم ضعف التوجيه الذي كان في الصغر، إلا أن حب القراءة فطري لدى البعض، فهم يرغبون في الاستزادة من خبرات الآخرين، والتجوال في عقولهم، والتبحر في أفكارهم، واستكشاف المزيد عن شؤون الحياة. وأضاف: دور الآباء يكمن في حث الأبناء، وتعليمهم، وإرشادهم نحو أفضل الكتب التي تتوافق مع اهتماماتهم، وهذا لن يكون إلا بتعليم الآباء أولاً أهمية وجود المجتمع القارئ، واقتناعهم بذلك. ويؤكد الشامسي أن أذواق القراء تختلف من شخص إلى شخص، ومن فئة إلى فئة، وبالتالي يجب تنويع الكتب المطروحة في المدارس، بحيث تشمل جميع الأنواع مثل الكتب التاريخية، والوجدانية، والروايات، والمذكرات. فعاليات سنوية للقراءة قال محمد عبدالله، أنا معدل قراءتي للكتب قليل، لأسباب عدة، منها ضيق الوقت. وقال: «يومي ينتهي بسرعة، إذ إنني لا أجد الوقت الكافي لقراءة صفحة واحدة» وأضاف: دخول المواقع الإلكترونية إلى عالمنا أخذ مكان الكتب، فأصبحت المواقع الإلكترونية هي الحل لكل مسألة مجهولة، ومحرك البحث لكل معلومة مفقودة، كما أن سهولة البحث عن معلومة عبر محركات البحث كـ «جوجل»، أحد أسباب سحب البساط من الكتب التقليدية. وذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً لها دور في إهمال البعض للقراءة، وقال: «مواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها في الوقت الحالي، فأصبح البعض يفضل أن يقضي وقته في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي على قراءة كتاب، رغم أن الكتاب غني بالفائدة، إلا أن التواصل الاجتماعي يتميز بالحداثة والتنوع». من خلال ابتعاثه للدراسة في الولايات المتحدة، يشرح محمد بعض المبادرات التي شاهدها خلال فترة دراسته، إذ يقول: «شاهدت مبادرات عديدة ومفيدة للتشجيع على القراءة في أميركا، منها فرز تصفية الكتب في المكتبات، واختيار مجموعة لجعلها مجانية، ووضعها عند بوابة المكتبة لجذب الزوار وتشجيعهم على اقتناء هذه الكتب، كما أن الجامعة التي كنت أدرس فيها تحتوي على 19 مكتبة على عكس جامعاتنا المحلية في الدولة التي تحتوي كل جامعة على مكتبة واحدة فقط، مما يساهم في إهمال الطلاب القراءة، وأيضاً لاحظت من خلال دراستي في أميركا إقامة مهرجان سنوي للكتاب في كل جامعة تُعرض فيه الكتب في شتى المجالات بأسعار زهيدة». وأشار إلى دور الإعلام في تعزيز وتنمية ثقافة القراءة، ونشرها في مجتمعنا، مقترحاً تسليط الضوء على الكتب المفيدة والمهرجانات والمعارض، على غرار المناسبات الرياضية والسينمائية، وأيضاً من خلال الإعلانات والدعايات، كحال المنتجات التي تعرض في وسائل الإعلام. القراءة تبدأ من البيت قال خالد عبدالرحمن، إن القراءة تنمي معرفة الإنسان.. أعني قراءة مواضيع مفيدة، وكتب بعيدة عن الأفكار السوداوية والمتشددة والإلحادية، التي تدمر عقل الإنسان وتؤدي إلى انحراف الفرد عن العرف الديني والمجتمعي، من الكتب التي أقرأها، الكتب الدينية التي تعزز الوازع الديني لدى الفرد، والكتب العلمية التي تنمي العقل وتوسع المعارف، والأدبية كذلك مثل الشعر، سواء كان الشعر النبطي أو الفصيح، ولا أستغني أيضاً عن الحكايات والقصص القصيرة التي تحمل الحكم والمواعظ، كما أنني أقرأ أيضاً كتب تطوير الذات، كالكتب التي تنمي مهارة إدارة الوقت والثقة بالنفس والتحدي وتحويل الفشل إلى نجاح. وأشار خالد إلى أن تنمية ونشر ثقافة القراءة تبدأ من البيت، إذ قال: ينبغي على الوالدين أن يحرصوا على نشر ثقافة القراءة بين أبنائهم، فالأسرة هي نواة المجتمع، وعلى الأجيال القادمة أن يحرصوا على القراءة، ليكونوا قادرين على مواجهة تحديات الحياة، وعلى الوالدين إيجاد أساليب إبداعية في تشجيع الأبناء على القراءة، لكي يحظى وطننا الغالي بمجتمع مثقف وواعٍ، قادر على مواصلة مسيرة البناء والتقدم ويلبي تطلعات قيادتنا الرشيدة. واقترح أيضاً وجود مكتبة غنية ومتنوعة في كل بيت تحمل كتباً ومجلدات في مجالات عديدة لكي تستفيد منها الأسرة وتتشجع للقراءة. الاهتمام بشرح المحتوى رأت آمنة المهيري، فترى أن عزوف البعض عن القراءة يأتي لخلو بعض الكتب العربية من المواد التحفيزية والتشجيعية. وتقول: أرى في الكتب غير العربية تحفيزاً، فترى الصفحات فيها الصور التعبيرية والأشكال التي تشرح المحتوى وتسهل من فهم القارئ للكتاب، كما أن «الحشو» في بعض الكتب العربية تنفر القارئ، ترى