كــلام التأمـــل

التأمل فكرة خارجية، تفرضها احتياجات الذات والحياة، أو أن الذات بكل ما تواجهه من تفاصيل لتصبح اجتماعية، مسؤولة، ومُنتَظر منها إثبات وجود الود عن طريق لغة المشاركة، تحتاج إلى الانعزال، لترى كل شيء عارياً من سطوة المكان وزمنه، فالمجتمع فكرة حركة دائبة، سواء أكان مجتمع بشر أو نباتات، لا شيء يسكن أبداً، لذلك فالتأمل طريقة للسكون، وبالتالي التحكم أكثر في الحياة بالرجوع إلى أنفسنا، وأنفسنا فقط، كما أنه إحدى مفردات المقاومة لأجل إراحة النفس، كالحلم، كالآهات· من أشكال التأمل البسيطة، تلك الأسطورة الاجتماعية التي تقضي بضرورة محاسبة الإنسان لنفسه يومياً، وأعلى صورها المطروحة، أن يتم ذلك قبل النوم، حتى يستيقظ الإنسان صباحاً بإدراك أدائي مختلف، ومتخلصاً من أي ذنب ربما· لكن التأمل في معناه المطلق، موضوع للتوحد بالكون من خلال إعلاء الروح على الجسد، فالجسد أرضي أي في متناول اليد، والروح سماوية، أي في متناول البحث، وهذا ما يجعل من التأمل غريزة كباقي الغرائز· دون أن نعرف ندخل يومياً في لحظات قليلة منه، لكن التمرين عليه بإدراك هو توجه، ومجرد البدء من خلال تمرين معين لصيغ مجربة سلفاً من خلال مؤسسين سابقين عليك، ومتتالين، يتسبب في إرباك انتقالي، وبعد البدء يمكن لمتأمل مبتدئ أن يقول: 1 بعد جلسة تأمل أولى، ومن خلال التمارين المؤداة، لا توجد هناك أي مشاعر مستجدة على طريقتي في فهم ما يحيط بي، والتعبير عنه أيضاً، كل ما هناك أنني في حالة استسلام إرادي لما يحدث، وقد مرت تجربة الجلسة عادية، فهناك تجارب حياتية مررت بها كانت أكثر انفتاحاً على تنظيم الداخل، إنها تجارب حياة غير متوقعة، كالاصطدام بحُبٍ أو وردة أو مشهد أو شجرة أو عبارة مقولة أو مكتوبة، أي أن التأمل صنو التكثيف، هكذا يمكن لنا أن ننتبه إلى أننا نخوض تجربته في اليوم مئات المرات· إننا نمر يومياً بتدمير نظام العمل الثابت لأداءي الجسد والروح، كنوع من ثورة دائمة، ضمن الحدث اليومي البسيط· 2 أعرف أنه يجب عليّ أن أستمر في أخذ تلك الدروس، فهي بمثابة حقنة في الوريد، تصل مباشرة إلى الدم، ليكون التأثير أسرع، أعتقد أن ذلك أشبه بتعلم الأبجدية من جديد، نعم؛ إن إحدى ضرورات التأمل هي الرجوع إلى الجهل بكل شيء، أريد أن أفهم أن اللغة ليست لغة، حتى وأنا أتقن التعبير بها؛ لأن إدراكي لقدراتي اللغوية سيقلل من فاعلية تطويرنا معاً·