الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحتقرة

المحتقرة
22 يونيو 2009 01:48
«الاحتقار» كلمة صعبة وقاسية، أليس كذلك؟ فما بالكم إذا صارت صفة دائمة ومنهج في الحياة اليومية؟ أنا أجدها في بيتي، ومن أقرب الناس إلي، فهل يمكنكم أن تتصوروا مدى معاناتي؟ فما أصعب أن تعيش المرأة مع زوج لا يحترمها، وهو يحاول إهانتها لأتفه الأسباب، هذا الشعور المؤلم أعاني منه معاناة قاتلة لا يمكن أن يتصورها أحد، تخيلوا!! أن يجد الإنسان نفسه مع شخص مسلط عليه، وهو يعامله بمنتهى الاحتقار!! فهو يراه لا يستحق الاحترام لأنه في موقع الضعف، فهل يمكن التعايش معه؟ في الحقيقة أنا لا استطيع أن أفعل شيئاً لإيقافه، لأنني أخشى من تدمير أسرتي، والقضاء على مستقبل أولادي، لذلك لا أجد أمامي سوى الصبر، والدعاء له بأن يصلحه الله لي، لأنني أجد صعوبة كبيرة ومعاناة شديدة، خصوصاً لأنني امرأة حساسة، وهذا الوضع يتعبني كثيراً. خلق الله تعالى الإنسان وكرمه، وأعلى من شأنه، فهل يجوز لإنسان مثله أن يحتقره!! وأن يعامله وكأنه مخلوق حقير؟ لقد أوصى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الرجال بالنساء خيراً، فأين الخير في رجل يعامل زوجته بإهانة وتحقير!! وهو يدرك ما يتركه هذا التعامل من آثار نفسية سيئة على قلب زوجته. أنا متأكدة من أنه جرب يوماً مثل هذا الشعور، وذاق طعم الاحتقار ممن هو أعلى منه مكانة في العمل، وبالتأكيد قد شعر بما يسببه هذا الشعور من ألم ومرارة لا يمكن نسيانها طول العمر. التناقض للأسف.. فهذا الإنسان الذي أرتبط به برباط الشرع والدين، يعرف كيف يكون لطيفاً، ويعرف كيف يعامل كل النساء – عدا زوجته طبعاً – بكل لطف واحترام، وبشكل يفوق الوصف، حتى أطلقت عليه زميلاته في العمل لقب «جنتل مان» وهن طبعاً لا يعلمن بان هذا الـ «الجنتل» يتفنن باحتقار أقرب الناس إليه، زوجته، أم أولاده، وهو دائماً يعقد مقارنات جائرة بيني وبينه، فهو المثقف – مع أنه لا يقرأ سوى الصحف اليومية – وأنا امرأة ساذجة سطحية وغير مثقفة، وهو صاحب الذوق الرفيع، وأنا بعيدة عن الذوق وعن الحضارة، وهو الأنيق، وأنا المبهدلة، وهو صاحب الأسلوب الشيق في الحديث، وأنا أسلوبي ممل وسمج، وهو حريص على تسفيه رأيي وكلمتي أمام الآخرين، وهو يتعمد طعني بخنجره المسموم، ويتلذذ بإذلالي، حتى أحس بأنه يعاملني كحيوان لا كإنسان، مما يجعلني محطمة ومكسورة من الداخل. حتى إني فكرت بأنه ربما كانت في حياته امرأة أخرى غيري، فبحثت وسألت فلم أصل إلى نتيجة، فالكل متفق على أنه إنسان مستقيم لا يعبث، وليست له حياة ثانية يعيشها في الخفاء، وأن كل وقته وجهده مكرس للعمل، وقد لاحظ أكثر الذين يعملون معه، بأن شخصيته قد تغيرت كثيراً بعد أن أصبح مديراً، فذهبت ابتسامته، وبساطته وطيبته، وصار متوتراً طوال