الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الرواية تزيح الخلاف وتصدر التقارب والانسجام البشري

8 مايو 2008 03:46
تواصلت صباح ومساء أمس الأول فعاليات اليوم الثاني لملتقى الشارقة للرواية والمقامة بدار الندوة التابعة لدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، حيث اشتمل الملتقى في دورته الثالثة على العديد من البحوث والشهادات والمداخلات المهمة المتعلقة بمحور (الأنا والآخر في الرواية)، وهو المحور الذي طبع الملتقى بجدل نوعي ونقاش ثري ساهم في التواصل مع إشكاليات الراهن السياسي والاجتماعي والمعرفي من خلال جنس أدبي حاضر وحيوي ومتشابك مع أسئلة الحاضر ورهانات المستقبل، حيث استطاعت الرواية بمناخاتها وانشغالاتها المنفتحة على الفنون الأخرى أن تتسيد المشهد الثقافي في العالم، وأن تكون لها الكلمة العارفة والمعنى العميق والمبحث المتطور على عدة أنساق وأساليب وتوجهات فنية وفكرية وإبداعية· في عيون الآخر شارك في إدارة جلسات الفترة الصباحية لثاني أيام الملتقى كل من الدكتور عمر عبدالعزيز، والدكتور محمد عبدالله المطوع، حيث فتح عبدالعزيز باب النقاش أمام الحضور وضيوف الملتقى للتفاكر والبحث حول عنوان (صورتنا في عيون الآخر)، وتركزت نقاشات الجلسة على مفهوم (الصورة) والتي باتت تحمل الكثير من اللبس والتشويه والمبالغات الافتراضية المساهمة في هدم الجسور بين الثقافات في العالم، خصوصا بعد التطورات السياسية والأيدلوجية الأخيرة، والتي صنعت شرخا كبيرا بين الأنا والآخر، أو بين الهوية المتشابهة وبين الهويات المختلفة، وذلك قياسا على مبدأ الخوف من الغريب، وعلى مبدأ الريبة التي تسبق الاطمئنان، وهي مبادئ لم يستطع الإعلام المفتوح ـ رغم سيطرته على فضاء العين والذهن أن يذيب ترسباتها العميقة في الوجدان الجمعي للهويات المنغلقة· وبالتالي فإن وسائل معرفية وثقافية أخرى مثل الرواية يمكن أن تخترق حوائط الإعلام الهشة والمتبدلة، وأن تشيع الحوار مع الآخر من خلال منطق مختلف ونوعي، يزيح كتلة الخلاف ويصدر مفاهيم جديدة حول التقارب والتآلف والانسجام البشري· تغيير الصورة وركزت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور المطوع على عوامل تغيير الصورة السلبية من خلال الأجناس الأدبية التي تتصدرها الرواية، كونها المرآة التي تعكس صورة المجتمعات وحركتها المنبعثة من الماضي، والمنطلقة إلى المستقبل، فالرواية هي لسان الخفي والغائب والمسكون بالأسرار والتفاصيل وبالتالي فهي تترجم واقع الأمكنة وقيمة الأحلام وجموح الرغبة المتجاوزة لخسارتها الموزعة على البؤس الاجتماعي والانقسام السياسي والتشرذم الذاتي· أما الجلسات المسائية للملتقى فاشتملت على جلسة أولى برئاسة الدكتورة فاطمة البريكي من الإمارات التي طرحت محور (خطاب التواصل الإنساني في الرواية العربية) وتحدث فيها الدكتور محمد حافظ دياب من جمهورية مصر، أما التعقيب على الجلسة فكان من نصيب الكاتبة الإماراتية أمينة ذيبان· ناصر الظاهري وتلت الجلسة الأولى شهادات ذاتية حول طقوس الكتابة وألوان السرد شارك فيها الأديب والقاص الإماراتي ناصر الظاهري، والروائي السوداني خالد عويس· وتحدث ناصر الظاهري في شهادته عن الطقوس الأولى للكتابة، وعن سيرة مدينته الأثيرة: (العين)، وزيارات الفجر وهجمة الحب التي لا يمكن أن تلوثها أبجديات الهزيمة· وقال الظاهري في شهادته: ''في طقوس الفجر والحب والكتابة، يكفي أن تفتح عينيك والستائر، لتجد عرق الليل على نافذتك، تسمع صهيل (منحاز) عوشة بنت عبدالله، وهي تدق قهوة الصباح، أو تصافق أجنحة ديك الحارة من جداركم إلى جدار الجيران· في طقوس الفجر والحب والكتابة·· يكفي أن ترى كسل النوم الذي يرقد في عيون الصغار، تثاؤب أفواههم الصغيرة المرسومة كعنقود عنب، ثقل حقائبهم المدرسية، جلسة الجارات اللاتي يستدفئن بالشمس، وبثرثرات فوالة الصباح· ويتجول الظاهري من خلال شهادته الرقيقة عن أحوال الكتابة ومقامات السرد وسط جدل خلاق، يعلّي من قيمة الطفولة والمكان الأول، ويفتش في خرائط الوجد عن كنز محفوظ، وذهب مصان، فالمكان الأول هو أرض الكتابة الأولى أيضا، وهو مبتدى السرد وروح الأيام التي لم يمسها البهتان، ولم يجرّحها شوك العمر رغم تماديه في الكهولة· وفي ذلك يقول الظاهري: '' أين أنت من أبوظبي الآن ·· ومن ناسها المعلقين في الطوابق العلالي، الطرق، تلك الثعابين السوداء الطويلة، كيف وصلت البر بالساحل؟ رعى الله أيام (الجريات والضعون) أيام كنا نلاقي أهل الساحل من مسيرة يوم، فرحين بحضورهم الصيف في (العين)، جالبين معهم زينة (الفرضة) وتعب المراكب، الجسيف، لقط الخلال، تباشير النخيل، فرحة الطير بالبسر، واصفرار العذق، قرمة أول رطب، عودة النساء المرويّات، جرار الماء التي على الرؤوس، وتلك التي تحتضنها الخواصر، تشكيل الأنثى البرية التي يصنعها هرق الماء، وتلك المشية المرتجة، بداية رحلة الحرف، وفك الطلسم، ونشوة المعرفة''·
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©