الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ثلاثة عشر فناناً يقدمون تجارب تشكيلية في 26 لوحة

ثلاثة عشر فناناً يقدمون تجارب تشكيلية في 26 لوحة
22 يونيو 2009 02:25
جهاد هديب الشارقة ــ في اللوحات الستة والعشرين المعروضة حاليا بالمعرض الدائم، في رواق الشارقة للفنون، يبدو الجامع بينها ليس سوى افتراق كل تجربة عن الأخرى وإشارتها إلى أنها اقتطاعات من تجارب مخبوءة في المحترفات الثلاث عشرة بالرواق، التي يقطنها الفنانون المشاركون في المعرض. ويشارك في المعرض الذي افتتحه مؤخرا هشام المظلوم مدير إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ثلاثة عشر فنانا هم: الدكتور عبد الكريم السيد إسماعيل الرفاعي وعبد الرحيم سالم وباسم الساير وأمل الغصين وخليفة الشيمي و أمين داوود ومحمد القصاب ومحمد بولحية وخالد المقدادي ويوسف الدويك وأحمد الشريف وخليل عبد الواحد. ويعرض كل فنان منهم عملين فنيين. والبدء مع عملي باسم الساير التجريديين بملمحهما التعبيري قد يجعل الناظر إليهما يشعر بأن العالم قد تحول إلى مهرجان غائم من الضوء، اللون الأحمر بتدرجاته غير المشبعة حيث الإنسان شقيق للحيوان ويبدوان ضائعان في ذلك الضوء بلا ملامح وبلا انسجام أيضا، إنما ثمة إحساس بعنف العالم وقسوته تمنحهما تلك الفروقات بين كائنين في حال رقص محموم حددت خطوطهما وكينوتهما ضربات قاسية لفرشاة ناعمة. أما لوحتا الفنان محمد القصاب، فكأنما الرجل لا يريد أن يقول شيئا، سوى أن اللون اختبار للمشاعر والعمل اختبار للتجريد، فثمة خطوط عرضية وطولية طمست خطوطا من ألوان وكتلا لونية أخرى لا لتخبر قوة الأبيض على المحو الذي عادة ما يمارسه اللون الأسود بل ربما لتشير إلى أن الأبيض شعاع من الممكن أن يمتد في اتجاهات أخرى. ويمكن القول إن عملي الفنان أمين السامرائي هما سورياليين بالفعل، لكن الاشتغال فيهما يأتي على أفكار صادمة ومباغتة وغير متطرفة في سورياليتها حتى كما لو أنه يدرس عبر عمليه خاصية النفس البشرية في واحدة وفي الأخرى خاصية أفعالها. وبالتأكيد فإن عملي الفنان الفطري لا يعبران عنه بالمطلق لمن لا يعرف تجربته سابقا، لكن المرء يلحظ نزوعه إلى أن يكون النحت فعلا فرديا يعبر عنه وحده، إنه يخترع الأشكال الخاصة به وفقا لدفق عفوي ويجعلها تأخذ شكلا يدفع المرء إلى التأمل في معانيها المتقلبة والمتعددة. وفي لوحتي الدكتور عبد الكريم السيد عنف في حضور اللون في الخلفية ليس بوصفه خامة فحسب بل بتقنية حضور اللون الحادة فهو «مكشوط» بسكين، فتارة تكون الكتلة اللونية أشبه بحريق أو بانفجار في تارة أخرى، غير أن ما يمنح هذا الدفق العنيف من المشاعر اللونية مشروعيتها ويكسر تجريدية هو ذلك الحضور المؤلم لامرأة قد تكون فلسطينية في الطرف الأيسر من كل من العملين لتذهب هذه التجريدية التعبيرية إلى درامية واقعية عندما يتذكر المرء فورا أحداث غزة الأخيرة. أما المرأة لدى إسماعيل رفاعي فتبدو مشدودة إلى رعب جوّاني خاص، إنها أشبه ما تكون بامرأة حلم أو خيال فانتازي وما هو بفانتازي معا ربما بسبب معالجاته اللونية والتقنية على السطح التصويري.وأمام لوحتي خالد المقدادي يشعر المرء لوهلة أنه أمام حالة مسرحية على خشبة المسرح التي هي صندوق، طبيعة وضع الجسد التي تعبر عنه وقعية يمكن القول بأنها فانتازية تجعل المرء يقول بإنها قد تتألم في سجن قد يكون الذات وقد يكون المجتمع لكن الناظر إليها في كلا الحالين يشعر أنه قد رآها هنا أو هناك من فرط واقعية الرسم. لوحتا خالد الدويك قادمتان من مكان آخر وزمان آخر، لقد امتلئتا برموز ترقى إلى الحضارة الكنعانية برموزها ورسومات معابدها وأشكال تعاويذها ومعانيها. أما الحرف العربي وأصداؤه وبما هو عبارة مقروءة أو غير مقروءة بالنسبة لمتفرج عادي فقد بدا أن هذا أمر غير حاسم في لوحتي خليفة الشيمي، بل ربما أن الحرف لديه ليس سوى ذريعته لاختبار مقدرة العمل على طاقة الحرف العربي ومقدرته على أن يكون لوحة معاصرة وقادرة على التعبير عن فرديته بالمعنى الجمالي للكلمة. ولوحتا عبد الرحيم سالم، اللتان جاءتا بلون واحد هو الأسود، فهما الاشتغال المضني على اللون الواحد واستحداث الشكل الذي يخبئ شكلا آخر أو أكثر في أسفله في اختبار تجريبي ربما لطاقة الفنان التخيلية وطاقة اللون على فعل ذلك تجريبا وبوصفها لا تبحث عن المعنى المباشر بل تذهب إلى متعة إحداث الشكل لم يسبق له الوجود. لوحتا خليل عبد الواحد صعبتان ومباغتتان بالفعل، فثمة حضور طفيف للشكل واللون معا، إنهما تمسان الفرد في صميميته مباشرة، فما من معنى هنا بل ثمة ما يمسّ عذابات الإنسان الذي لم يتحقق له في العالم سوى هذا الحضور الطفيف. وأخيرا، إلى لوحتي أمل الغصين اللتين لا تستدران كلاما كثيرا عليها بل يشعر المرء وعلى نحو مباغت كما لو أنهما مطرزتان بدأب فلاحة فلسطينية مجهولة لكن ثمة ما هو مفاجئ بالفعل بمدى ارتقاء سوية الحفر الطباعي في العملين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©