الوقت، متزمتاً، وعصبياً يثور لأتفه الأسباب، ويعامل الآخرين وكأنهم عبيد لديه. البداية تزوجته عن حب من طرف واحد، فهو ابن عمتي، وكنت مغرمة به منذ أيام الطفولة، أما هو، فلم أعرف يوماً ما هو شعوره نحوي، فلربما لم يكن يحبني ولربما هو من النوع الذي لا يعرف الحب. تزوجنا بقرار من الأهل، وقد تصورت بأنني قد ملكت الدنيا بعد أن تحقق حلمي وتزوجت من أحب، ذلك الحب الصامت الذي لم يطلع عليه أحد، فكان كل همي هو إسعاده، والمشاركة معه لبناء حياة زوجية نموذجية، قرأت عنها كثيراً في الكتب والروايات. في بداية زواجنا عشنا في سعادة وهناء، وقد رزقنا الله تعالى بالأولاد والبنات، وقد كانت حياتنا هانئة ومستقرة حتى تمت ترقيته في عمله وأصبح مديراً!! عندها بدأت شخصيته بالانقلاب السريع، ثم صار كل شيء فيه يتغير ويتبدل، أما أنا، فبعد أن منعني من إكمال دراستي الجامعية، ومنعني من التفكير في العمل، بقيت في بيتي أدور حول محور واحد هو مشاكل البيت والأولاد، وقد نسيت نفسي لفترة، ولم أعد أكترث بفكرة تطوير شخصيتي بالمتابعة والقراءة، ولا لمظهري لأنني أغرقت نفسي بمشاكل الأولاد كي أعطيه فرصة التفرغ لعمله، وصرت أعامله وكأنه مديري وليس زوجي، كي أساعده على بلوغ الشخصية المناسبة لمنصبه الجديد. بعد مدة وجدت نفسي في وادٍ وزوجي صار في وادٍ آخر، تغيرت نظرته لي، وساءت معاملته، وصار يصرخ بوجهي أمام الأولاد، ولا يتردد بإسماعي أسوأ الألفاظ، تحملت كل ذلك وقلت في نفسي: إنها فترة مؤقتة وستمر سريعاً، فهو يتعرض لضغط نفسي كبير بسبب كثرة مسؤولياته، وهي بالتأكيد أزمة طارئة لم يتغير، وإنما صار يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حتى نفد صبري، وقبل أن أتصرف استشرت بعض صديقاتي المقربات، فنصحنني بإعادة الاهتمام بنفسي، وتطوير شخصيتي بالقراءة والمتابعة، ففعلت كل ما يتوجب علي، ولكن يبدو أن طول صبري وسكوتي على إيذائه أغرياه بالاستمرار والتمادي بشكل أصبح لا يطاق. التجأت إلى أهلي وأهله، طلبت منهم التدخل لحل هذه المشكلة، فكان ردهم: أصبري.. تحملي، زوجك رجل مهم، وهو يتحمل ضغطا كبيرا، لا تخربي بيتك بيدك. شعرت بأن الكل يحاول مجاملته، ولا أحد يفكر بجرح شعوره ويناقشه في هذا الأمر، فصبرت وتحملت ولكن الحياة تبدو مستحيلة بهذا الشكل، حاولت التقرب منه ومناقشته بهدوء، ولكنه لم يمنحني الفرصة وأبعدني عنه، لا أعرف ماذا سأفعل وإلى متى سأظل أتحمل هذا الوضع التعيس!! لقد أصبحت إنسانة حزينة منكسرة، حتى إني صرت أدعو ربي أن يحطم كبرياءه وأن يعيده موظفاً بسيطاً كما كان فيعود إلى وضعه السابق إنساناً طيباً متواضعاً، حتى أطفالي تأثروا به وصاروا يحاولون تقليده لا شعورياً، فأسلوبهم معي أصبح خشناً لا يليق بطفل يتحدث إلى أمه، وكلما حاولت معاقبة أحدهم فإنه يذهب ليشتكي إلى والده الذي يقوم بما يلزم كعادته من توجيه الكلمات الجارحة وإظهاري بمظهر الغبية التي لا تفهم شيئاً حتى أمام أولادي. تصوروا أن يعيش الإنسان بلا كرامة أمام أطفاله، فكيف سيكون شكل حياته؟ الصفة غير الموروثة لا أدري من أي مصدر أخذ هذه الصفة، فأمه وهي عمتي، تلقى كل الاحترام والتقدير من زوجها، فلم أسمع يوماً واحداً كلمة جارحة قالها لها ولو بالخطأ، ألم يقولوا بان الولد يقلد أباه في كل شيء، فلماذا إذن لم يشابه زوجي أباه؟ وليس والديه فقط، فإن جميع عائلتنا لم يظهر فيهم أحد على شاكلته، الكل يحترم زوجته ويحسب لها ألف حساب، إلا زوجي، أجد نفسي الوحيدة المختلفة عن نساء العائلة، وليست الوراثة فقط، فحتى الأزواج المتخلفين الذين كانوا في الماضي يعاملون زوجاتهم باحتقار، فإنهم بعد كل مظاهر التطور، وما يعرضه التلفاز من برامج دينية وثقافية تسمو بأخلاق الناس وتصحح عيوبهم، فإن كثير من الناس قد تأثروا بها، وتغيروا، فمن النادر أن نجد في زمننا هذا إنسانا يحتقر شريكه ويعامله باحتقار مقصود. أفكر دائماً بكل هذا، فلا أجد مبرراً واحداً لزوجي وأعيد التفكير بكل شيء فلا أصل لسبب معقول. إنها سلسلة من العذاب والألم والمرارة، ليته يعلم ما يسببه هذا الوضع لي، فكم كرهت حياتي معه بعد أن كان هو حبي وحلمي لسنين طويلة، فقد كنت أتصور بأنني إن لم أتزوجه فسأكون أتعس إنسانة على وجه الأرض، وبقيت انتظره حتى تخرج من الجامعة، وقد تركت الدراسة بمجرد أن قال لي أثناء فترة الخطبة، بأنه لا يحب المرأة العاملة، وهو يحب المرأة التي تتفرغ لبيتها وزوجها، ولا تكون مشغولة بعملها عنهم، كنت أقتنع بكل ما يقول، وأجده أحلى من العسل على قلبي، كنت أحب شخصيته القوية وتحكمه وتسلطه في جميع آرائه معي، وقد كنت أفسر كل ذلك بحبه الشديد لي، وغيرته علي، ولم أكن أعتقد أبداً بأنه سيعاملني هذه المعاملة ويعتبرني إنسانة جاهلة ومتخلفة وأدنى مستوى منه، حاولت أن أعود للدراسة ولكنه سفه الفكرة ورفضها، حاولت أن أشارك في نشاطات نسائية، رفض أيضاً، حتى إنه عندما يجدني أتصفح مجلة فإنه يستهزئ بي ويسفه المجلة ويقول بأنها كلام فارغ وتزيد عقول النساء سخفاً، وتشجع لديهن الاهتمامات السطحية بالملابس والمكياج ولا تزيد من ثقافتهن شيئاً. لا يعجبه العجب لا شيء في شخصيتي يعجبه أبداً، فهو لا يستشيرني في شيء، وإذا أعطيت رأيي في مسألة فإنه يسخف هذا الرأي ويسخر منه، إنه يتعمد إهمالي ولا يهتم بما لبست أو طبخت، ولا يتحدث معي بأي شيء مهم، ويقتصر حديثه على السخرية والتعليق والكلام اللاذع والانتقاد في كل شيء، وحتى إنه لا يغار علي إطلاقاً، ولا يهتم إذا تأخرت خارج البيت، وقد تعمدت يوماً أن أتزين وأنا خارجة إلى السوق وتعمدت أن أتعطر وأتبخر وألبس ثياباً لا تليق بالسوق، ثم وقفت أمامه وأنا بكل المكياج والزينة، وأخبرته بأنني سأذهب