الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيري شلبي: لا يمكن للروائي أن يكتب سيرته الذاتية

خيري شلبي: لا يمكن للروائي أن يكتب سيرته الذاتية
8 مايو 2008 03:42
الروائي الكبير خيري شلبي يعتبر عمدة رواية السيرة الذاتية في الأدب المصري الحديث، فهو صاحب تجربة إنسانية متنوعة وشديدة الثراء، وهو أكثر الروائيين المصريين ابتداءً من نجيب محفوظ وانتهاءً بجيل الشباب اعتماداً على سيرته الذاتية في أعماله الروائية الكثيرة والمتنوعة، ورواياته محطات في مسيرته الفنية وهي أيضاً محطات ومراحل من سيرته الذاتية· وهنا شهادته عن حال أدب السيرة الذاتية ومستقبله· يقول شلبي: هناك مبدأ أدبي قديم جداً وفي تجدد مستمر وهو أن الكاتب متاح له أن يكتب عمن يعرفه معرفة جيدة، أي عما يدور داخل إطار تجربته الحياتية وسيرته الذاتية، وهذا المبدأ شرط أساسي في العقد الشفهي المبرم بين الكاتب والقراء، غير أن هذا لا يعني الأدب الجيد، أي مجرد معرفة تفاصيل وأسرار حياة الكاتب، فالأدب يبحث عن جوهر التجربة وليس مصدرها، وبالتالي وقائعها، فإذا كانت التجربة صادقة تقبلها القارئ، وإذا كانت كاذبة او مفتعلة رفضها· واضاف: الذي يحدد صدق التجربة هو مدى ما تنطوي عليه وتكشف عنه من مشتركات إنسانية أصيلة يحس بها ويتفاعل معها جميع القراء مهما اختلفت لغاتهم وثقافاتهم وبيئاتهم، وكلما كانت هذه المشتركات كبيرة وعميقة كان العمل الفني، الروائي، عظيماً وخالداً· وقد أباحت المدارس الحديثة في الأدب للكاتب أن يتخذ من ذاته موضوعاً لكتاباته، وكل المطلوب منه أن يكون مستوعباً لهذه الذات، هاضماً لأسرارها ومزالقها، وأن يكون على مسافة تمكنه من رؤية هذه الذات من الداخل والخارج بكل موضوعية وصدق، فإذا وفق الكاتب في ذلك استطاع أن يجعل ذاته موضوعاً لأدب غني وعظيم، واذا غرق في ذاته واستسلم لزحامها وتفاصيلها الكثيرة غير المفهومة متشجعاً بوجود تيارات فنية حديثة ورائجة قائمة على رصد حركة الوعي الذاتي العشوائية ''أسلوب تيار الوعي'' ظناً منه ان اسلوب تيار الوعي يتسع لأي ''خرف'' وأي تدفق لا قيمة له ولا معنى فإن ذلك سيكون أدباً منحطاً ينفر القارئ منه نفوراً شديداً جداً· ويقول خيري شلبي: لي فلسفة فيما يتعلق بكتابة الذات أو السيرة الذاتية، فرغم أنني أؤمن بفن السيرة الذاتية خصوصاً في الرواية وأتابعه بشغف فإنني حتى الآن لم أصل الى حل يقنعني بكتابة سيرتي، وهناك إشكالية فلسفية تعترضني، وهي اعتقادي بأن الإنسان ليس وحده يملك سيرته الذاتية، وأن ذاته نفسها ليست تخصه وحده على عكس ما نتوهم، فالذات البشرية مثلها مثل الجسد شارك في صنعها وفي صنعه مئات الأطراف، فالذات في النهاية كم مهضوم من الآخرين، الأب والأم والخال والعم والمعارف والاساتذة والمجتمع برمته، كل ذلك يمنعني من كتابة سيرتي الذاتية، غير انني على يقين بأن الكاتب لو أراد ان يكتب قصة حياته فإنه سيكتب شخصاً آخر، تلك حقيقة لا تتزعزع، لأن قانون التجربة الذاتية الشخصية يختلف عن قانون الكتابة، لأن الكتابة وسحرها واللغة ومقتضياتها والخيال والمشاعر الحديثة الكفيلة بحجب الكثير من الحيوية عن المشاعر القديمة التي يحاول الكاتب استعادتها من السيرة الذاتية، كل ذلك ينتج شخصية مختلفة وتثبت أن هناك حواجز كثيرة تجعل من صاحب السيرة الذاتية شخصاً يكتب عن صاحبه، أي شخصاً غيره، بينما هو يكتب عن نفسه· ولهذا أضع دائماً مسافات كبيرة بيني وبين سيرتي الذاتية وتجربتي الخاصة، وهي مسافات أشبه بممرات داخل الحدائق والقصور توصلك للآخرين وتفصلك عنهم في نفس الوقت، ويمكن القول إنني أستفيد بسيرتي الذاتية في كتاباتي بقدر ما يستفيد سخان الماء من النار المتوهجة تحته، او أن حياتي الشخصية اشبه بالخميرة التي توضع في عجين الدقيق حتى يصبح صالحاً للخبز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©