الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هاربر لي تعزز النقاش العرقي الأميركي

هاربر لي تعزز النقاش العرقي الأميركي
1 يناير 2016 22:18
إعداد: أحمد عثمان قبل أسابيع، نشرت هاربر لي، الكاتبة الأميركية، 88 عاماً، رواية جديدة بعنوان «لتعين لك حارسا» يعيد إلى الأذهان روايتها الأولى «أن تقتل عصفوراً ساخراً»، التي صدرت في عام 1960، وحققت مبيعات تجاوزت الأربعين مليون نسخة، فضلاً عن جائزة بوليتزر. أصبحت تلك الرواية من كلاسيكيات الأدب الأميركي، الى حد أن مراهقي الولايات المتحدة يقرأونها خلال سنوات دراستهم المدرسية. أحد الأبطال، آتيكوس فينش، قام بدوره غريغوري بيك في الفيلم الذي تم إنتاجه في عام 1962. اليوم، أصدرت هذه الأميركية التي تحيا في ملجأ للعجزة بمونروفيل (آلاباما) روايتها الثانية، بعد توقف دام خمسة وخمسين عاما. عوامل كثيرة ساهمت في ضرورة إصداره: فروايتها السابقة «أن تقتل عصفورا ساخرا» كانت قد عرضتها على الناشرة تاي هوفهوف في عام 1957، التي طلبت منها رعادة كتابة وتغيير ما أبدته من آراء عن آلاباما، من خلال نظرة (سكوت)، الطفل البالغ من العمر ثماني سنوات، وليس (سكوت) نفسه البالغ 26 عاما في النسخة الأصلية للرواية، خلال عامين قامت الروائية بالتغييرات المطلوبة. في بداية العام الحالي، تحرك فضول العالم الأدبي الأميركي حينما أنتشر خبر أن الحائزة السابقة جائزة بوليتزر كتبت رواية أخرى «لتعين لك حارساً»، لم تنشر أبداً، بالإضافة الى الغموض الذي يحيط بهاربر لي، التي ظلت تحيا بإرادتها في الظل منذ الستينيات، فإن هذه الرواية وجدت في صندوق من الورق المقوى لدى أحد أقربائها، وبذلك تم اكتشاف النسخة الأصلية التي رفضتها الناشرة، المسؤولة عن دار نشر ج. ب. ليبنكوت. ولم يستغرق الأمر وقتاً حتى تمكن الناشر، هاربر كولينز، من الوصول الى هاربر لي، والتوصل إلى اتفاق حول نشر «لتعين لك حارسا». يجرى هذا الحدث الأدبي في لحظة خاصة من لحظات التاريخ الأميركي الحديث: التمييز العنصري، إذ إن حادثة إطلاق الرصاص التي جرت في كنيسة، بكارولينا الجنوبية، من قبل شاب أبيض، وأدت الى قتل تسعة من السود، وسعت من النقاش القومي حول استمرار هذه العنصرية في الولايات المتحدة، بعد أكثر من خمسين عاما على اعتماد قانون الحقوق المدنية. ولهذا تدخلت الرواية بطريقة مرتجلة ومباشرة في هذا النقاش العرقي الحساس الذي لم ينته بعد. تلقي رواية هاربر لي التي جاءت في موعدها كطلقة مفاجئة نظرة قوية على الجنوب. الشخصيات واحدة، ولكنها ترى واقعة مختلفة إلى حد أن الرواية الجديدة سوف تصدم القراء الذين اعتبروا «أن تقتل عصفورا ساخرا» عملاً عظيماً في تاريخ الوعي الأميركي. آتيكوس فينش، قدمه الكتاب الأول كمحام نموذجي مؤمن بفضيلة العدالة، مثالي يدافع عن أسود متهم باغتصاب امرأة بيضاء، وهي شخصية ثمنها القراء، وألهمت آلاف الأميركيين ممارسة مهنة المحاماة، وأيضا، حثت البعض على تسمية أبنائهم باسم آتيكوس. بالنسبة لمناضلي حركة الحقوق المدنية، كان والد سكوت (آتيكوس) صورة لتحقيق العدالة، حتى أن أوبرا وينفري اعتبرتها «عملاً قومياً»، ومع ذلك، فيي «لتعين لك حارساً»، تركت هاربر لي (سكوت(- البالغ من العمر 26 عاما في هذا العمل – يصور بطريقة أوتوبيوغرافية الى حد كبير آتيكوس كشخصية صارمة للغاية، ساخطة على قرار المحكمة العليا في عام 1954 الخاص بعدم شرعية التمييز العنصري في المدرسة. شخصية شائخة وعنصرية شاركت في اجتماعات «الكوكلوس كلان». بالنسبة لعدد من قراء «أن تقتل عصفوراً ساخراً»، هناك أسطورة تتهاوى. من الصعب فهم كيف أن إنساناً تم النظر إليه على أنه شبه قديس أصبح فجأة مثالا للعنصرية. ومع ذلك، بالنسبة لكثير من النقاد، تروي الرواية الأخيرة من دون شك الواقع الاجتماعي لآلاباما في الخمسينيات بطريقة قاسية وصادقة عن الرواية الأولى، ما دفع البعض الى التساؤل إذا كانت النسخة الأصلية المطمورة في الصندوق خلال نصف قرن عبرت بصدق عن العصر، من الناحية السياسية. وهكذا، يعكس آتيكوس صورة تعقد الإنسان الذي يقبع في داخله العنصري «المكتوم». هاربر لي، نفسها، صرحت أنها لا تتعلق كثيرا بهذا الاختيار، إذ عندما كتبت روايتها الأولى في عام 1957، كانت مكتفية، كمبتدئة، بالذهاب الى دار النشر. وهكذا بعد أن صورت واقعا عنصريا عاشته آلاباما في خمسينيات القرن الفائت، تشارك هاربر لي اليوم، بشيء من المصادفة، في التنفيس العرقي الأميركي ونقاشاته السجالية، بل وواقعه اليومي المعاش.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©