الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوبريت «اللؤلؤة» يروي قصة حزن هيا.. ومقتل الوحش على يد بحار

أوبريت «اللؤلؤة» يروي قصة حزن هيا.. ومقتل الوحش على يد بحار
11 ابريل 2010 21:46
بدأ عرض “أوبريت اللؤلؤة” الخاص بمهرجان قطر البحري، وذلك في الشاطئ البحري لمنطقة الحي الثقافي بالعاصمة القطرية مساء الجمعة الماضية، حيث تمت الاستعدادات الكاملة لعرضه أمام المسؤولين في يوم الافتتاح بعد أيام عدة، واستطاع الفنان عبد الرحمن المناعي تجسيد رؤية عميقة للتاريخ الخليجي وشبه الجزيرة العربية في طابع درامي وغنائي، أذهل الحاضرين، وأجاد المنفذون والقائمون على العمل قراءته للماضي والحاضر وتمحور عملهم في هذا الإطار، من خلال الأحداث لاستلهام روح الإصرار والتحدي من الماضي من خلال تراث الآباء والأجداد، وبرواية غنائية وعرض مسرحي شامل تم رسم صورة متكاملة للحياة القطرية والخليجية قديماً في ظل اعتمادها الأول على معطيات البحر، كمصدر وحيد للحياة وكيف استطاع القدماء التعايش مع هذه المعطيات رغم الأخطار التي تكتنف عملية الإبحار والغوص بحثاً عن اللؤلؤ في المغاصات البعيدة، في رحلة كانت تأخذ بقدر ما تعطي وربما تفوق الضريبة العطاء في بعض الأحيان. وداع المغادرين لكن أعراف الحياة لم تتغير وبقي الإصرار والتحدي هما رمز الحياة ، فيما استطاع المناعي أن يقرأ المعاني الخفية من بين السطور فأبرز الكثير من ملامح الحياة، مع الإشارة إلى دلالتها الاجتماعية بوضوح ، فلم يكن اجتماع أهل القرية على الشاطئ لوداع المغادرين للبحر إلا تجسيداً لحالات الشوق والخوف التي تبدأ مع رحلتهم وحتى العودة، وكذلك مدى تحمل المرأة وقيادتها للأسرة في ظل غياب الزوج والعائل ومعطيات الحياة القليلة، المساحة المفتوحة والتقنيات الحديثة أتاحت للمشاهد أن يربط بين الأحداث على البر وما يعيشه البحارة داخل البحر من خلال الشاشات السينمائية في مشاهد واقعية لرحلة العمل داخل البحر ابتداء من عملية فرد الشراع ومساهمة الجميع على الشاطئ في إنزال المراكب للبحر وفرد شراعها وحتى رؤية المراكب وهي تعود من المغاصات البعيدة في الهيرات النائية.. صوت النهام يصاحبهم في رحلتهم إلى البحار النائية، والسيب والغواص أسيران يمضيان اليوم في هم وكد وعناء آثار الملح القاسي على الجراح النادبة التي مزقتها الحبال وهم يجاهدون لانتزاع أسباب الرزق في رحله محفوفة بالشوق والخطر.. كل ذلك من خلال مجموعة من اللوحات الفنية البديعة التي اعتمد فيها الكاتب والمخرج على سرد الأحداث بأسلوب غنائي يتنوع بين الحزن والسعادة والفرح ويعود ليجسد واقع الحياة فيحكي تارة عن الأطفال وهم يودعون آباءهم بينما ترتسم على ملامح النساء تعبيرات تجمع بين الخوف والرجاء. اللؤلؤة السوداء وتكون البداية مع راوي الأوبريت فهد الكبيسي الذي يدخل إلى المسرح بأغنية الافتتاح والتي هي عبارة عن حكاية تعبر معانيها بأسلوب أدبي شاعري عن الماضي وعلاقة الإنسان بالبحر، وارتباط الموج بالخطر في مشهد يجمع أهل القرية على الساحل ليجهز كل منهم أغراضه ويؤدي واجبه