إلى السوق، فلم يحرك ساكناً وظل يتحدث بهاتفه واكتفى بقوله: اذهبي وخلصيني!! إن إهماله لي بهذه الصورة يوغر قلبي عليه كثيراً، حتى صرت أصلي وأدعو ربي أن يهديه لكي لا يتمادى في ظلمي، لأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وهو بما يسببه لي من ألم فإنني لن أسامحه يوماً، وسأرضى بأن يعذبه الله في الآخرة، كما عذبني وأنا تحت جناحه في هذه الدنيا، الأيام تمر كئيبة مملة وبطيئة وأنا بلا مؤنس لقلبي الكسير، فحتى الصديقات منعني عنهن، مع أنه لا يغار علي إذا ذهبت إلى السوق، ولكنه لا يريدني أن أتواصل مع صديقاتي، بحجة أن ذلك يلهيني عن مسؤولياتي تجاه أطفالي، وهو يتهم كل صديقاتي بأنهن تافهات، غبيات، سطحيات مثلي تماماً، والعلاقة بيني وبينهن تزيد من سوء شخصيتي، كما يدعي، لذلك فهو يبحث عن شتى الأسباب والمبررات كي يعزلني عن الناس، كي أبقى وحيدة بشكل دائم. أصبحت يائسة، كئيبة، أملي الوحيد في المعجزة التي تعيد لزوجي عقله، وتجعله يفكر قليلاً، قبل أن يلفظ كلامه الجارح القاسي، ويبدأ بمعاملتي بشكل لائق وإنساني، فأنا أتعذب من قسوته، ومن تلك النظرة الكريهة التي يتابعني بها، ومن جعلي منبوذة ووحيدة؛ هذا الوضع يقتلني وأنا حية. فهل أصبر؟ أم أخرب بيتي بيدي ما دام الخراب معشعشاً في كل أجزاء كياني؟؟ ميزان العدالة اظهر وبان بلا أمان أحمد محمد القاهرة - صدر قرار نهائي بفصله من وظيفته الرسمية بعدما اكد مجلس التأديب والتقارير والتحقيقات انه ليس فوق مستوى الشبهات ويأتي بأفعال غريبة بين زملائه وزميلاته ليس لها معنى ولا تفسير ويستقبل العديد من الاشخاص من غير المراجعين للمصلحة أي ليس لديهم بها معاملات ولكنهم يحضرون اليه في أوقات العمل الرسمية لأمور لا يعرفها أحد. ورغم انه فقد وظيفته فإنه لم يحزن عليها لأنها وظيفة بسيطة وعائدها لا يمثل أهمية في حياته فهو لا يعتمد عليه بل اراد ان يحول محنته إلى منحة وان يستغل فراغه.. فانتقل هؤلاء الاشخاص الغامضون الذين كانوا يترددون عليه في عمله الى تلك الشقة الجديدة التي استأجرها في منطقة شعبية نائية مكتظة بالسكان وبدأ أهل الحي يسألون عن سر كل هؤلاء الذي يملأون المكان. وجاءت الاجابات والردود كثيرة وغزيرة من كل صوب وحدب تقول ان هذه الشقة خاصة بالشيخ "ميسور" فهو رجل مبروك وله كرامات وعلامات ظاهرة.. وأفعاله أكثر من أقواله ويستطيع ان يعالج الامراض المستعصية من الكبد إلى الشلل والعقم والعنوسة والاكتئاب والسحر والخلافات الزوجية. وبالغ الناس كثيرا في كرامات الشيخ وقدراته الخارقة واضافوا واخترعوا، كذبوا وصدقوا أنفسهم وصدقهم الآخرون لكن الغريب ان زبائنه ليسوا فقط من البسطاء والجهلاء وانصاف المثقفين بل ايضا من المتعلمين والنجوم في التمثيل والكرة والطرب ورجال الاعمال وسيدات المجتمع. ولانه يعرف من أين