فتاح المحرمي (عدن)
من أهم أهداف إيران وميليشياتها الانقلابية في اليمن، السيطرة على مضيق باب المندب، لتتحكم طهران في حركة التجارة العالمية، لكن عمليات «الرمح الذهبي» بقيادة التحالف العربي وقوات الجيش والمقاومة، قضت على هذا الحلم تماماً بعد دخول باب المدب والمخا تحت مظلة الشرعية، لتصبح القوات اليمنية بالقرب من مدينة الحديدة، وكرد فعل انتقامي من انتصارات الشرعية، لجأت الميليشيات الإرهابية إلى تلغيم الممر الدولي في تهديد آخر يضاف إلى محاولات الميليشيات استهداف السفن المدنية والحربية، بعد استهداف بارجة سعودية بزوارق مفخخة، ومدمرة أميركية، وسفينة الإغاثة الإماراتية «سويفت».
من نتائج الألغام الحوثية، تعرُّض زورق بحري تابع لمصلحة خفر السواحل خليج عدن للغرق عقب انفجار لغم بحري زرعته ميليشيات الانقلابيين في ساحل المخا، وقالت قيادة خفر السواحل: «إن زورقاً يتبع دورية خفر السواحل تعرض للغم بحري زرعته الميليشيات الانقلابية، أثناء قيامه بمهمة دورية في المياه الإقليمية وبالقرب من ميناء المخا».
وأكد المصدر أن الانفجار تسبب في غرق الزورق «صنعاء» واستشهاد الجندي محمود الهندي وآخر مفقود وإنقاذ ثمانية جرحى تم نقلهم إلى مستشفيات عدن لتلقي العلاج وحالتهم بين متوسطة وخطيرة، وتم العثور على جثة الشهيد في ساحل الخوخة ونقلت إلى ثلاجة المستشفى العسكري في الحديدة ولاحقاً إلى صنعاء.
وحذر معهد واشنطن المتخصص بشؤون الشرق الأوسط الشهر الماضي من خطر تلغيم المياه الدولية في باب المندب، وذكر تقرير أعده الخبيران، كوماندر فوغان وسايمون هندرسون بأن «المكتب الأميركي للمخابرات البحرية» بعث برسائل إلى السفن التجارية في 9 فبراير الماضي حذرها فيها من مخاطر الألغام في مضيق باب المندب.
وقالت الرسالة الأمنية الأميركية: «لدى الحكومة الأميركية ما يدعو للاعتقاد أنه في أواخر يناير، زرع المتمردون الحوثيون ألغاماً في المياه الإقليمية اليمنية في البحر الأحمر قرب مدخل ميناء المخا»، ودعا التقرير إلى جاهزية دوريات الاستطلاع على اعتراض الصواريخ الموجّهة التي تهدّد بشكل كبير عمليات الشحن والقوات البحرية، كما أن أي مواقع مكتشفة لتخزين الألغام يمكن أن تكون هدفاً قيماً، كما أوصى التقرير بضرورة القيام بمهمات مشتركة لإزالة الألغام البحرية بالمنطقة، واعتبر التقرير أن تحرير كل السواحل اليمنية من سيطرة الحوثيين يعد الحل الجذري لهذه المشكلة.
كما وجهت الولايات المتحدة أواخر مارس اتهامات لإيران بتدريب الانقلابيين وتزويدهم بالسلاح، واستخدامهم في تهديد الملاحة في باب المندب، وذلك حسب الجنرال جوزيف فوتيل، قائد المنطقة المركزية الأميركية.
ويكتسب مضيق باب المندب الذي يبلغ عرضه نحو 25 كيلومتراً أهمية كبيرة للملاحة العالمية حيث تمر عبره 21000 قطعة بحرية سنوياً (57 قطعة يومياً) من خليج عدن إلى البحر الأحمر ومن ثم إلى قناة السويس والبحر المتوسط، وهو من الممرات التي تزدحم فيها حركة مرور ناقلات النفط في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، كما ينقل الممر 3 ملايين و300 ألف برميل نفط يومياً، بمعدل 30% من حمولات النفط عالمياً، وتمثل نحو 7% من حركة الملاحة العالمية.
يقول د. فضل الربيعي رئيس مركز مدار للدراسات الاستراتيجية والأبحاث إن الاهتمام الدولي بمضيق باب المندب تزايد بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث بات يوجد في باب المندب ومحيطه عدد كبير من القوات والقطع البحرية التابعة لبعض الدول الكبرى في العالم، بحجة حماية الممر الدولي الذي تهدده القرصنة البحرية، في حين تسعى إيران إلى وضع استراتيجية عسكرية تمتد إلى عام 2025 تهدف إلى نشر قواتها البحرية من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر، وفي هذه الحالة تكون إيران قادرة على تهديد حركة نقل إمدادات الملاحة، ولا سيما «النفط والغاز»، من خلال سيطرتها على مضيق هرمز من ناحية، ووجود حلفائها الحوثيين الذين لا زالوا مسيطرين على ميناء الحديدة القريب من باب المندب».
وأكد أن إيران فشلت في مد نفوذها في باب المندب بنشر قواتها البحرية، وقد تعمق هذا الفشل بعد أن فقد الانقلابيون السيطرة على باب المندب والمخا وقريباً الحديدة.
ويرى القبطان محمد سيف جبران اليافعي أن زرع مليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية الألغام في السواحل والمياه الإقليمية واستهداف السفن في باب المندب يعد تهديداً للملاحة الدولية، وطالب المجتمع الدولي بموقف حازم ضد هذه التهديدات وحماية الملاحة الدولية، وأضاف أن هذا التهديد سوف تترتب عليه تداعيات دولية، ومنها لجوء المنظمة البحرية الدولية إلى تعديلات على الاتفاقيات البحرية الدولية مثل «اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد الملاحة البحرية الدولية» - اتفاقية سواء - والتي اليمن طرف فيها، مشيراً إلى أنه يجب نشر قوة ردع دولية توقف التهديدات الحوثية للملاحة الدولية.
عدد اليوم