أحياناً المعلومات قليلة والحشو يكون أكثر في الكتاب. وذكرت أيضاً أن الكتب اليابانية تعد من أسهل الكتب وأبسطها للقارئ. وتقول المهيري: إن الكتب اليابانية تتميز ببساطتها في طريقة الشرح، رغم أن محتوى الكتب تقني بحت إلا أنها تشرح المحتوى بطريقة مفهومة وغير معقدة. مسابقات مدرسية قال عمر المنهالي، إن الأجهزة والألعاب الإلكترونية، والتهاء الناس بوسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا، وغياب دور الأسرة الجامعة، ونموذجية المثقف، ووجود نجوم لم تأتِ نجوميتهم من خلال العلم والمعرفة، من الأسباب القوية التي أدت بالناس للابتعاد عن الدراسة. واقترح المنهالي، تنظيم مسابقات مدرسية شهرية داخل كل مدرسة، وبين مدارس الأحياء كل ثلاثة أشهر، ثم الإمارة خلال ستة أشهر، فالإمارات كلهافي نهاية العام الدراسي، كما اقترح جائز تشجيعية للأسرة القارئة وجائزة للمؤلفين من الأطفال حتى يتم التأسيس لجيل يقرأ ويستشعر أهمية القراءة. كما دعا إلى إحياء قيم تبجيل المثقفين من المجتمع والعودة إلى نموذجيتهم، مؤكداً أننا الأمة الأقل قراءة في العالم، وذا قرأنا فننا نقرأ التفاهات من كتب عن الأبراج والتنبؤات وكتب الطبخ والموضة. من جهته، أكد محمد المنهالي أن عدم أخذ الأسرة دورها هو سبب الابتعاد عن القراءة، وهي في نظري ضرورة من ضروريات الحياة، خاصة في ظل في هذه المتغيرات التي يمر بها الإنسان العربي بشكل خاص، وهي ظروف تتطلب مجتمعاً واعياً بأهمية القراءة في حياته العامة والخاصة؛ نظراً لحاجة الأمة إلى رواد يؤسسون تطلعاتهم على معلومات علمية قادرة على مساعدتهم في الإبداع، بعيداً عن ثقافة الفضائيات الموجهة والمركبة والمشوهة في آنٍ. وقال جاسم محمد خميس الزيودي، إن توافر التكنولوجيا السريعة والأخبار الموجهة السهلة أبعد الناس عن القراءة، وأقترح أن نبدأ من التعليم الأساسي، وفرض حفظ بعض المواد كالقرآن الكريم، ومساعدة الطفل في تكوين عادات القراءة من خلال البحث عن الأعمال المهمة التي تنسجم مع هواياته وتوجهاته التي تحوي قيمة ثقافية، وتقدم شيئاً جديداً للقارئ، وتساعد في تطور ذهنيته وعقله. وأرجعت رانيا يحيى الابتعاد عن القراءة إلى سهولة تعامل الناس مع الأجهزة، ووجود معلومات مختصرة ومعلبة داخل هذه الأجهزة، ونظرة الناس السلبية إلى التقدم أو الثورة المعلوماتية، حيث يجنون جوانب الراحة فيها فقط، في حين كان الأجدى استغلال هذه الوسائل لما هو أنفع. كما أن الأسرة لها دور في الأمر، فلم يعد الطفل يرى والده وهو يقرأ ليكون نموذجه، كما أن أقرانه لا يقرأون ولا يتداولون الثقافة. واقترحت إقامة يوم للمكتبة في المدارس، كما اقترحت إشاعة أجواء الندوات في المدارس وتوزيع الكتب المدعمة، وتضمين الجوائز التربوية جائزة للقراءة. من جهتها، طالبت إيمان سلامة، بجلب المكتبات إلـى البيوت والأسواق، وخلق طريقة محببة لتسويق الكتب، وإشراك الأسرة في هذا الأمر، بالإضافة إلى إقامة مسابقات بالتعاون مع الأسرة عن عدد الكتب التي قرأها الطفل، وكذلك إقامة دورات تدريبية في المدارس عن طريقة القراءة وأهميتها، والاهم كيف تقرأ، بحيث لا يسلم الإنسان نفسه للكتاب، بل يحاجج بما قرأ ويرتب ألوياته، ويفرز الصالح من الطالح، ولا يكون كحاطب ليل. وأوضحت، أن مجتمعاً لا يقرأ مجتمع مريض في الأساس، مشيرة إلى ضرورة معالجة هذه الاختلالات في المناهج التربوية، مع معالجة العوامل الأخرى المتعلقة بالفرد والأسرة وبالمجتمع من خلال إطلاق كل الجهود لحل الإشكالات في كل مستوى من هذه المستويات. كما أنه من المهم جداً دعم الكتاب، لتجاوز العامل المادي، خاصة مع وجود مؤسسات مهمتها الإلهاء. من جهتها، قالت المواطنة وفاء محمد، إنه حتى البحوث في الجامعة أصحبت يختار للطالب موضوعها والروابط التي تخدم الموضوع، وكأن الإنسان أصبح يسعى لجني الثمار دون شوك، الأمر الذي ورث هذه الأجيال الكثير من الكسل، فحتى التعليم أصبح يخرج متعلماً ليست لديه الرغبة في التطوير الذاتي، وأظن أن هذه مشكلة لا يمكن أن تعالج إلا بمراجعة مناهج التربية. وطالبت جميع الفاعلين بتقدير خطورة ترك القراءة وتدني العلاقة بين القارئ وبين الكتاب، مشيرة إلى أهمية تضافر كل الجهود لإعادة العلاقة ما بين الكتاب والقارئ من خلال التوجيه في الإعلام و المنزل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©