تؤكل الكتف اتقن السيطرة على ضحاياه واقناعهم وايهامهم بقدراته الروحانية وامكانياته العلمية واتصالاته السفلية. وتبدأ خطته في اللقاءات الاولى بالتأكيد انه لا يحصل على اموال مقابل هذه الخدمات التي يقدمها عن طيب خاطر، فقط بضعة مئات أو ألوف من الجنيهات حسب كل حالة لشراء المستلزمات لعلاج أو حل المشكلة حسب طلبات "الاسياد" بل انه يقدم تخفيضات للطلبة والطالبات. وسارت الامور مع الشيخ "ميسور" كما يحلو له وتزداد سعادته وهو يرى زبائنه يتكاثرون مثل البكتريا بلا عدد ويرتمون تحت قدميه يطلبون المساعدة بينما يجلس على مقعد مرتفع قليلا بلحيته الكثه الطويلة القذرة التي تدلت الى كرشه المنتفخ.. وعلى رأسه عمامة من عدة أقمشة بألوان مختلفة خاصة الاخضر والاحمر واظافره الطويلة المتسخة مع عينيه الحمراوين. وامامه هذا الاناء المصنوع من الفخار ممتلئا بالفحم المتقد. يلقي عليه بعض البخور فتتصاعد الادخنة الكثيفة تلف الغرفة المظلمة وتحجب الرؤية حتى تصبح رؤية الاشياء الغريبة شبه مستحيلة وأمور أخرى غير معروفة وغير معتادة تثير الرعب وتبث الفزع في النفس ولا يمكن التحكم في الاطراف لمجرد رؤيتها ويخترق الخوف الصدر بينما يتمتم "ميسور" بكلمات بلا معنى ولا وجود لها في قاموس اللغة ولا الحياة. تلك الفتاة المتوسطة الجمال تعمل بوظيفة مرموقة تدر عليها دخلا كبيرا كاد قطار الزواج يفوتها وهي تقترب من الخامسة والثلاثين وفقدت الامل في تحقيق امنيتها ووجدت نفسها مضطرة لسماع نصيحة صديقتها والذهاب إلى الشيخ "ميسور" لما ذاع عنه وعن بركاته.. دخلت الوكر وكاد قلبها يغادر مكانه ودقاته تسارعت وتلاحقت ولم تستطع السيطرة على اعصابها لانه ناداها باسمها دون ان تخبره به.. فاستسلمت لكل أوامره وتعليماته حتى وان كانت الحقيقة التي تجهلها انه علم باسمها من مساعده. وبعد لحظات استمع خلالها لمشكلتها ومارس طقوسه المعتادة قدم لها تميمة أو "حجابا" لحل عقدتها وطلب منها العودة بعد شهر لمواصلة بقية المطلوب ولعبت الصدفة دورها وتقدم عريس يطلب يدها وتمت الخطبة قبل ان تنتهي المدة وعادت إليه قبل الميعاد المحدد تزف اليه البشرى وتنهال بالقبلات على يديه الكريمتين وتغمره بسيل من كلمات التبجيل وتدس في يده رزمة من الجنيهات.. وزعم انه يستنكر ذلك بينما يلقي بها بسرعة في جيبه حتى لا ترجع في قرارها. وكانت الفتاة بمثابة وكالة الانباء التي نشرت اخباره ومجموعة الفضائيات التي اذاعت الوهم على انه حقيقة وساهمت في الدعاية له مع المزيد من المغالطات والاضافات البعيدة عن الحقيقة.. فانتشرت اخباره كالنار في الهشيم وبدأت الكتل البشرية من ذوي الحاجات والمشاكل المستعصية من كل نوع تتوافد اليه من كل مدينة وقرية. حتى تلك الطبيبة التي تزوجت زميلها رغم تخصصها وعلمها كانت من بين زبائنه بعدما مرت عدة سنوات ولم