الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيّن خير- (كل أربعاء)

عيّن خير- (كل أربعاء)
12 ابريل 2010 21:08
الفتور في قفص الاتهام المشكلة عزيزي الدكتور: أنا سيدة مطلقة في مقتبل العمر، جامعية، وأعمل في وظيفة جيدة، وأحسب نفسي جميلة، ولا ينقصني شيء والحمد لله، ومستقرة في حياتي نفسياً، ومادياً، ولا توجد ضغوط علي من أي نوع من قبل الأسرة للزواج ثانيةً بحجة الخوف من نظرة المجتمع، فأسرتي تحترمني كثيراً، ولا تفرض أي نوع من القيود على تصرفاتي لثقتها الكاملة بي، كذلك لم ألمس أية منغصات أو مبالغات كالتي نسمع عنها، أو كالتي تطارد المطلقة في مجتمعنا. لا أشعر تقريباً بنوع من الفراغ، حيث أكرس اهتمامي لرعاية ابنتي الصغيرة، وأحاول استثمار الوقت بدراسة وفهم ديني، والقراءة، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة العبادات والنوافل، وتوجت كل ذلك بنعمة أداء فريضة الحج، وأشعر بأن حياتي مليئة بالخير والنعم والرضا• فعندما أنظر أحياناً إلى صديقاتي المتزوجات أحمد الله كثيراً وأحسب نفسي أعيش في جنة، فالكثيرات منهن يعانين التعاسة والمشاكل بسبب الخلافات الزوجية مع أزواجهن، وكثيراً ما يلجأن إلي باكيات، ويفكرن في الطلاق، وأحمد الله على أنني أقوم بدور”الرادع” لهن عن هذه الفكرة البائسة، والناصح، حتى لا تتصدع وتنهار أسرهن، وعلى أمل أن تتحسن أحوالهن ولو بعد حين، رغم أنني لم أعش نصف معاناتهن، ولم أتحمل مثل ما يتحملنه من إهانات وتجاوزات ومشاكل لا حصر لها، ورغم ذلك لم أحتمل، وطلبت الطلاق، وتمسكت برغبتي، وكان لي ما أردت دون تسرع، ولا رفض للنعمة والاستقرار، ولا كراهية لبيت الزوجية، ولا غير ذلك، وإنما لأسباب موضوعية بطبيعة الحال• إنني لا أستطيع أن أحدد سبب العلة في كل زيجة، وإن كنت ألمس أن الفتور، والملل العاطفي الذي سرعان ما يتسلل لينخر كيان المؤسسة الزوجية هو المصيبة الكبرى• من الطبيعي أن نحلم باستمرار الحب بذات القوة، والاندفاعية، فالمرأة لا تتقبل أن يتحول هذا الحب إلى عادة، ومشاعر هادئة فاترة، فبكل أسف تسهم وسائل الإعلام، وما نراه من قصص ودراما، وأغان وأفلام في تكريس هذه الصورة أحادية الجانب لدى الشباب والفتيات، ويتصورون أن الحب هو فقط علاقة، وعاطفة مستعرة، دون التركيز بنفس القدر على طبائع وصلب الأمور والمسؤوليات والمشاكل التي يجد المتزوجون أنفسهم غارقين فيها بعد شهور أو أيام قليلة من الزواج، حتى أصبح الزواج أشبه بالمرض المعدي، وسرعان ما نجد الأزواج يهربون ليجدوا راحتهم المزيفة بين أحضان الأخريات، ولم لا؟ والجميلات الرشيقات متاحات بأبخس الأثمان، ودون مشاكل ودون مسؤوليات، ونجد بعض الزوجات يلهثن لتقليدهن بكل أسف، ظناً منهن أنهن سوف يحافظن على أزواجهن بهذه الطريقة• إنني لا أنفي مسؤولية الزوجات، ولا أنفي وجود نماذج تمثل مصادر للهم والنكد والنفور والصراع والجهل في أحيان كثيرة• فالصورة ليست في نظري قاتمة تماماً، حتى لا تظن أنها انعكاس طبيعي لتجربتي الفاشلة، لكنني دائماً أتمنى أن أجد أي زوجين يعيشان السعادة الحقيقية بعد سنوات من العشرة والمسؤولية، وليس كما أرى دائماً، فسرعان ما يصبح هم الزوج المحترم، وشريك الحياة والكفاح، استعادة شبابه الضائع وأيامه الخوالي، على حساب الزوجة وكرامتها ومشاعرها• معظم من حولي يحذرنني من الزواج ثانيةً، وحينما أقول لهن إنني أخشى أن ينتهي بي العمر وحيدة، يسخرن مني، ويقلن إنهن أيضاً لا ضمان لهن في زوج تمضي معه الحياة في قلق وخوف وخيانة وغدر• ماذا أفعل سيدي؟ وقد ظهر في حياتي مؤخراً شخص مناسب، لكنني أخشى الزواج، وأخشى أن أجد نفسي “نسخة” من الأخريات، مع العلم أن هذا الشخص يبدي تجاهي من المشاعر، والاهتمام، الشيء الكثير، وكنت أتمنى لو أنه لم يفعل ذلك، وأكتفى بطلب الزواج دون إبداء هذا القدر من التعلق بي، حتى لا أفاجأ يوماً بفتور وتغير في عواطفه، كما أرى، وكما هو متوقع!. إنني أثق برأيك، لأنك رجل أولاً، ومن المؤكد أنك ستستوعب تماماً ما أقول، وربما لأنني لم أعش النموذج المستقر، وكثيراً ما أشعر بأن الرجل على خلاف ما هو سائد ومعروف عنه، أنه عاطفي، والمرأة هي العقلانية إذا تحابا، فهو عادة يمطرها بشلال من المشاعر حتى ينفد مخزونه العاطفي سريعاً بعد الزواج، ولست مبالغة في مطالبي، ولا غير واقعية لأبحث عن زوج عاشق متيم ينام ويصحو على حبي، بل أقصى ما أتمناه، هو رجل عاقل يفهم معنى المودة والرحمة، ويقتنع بأنهما الأكثر استمراراً، فإنني على عكس كثير من النساء لا أريد الحب المتأجج، بل أحتاج العاطفة الحانية المستقرة، ولا يمكن كما أظن أن يستمر الإنسان بهذا الإحساس الجارف إلى الأبد، وأعود وأسأل، هل أصبح الزواج في عصرنا الحالي مؤسسة فاشلة؟ أتمنى أن أجد لتساؤلاتي لديكم إجابة أثق بها• زهرة م.م. النصيحة سيدتي: دعيني أحيي فيك نضجك، وفهمك لنفسك وللآخرين، ونجاحك في التعبير عن مشكلتك بأمانة وموضوعية• أنت محقة في معظم ما ذكرته، فالحياة عموماً، والمؤسسة الزوجية بوجه خاص، رسالة وأهداف وأدوار، ومسؤوليات مشتركة، فالزواج بالتأكيد لا يعني كما قلت العواطف المتأججة، ولا الكلام المعسول، والأحلام الوردية، والهيام والاستغراق في الأحلام والخيالات، وبساط الريح، وضفاف الجنة، وما إلى ذلك• نحن بشر، والعواطف حاجة أساسية وفطرة خلقنا وفطرنا عليها، فالإنسان في حاجة دائمة إلى الإحساس بالانتماء، والحب والدفء، والحنان والتقدير، والشراكة والتفاعل مع الغير، ومن ثم لابد له من هدف، وهذا الهدف لا يتأتى إلا من وجود مسؤولية ودور ورسالة، ومن نعم الله على عباده أن جعل من الزواج سكينة ومودة ورحمة• لن أناقشك في تجربتك الأولى، لكنني أود أن أشير إلى أن السعادة عادة تكون في الرضا والقناعة، ومشاكل البشر تكمن في عدم قناعتهم، وعدم رضاهم، وإذا كنت الآن راضية، فقد لا يكون الأمر كذلك في الغد، وإنني على ثقة بأن رضاك وقناعتك الحالية، ونضج رأيك ما هو إلا نتاج طبيعي لاستقامتك وتدينك ومعرفتك بطريق ربك، أما تلك الصورة التي تصورها لك بعض زميلاتك وصديقاتك ويخيم عليها الضباب والتشاؤم، ما هي إلا انعكاس لتجارب ذاتية بلاشك، وما ينطبق على الأخريات، لا ينطبق بالضرورة عليك، فكل إنسان سجين تجربته، ومن المؤكد أن ليس الرجال كلهم، ولا النساء كلهن على طبيعة واحدة، والتعميم هنا بعيد عن الواقع والمنطق، وعار عن الموضوعية، وإذا كنا نحلم بالمثالية، فعلينا أن ندرك أنها غير موجودة، وإلا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق البشر جميعاً خالين من جوانب الشر والنواقص• نعم.. المرأة دائماً تحلم بالمثاليات والحب المتأجج، هذه هي طبيعة الأنثى، وإذا كانت أحلامك وطموحاتك عقلانية، فهذه نعمة من الله عليك، ويجب ألا تنجرفي بها وتبعدك عن النصف الآخر، إنها حالة ايجابية من نضوج العقل والفكر والعواطف، ومن ثم يجب ألا تحسدي نفسك عليها، ويجب أن تستثمريها في حياتك بشكل صحيح، وبإمكانك أن تحاولي ترجمة هذا الفهم إلى صاحب النصيب، وأعتقد أن فهمك للحياة، وللأمور سيساعدك على اختيار الشخص المناسب والحكم عليه، دون أن ننسى وبقناعة تامة قول الله تعالى: “الطيبون للطيبات”، ومن رضي بما كتبه الله له لن يندم أبداً• وإذا سلمنا بأن الزواج مؤسسة فاشلة؟ لنسأل أنفسنا، هل يكتب الله على عباده مصيراً محكوماً بالفشل؟ ..معاذ الله.. راجعي سنة الله في أرضه، وتمسكي بواقعيتك، فإذا كان الجهل، وعدم التوافق، وعدم التكافؤ، وغياب الوعي، وعدم الرضا، وانعدام المسؤولية، واتباع الهوى، وكثرة المغريات، وأشياء كثيرة تسبب الفشل للكثيرين•• لماذا لا نبحث نحن عن البدائل، وهي موجودة والحمد لله؟ أوافقك الرأي في التمسك بالنوع الثاني من الرجال، وأؤكد لك ولغيرك ولنفسي، أنه ليس هناك حب دون احترام، وتقدير، ومودة، ورحمة، وعطاء، وإنكار للذات، وصدق وشفافية في التعامل، فقد تقولين إنني عدت بك إلى حقيبة المثاليات، أقول لك، لا.. إنها معان وقيم خلقت بدواخلنا قبل أن تكون قيماً مثالية، وهي موجودة بدرجات وبنسب متفاوتة، فالأمور نسبية، والمطلق غير موجود، وأظن أننا لو حصرنا أنفسنا في نطاق الخوف فسنعود حتماً بالبشرية إلى شريعة الغاب• طمئنيني عنك، مع أطيب تمنياتنا لك بالتوفيق• الطلاق بالإكراه المشكلة عزيزي الدكتور: توفي زوجي منذ سنين عديدة، وكرست حياتي لرعاية ابنتي الوحيدة حتى تزوجت وأنا في بداية العقد الرابع، فتقدم لي شخص في الخمسين من عمره، أعرف عنه أخلاقه الكريمة، ووافقت على الزواج منه بعد أن اقتنعت بظروفه، فكان قد طلق زوجته، واتفقا على البقاء معاً من أجل أولادهما فقط، وظل زواجنا هادئاً، ومستقراً لمدة سنتين، لم أقصر في حقه، ولا في واجباتي على الإطلاق، وارتبطت به، وأحببته، فكان لي الدعم والسند في هذه الحياة، إلا أنه ودون مقدمات تصالح مع زوجته بضغوط من أهله، واستجاب لهم، وخضع لرغبة زوجته بطلاقي، ولم يقطع صلته بي من حين لآخر، لكنه حرص على أن يكون ذلك سراً حتى لا يثير غضب أهله، وزوجته، وأهلها، وعندما أتبرم وأطالبه بإعادتي إلى عصمته، يتعلل بالصبر، ويقول لي “اصبري” سيكون لك ماتريدين في الوقت المناسب، إنني في حيرة كبيرة من أمري، ولا أعرف، هل أقطع علاقتي به، وكيف أواجه الحياة دونه؟ أم أنتظر حتى يفي بوعده ويعود إلي ثانية؟ هـ .هـ النصيحة سيدتي: رغم تقديري لظروفك، ورغم أنني أخجل من طرح تساؤلات عديدة تفرض نفسها، لا أجد مفراً من ذكرها. أنت تزوجت هذا الشخص في سن عقل ونضوج، فكيف حكمت عليه، واقتنعت به؟ وهل قبلت الزواج في السر في البداية أم كان الزواج علنياً؟ وهل كنت تعلمين أنه يعيش مع زوجته التي طلقها تحت سقف واحد من أجل أولاده؟ وكيف لرجل في الخمسين من عمره أن يخضع لضغوط أهله، أو أهل زوجته؟ هل مازال قاصراً؟ أم أنه رأى أن الزواج عار، وعليه أن يتخلص منه قبل العودة إلى زوجته ثانية؟ ثم، السؤال الذي يتقدم كل تساؤلاتي السابقة، أي شكل من الأشكال يستمر في علاقته بك بعد طلاقكما، وما طبيعة هذه العلاقة المحرمة؟ وإلى أي وقت يطالبك بالصبر والتحمل• سيدتي: هناك علامات استفهام كثيرة تحيط بتصرفات زوجك، ويبدو أنه من النوع الذي يجيد حبك القصص، والمواقف، والعواطف أيضاً• فإما أن تكوني زوجته، وإما طليقته، ولا وسط بين الحالتين، ودون تضييع وقت، ولا تأجيل أو تسويف، وإما أن تعيشي حياتك دونه، فلست أولى المطلقات في هذا الزمن، ولاسيما أنكما لم تنجبا أطفالاً، أما إذا عجزت عن مواجهة الحياة من دونه، وقبلت هذا الوضع المريب، فعليك تحمل النتائج وحدك، ولا يغيب عنك أن الحلال بين، والحرام بين أيضاً. مع أطيب التحيات. يسرنا أن نستقبل مشاكلكم وتساؤلاتكم على البريد الإلكتروني: dr.mosabah@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©