الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين السودان ومصر

20 يونيو 2009 00:40
تعد العلاقة بين السودان ومصر هي الأقرب والأكثر حميمية بالمقارنة مع أية علاقة بين بلدين عربيين، ولا غرابة في ذلك فالتاريخ مشترك منذ عهود سبقت الميلاد، والنيل رباط أبدي، وكذلك اللغة المشتركة منذ مئات السنين. ثم إن مصر غزت السودان في مطلع القرن التاسع عشر(1810)، وظلت تسيطر عليه حتى قيام الثورة المهدية التي لم تعمر إلا لأعوام قليلة، عادت بعدها مصر لتحكم السودان وفق شراكة مع بريطانيا انتهت في أول عام 1956. وبعد أن نال السودان استقلاله ورفض، بما يشبه الإجماع، خيار الوحدة مع مصر، ظلت العلاقة بين البلدين تتأرجح بين التقارب الشديد والبعد البائن أو بين هذا وذاك. لكن مصر كانت على الدوام ترى أنها في مكان الأخ الأكبر الذي يسعى للاحتفاظ بذاك المستوى دائماً. ولا شك أن مصر قدمت للسودان حديثِ الاستقلال أنواعاً من الدعم لا يمكن إنكارها. كان لابد من هذه المقدمة للخوض فيما نحن بصدده من «فتور» في العلاقة بين القاهرة والخرطوم خلال الأسابيع القليلة الماضية. ويمكن حصر أسباب ذلك الفتور في قضيتين أساسيتين؛ أولاهما موقف حكومة السودان ومشاركتها النشطة في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في العاصمة القطرية، ولم تكن مصر متحمسة له. أما القضية الثانية فهي تقارب السودان مع نظام الحكم في إيران، في حين أن علاقات القاهرة متوترة مع طهران. ولم يخف الرئيس السوداني عمر البشير ذلك الفتور، بل أدلى بحديث لصحيفة مصرية في آخر أبريل الماضي، قال فيه بوضوح إن العلاقات مع الشقيقة مصر ليست حميمة ولكنها كذلك ليست فاترة، وإن الفهم المتبادل قائم بين البلدين. وبعد تصريح الرئيس السوداني تعددت التعليقات الصحفية في العاصمتين، لكنها كانت في مجملها موضوعية تعبر عن تفاؤل بإمكانية عودة العلاقات وطيدة حميمة كانت في الغالب. ولعل من أبرز التعليقات الصحفية وأهمها ما كتبه المفكر المصري فهمي هويدي في صحيفة «الأيام» السودانية تحت عنوان لافت للنظر هو «الفشل المقدس في علاقات مصر والسودان»، ويقول السيد هويدي إن «ملف العلاقات المصرية السودانية مرشح بقوة لأن يحتل موقعاً بارزاً في كتاب الدهشة، من حيث أنه محمل بأثقال الماضي أكثر مما هو مستجيب لاستحقاقات الحاضر والمستقبل». وقد أبدى الكاتب دهشته من أن يكون هناك حضور للصين في السودان أقوى من الحضور المصري، حيث تُفتح معاهد لتعليم اللغة الصينية في حين يغلق فرع جامعة القاهرة في الخرطوم أبوابه. ويعدد هويدي المرات التي يرى أن السودان أخطأ فيها بحق مصر، كما يبين أن مصر الراهنة لم تتعامل مع السودان بما يستحقه من مودة، ولم تتصرف معه بمنطق الدولة الحريصة على تأمين حدودها الجنوبية. ومها يكن من أمر فالحقيقة هي أنه لا الحكم في مصر أياً كان نوعه، ولا الحكم الذي يمكن أن يكون في السودان في أي وقت، يملك أن يهمل العلاقة بين القطرين أو يعرّضها للتراجع أو الاضطراب. ولهذا فإن التفاؤل هو سيد الموقف، والعلاقات بين بلدي وادي النيل قابلة للازدهار والنمو والتطور، ويبقى من الأهمية بمكان أن تجلس طلائع المثقفين والعاملين بالسياسة وقادة الرأي العام، في كل من مصر والسودان، في مؤتمر يتم فيه تبادل الرأي بصراحة ووضوح تامين. إن علاقة البلدين، على تنوعها وتجذرها، في حاجة إلى بحث متعمق يصل بالطرفين إلى وضع ميثاق للتحالف بينهما مؤمن ضد أي اختراق أو إضعاف. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©