تنجب وترددت كثيرا على الاطباء ومع اليأس منحت عقلها اجازة واصدرت قرارا بالغاء المنطق واستجابت لعاملة النظافة التي تخدمها واستمعت لنصيحتها.. ولجأت إليه لعلها تجد عنده حلا.. وبعد شهور طويلة لم تيأس وهي مستسلمة لكل مطالبه حتى وان خرجت عن الاخلاق فهو كما يقول انها جزء من العلاج.. نعم العلاج الذي لم يتم. اما هذه المهندسة الجميلة فقد كانت الزوجة الثانية لزوجها المليونير لكنها لم تحتمل استمرار هذا الزواج لانه سري ولا يريد ان يعلنه وتشعر بالغيرة الشديدة من الزوجة الاولى التي كانت تكبرها بسنوات والغيرة تأكل قلبها حتى وهي تصفها بالعجوز الشمطاء وكان قلبها يحترق كلما رفض زوجها التخلي عن الاولى لأنها رفيقة حياته ولم ترتكب ذنبا.. فتوجهت المهندسة الى الشيخ "ميسور" وهي تلقي تحت قدميه عشرات الألوف من الجنيهات ليجعل زوجها يطلق ضرتها وظل يماطلها وهو يدفعها إلى مزيد من الامل والوعد بتحقيق الاماني ولم يحدث شيء. وهذه السيدة جاءت من بلد آخر ولجأت اليه لينقذها من الازمة التي لم تجد حلا لها طوال الاعوام الماضية.. والمشكلة ليست عندها هي وانما هي مشكلة زوجها الذي يعاني الضعف الجنسي وتنضم ايضا إلى طابور ضحاياه المخدوعين بلا فائدة. ولم يتوقف نشاط الشيخ "ميسور" عند هذا الحد بل تخطى حدود المعقول بأنه يستطيع ان يحول العجائز والدميمات الى ملكات جمال فاتنات فكثرت المترددات. وامتدت قائمة المنتظرات للحصول على خلطته السرية السحرية وتزاحمن وتسابقن فضاق بهن المكان وكان من الطبيعي ان تزداد اخباره انتشارا. وهذه المرة كان صاحب المشكلة رجلا يعاني ألما في بطنه يتلوى في جنبات الغرفة المظلمة وعيناه مفتوحتان وتركزان على تلك الاشياء من احجبة وكتب صفراء وجماجم ومساحيق عظام وثعابين وحيوانات محنطة.. وعلكة وبخور وبدأ يسمع الخزعبلات والخرافات والوصفات التي ستؤدي إلى علاجه مع همهمات وصرخات بلا معنى تستدعى الدواء المناسب غير ان هذا الرجل وقف ثابتا وألقى بهذه العمامة التي كانت في حجم اطار سيارة من فوق رأس الشيخ "ميسور". وقال له بلغته "اظهر وبان وليس عليك الامان" لقد انكشف امرك يا مرسي.. نعم مرسي هذا هو اسمه الحقيقي وبسبب هذه الممارسات كان فصله من وظيفته. وما كان هذا الرجل إلا رئيس مباحث المنطقة الذي تخفى في زي مريض ليلقي القبض على المشعوذ الدجال بعد ان وصلته اخباره كما وصلت للكثيرين وعندما تأكد من تصرفاته المنحرفة وضع خطة القبض عليه اذ تمكن من دس احد رجاله الذي نجح في العمل كمساعد للشيخ المزعوم ونقل للضابط كل افعاله وجرائمه. وافتضح امره واختفى مريدوه وتواروا خجلا من انفسهم فلو كان الرجل كما ادعى ما كان هذا السقوط المهين والآن لا يستطيع ان يجد لنفسه حجابا ولا تميمة تنقذه من السجن والزنزانة المظلمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©