خيم حزن عميق على بولندا أمس غداة مقتل الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي وعشرات من أفراد النخبة الحاكمة في البلاد من المدنيين والعسكريين، بحادث تحطم الطائرة الرئاسية البولندية قُرب مدينة سمولينسك غربي روسيا. وصرح القائم بأعمال الرئيس البولندي، رئيس مجلس النواب برونيسلاف كوموروفسكي بأنه سعلن قريباً موعد انتخابات رئاسية مبكرة، داعياً البولنديين إلى نبذ خلافاتهم والتوحد في هذه المرحلة.
ونقلت طائرة عسكرية بولندية جثمان كاتشينسكي إلى وارسو وكان كوموروفسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك ومسؤولون آخرون في استقبال النعش في المطار. وتم وضع الجثمان أمام قصر الرئاسة كي يلقي الجمهور النظرات الأخيرة عليه قبل تشييعه ودفنه.
ووقف البولنديون في جميع أنحاء بلادهم صامتين لمدة دقيقتين حزناً على الضحايا واحتشد ملايين الأشخاص في الكنائس للصلاة على أرواحهم. وتجمع الآلاف أمام القصر الرئاسي في وارسو وحولوا المنطقة الممتدة أمامه إلى بحر من الزهور والشموع وأعلام البلاد وصور الراحلين. ووضع كوموروفسكي وتاسك الشموع أمام البرلمان البولندي.
وأعلن كوموروفسكي الحداد لمدة أسبوع وحث البولنديين على تنحية خلافاتهم السياسية جانباً في الوقت الحالي. وقال في كلمة بثها التلفزيون البولندي”إن أمتنا متحدة اليوم في مواجهة هذه المأساة. لا انقسام إلى يسار أو يمين والخلافات في وجهات النظر غير مهمة. نحن معا في مواجهة هذه المأساة”. وأضاف أنه سيحدد موعداً جديداً لإجراء انتخابات رئاسية بدلاً من الانتخابات المقرر إجراؤها في شهر أكتوبر المقبل، بعدما يجري محادثات مع الاحزاب السياسية في بولندا قريباً.
وقال الرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا الذي كثيرا ما اختلف مع كاتشينسكي “عملنا معا لبناء الديمقراطية البولندية والخلافات باعدت بيننا فيما بعد، لكن هذه صفحة مطوية الآن”.وفيما بدأت السلطات الروسية دارسة تسجيلات الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة، اعلن مدعي النيابة العامة الروسية ورئيس لجنة التحقيق في الحادث الكسندر باستريكين الاحد أن تحليل المحادثات بين قبطان الطائرة وبرج المراقبة في مطار سمولينسك يستبعد فرضية تحطمها بسبب عطل فني. وقال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين “ إن التسجيل الذي بحوزتنا يؤكد عدم وجود مشاكل فنية في الطائرة”. واضاف “ تم إعلام القبطان بالاحوال الجوية السيئة لكنه قرر الهبوط وتسجيلات برج المراقبة تؤكد ما سجله الصندوقان الأسودان”
وعبر زعماء العالم عن شعورهم بالصدمة والحزن. وأعلنت روسيا ودول الاتحاد الأوروبي الحداد الوطني لمدة يوم واحد اليوم الاثنين، فيما التزمت ليتوانيا الحداد أمس.
وقدم الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين تعازيهما لبولندا ووعدا بإجراء “تحقيق دقيق” لمعرفة ظروف الكارثة الجوية. وقال بوتين في بيان موجه إلى الشعب البولندي “هذه مأساة لنا أيضا. نشعر بحزنكم”.
وأثنى الرئيس الأميركي باراك أوباما على دور كاتشينسكي في حركة “التضامن” التي أطاحت بالشيوعية في بولندا عام 1989. وقال “إن الحادث مفجع لبولندا والولايات المتحدة والعالم، وقد حظي كاتشينسكي بإعجاب كبير في الولايات المتحدة كزعيم متفانٍ من أجل حرية وكرامة الإنسان”. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي “لقد ناضل كاتشينسكي دوماً من اجل الديمقراطية والحرية ومحاربة الاستبداد”. واشار الرئيس البرتغالي انيبال كافاكو سيلفا الى اسهام الراحل في “ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون في بلاده”.
وقال الرئيس التشيكي فاسلاف كلاوس “انه حادث مريع” ورفع العلم البولندي فوق “قصر براج” مقره الرسمي. ووصف رئيس سلوفاكيا ايفان جاسباروفيتس الحادث بأنه “نبأ مثير للصدمة”. وقال رئيس رومانيا ترايان باسيسكو “إنها مأساة ذات بعد تاريخي”.
وقال رئيس رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون “إن كاتشينسكي كان أحد اهم اللاعبين في التاريخ السياسي الحديث لبولندا”. وقالت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل “إن ألمانيا تفتقد ليخ كاتشينسكي”. وقال رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني ان وفاته تمثل “خسارة كبيرة” لايطاليا. وقال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكينندي “يختفي معه رئيس دولة مميز دافع بكل وضوح عن مصالح بولندا”. وقال رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو “إنها خسارة لا تعوض” .
وقال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر “ان الكنديين والبولنديين ينعون معا ليخ كاتشينسكي وزوجته ماريا ومسؤولين سياسيين وعسكريين كباراً غابوا عنا في الحادث”. كما اشاد رؤساء وزراء الدانمارك والنرويج والسويد بصفات الرئيس الراحل.
وأعرب بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر عن ألمه العميق وقدم تعازيه للشعب البولندي خلال تلاوته صلوات مع بولنديين في مقر إقامته الصيفي في كاسل جاندولفو. وقال “إنني استودع حياة كل الضحايا عند الرب الرحيم وأتضرع الى الله عز وجل ليبارك الشعب البولندي”.
عدد اليوم