ودوره على المركب، وهم بين مغادر ومودع ليشدو الراوي بعبارات تتباين بين معاني الوداع والخوف والشوق للمغادرين قبل أن يبدأوا رحلتهم.. ومن ثم ينادى للدشة وهى عملية الإبحار والاستعداد لبدء الرحلة بكلمات يمتزج فيها الصمود بالعزة. وفى اليوم التالي تبدأ الدشة بمصاحبة غنائية من النهام ودعوات الأطفال والنساء الذين اصطفوا على الساحل في مشهد تعارف عليه راكبو البحر من الباحثين عن اللؤلؤ في المغاصات البعيدة عبر رحلتهم السنوية التي تمتد لأربعة أشهر. فيما يلعب الأطفال ويمرحون في مشهد يستعرض مجموعة من الألعاب الشعبية للبنين والبنات وتتعهد النساء بالجلوس على “ألفنه”، لمتابعه أخبار الغائبين وانتظارهم في كل يوم وكأنهم يستمعون لحكايتهم في العمق البعيد للبحر. أما اللوحة التالية فتؤديها الشاشات السينمائية التي تقدم رصداً تفصيلياً لما يدور في البحر ولحركه البحارة وأدوارهم وبحثهم عن أهدافهم التي أبحروا من أجلها، وعلى الشاطئ تفقد هيا بنت شيخ الطواويش لؤلؤتها السوداء في قرطها الذي فقدته على البحر، وحين تبكى هيا وتصرخ معلنه عن ضياع لؤلؤتها السوداء يهرع كل أهل القرية من كل الأعمار للبحث عن لؤلؤة هيا بكل السبل وفى كل الأماكن، غير أنهم لم يتمكنوا من العثور عليها رغم كل المحاولات، وبين حزن هيا وانعكاسه على والدها يزداد حزن القرية كلها رغم ما يقدمه العمل من إشارات للتعاون بين أولاد نفيع، وهى التسمية التي كانت تطلق على القطريين لحرصهم على العطاء وتبادل المنفعة. وهنا يرى البعض أن هيا لن تشفى من حزنها إلا بعد أن يتم العثور على لؤلؤتها السوداء أو بديلاً لها فيبلغ أهل القرية الطواشين، وأن من يأتي باللؤلؤ سيتزوج من هيا، ويبحر الطواش إلى الهيرات البعيدة لشراء اللؤلؤ، ويبلغ البحارة في البحر بقصة هيا وما حدث لها، ورغم الخوف والتحذيرات من الاقتراب من مغاصات اللؤلؤ الأسود تختمر فكرة العودة باللؤلؤة السوداء لشفاء هيا في ذهن أحد الشباب وصديقه، ليقدم المشهد اللاحق عمليه القفال وخروج النساء والأطفال لاستقبال العائدين بالفرح والسرور ومغالبة الفراق بالشوق لهذا العائد من رحلة الخوف والرجاء. قتل الوحش بينما يتأخر قارب الشابين في العودة لتقدم الشاشات السينمائية مجازفة الشباب بالدخول لمغاصات اللؤلؤ الأسود، وما كان يشاع عنها من الأسطورة التي تقول إن هناك وحشاً يلتهم من ينزل إلى هذه المغاصات، لكن هذا الشاب يستطيع أن يتغلب على هذا الوحش في إشارة للتحدي لهذه الأسطورة ويقهره، وتشهد عودته فرحة الجميع بعد أن يسلم والديها اللؤلؤة السوداء، وحين يبلغه الأب بأنه عند وعده بالزواج من ابنته يبلغه الشاب بأن لديه دانات أخرى وأنه سيتزوج من ابنة عمه. أما إصراره على العودة باللؤلؤة السوداء فكانت تعبيراً عن الحب والولاء لهذه الأرض الطيبة، وفيما يجتمع الجميع وتتجه أعينهم نحو المستقبل تبدو على الشاشة صورة للنهضة الحديثة التي تعيشها البلاد، ليؤدي العمل رسالته الحقيقية حين يستعرض التاريخ القديم ليربطه بالحاضر وما فيه من نهضة وعمران وكأنها نتاج طبيعي لصبر القدماء في رحلة الخوف والرجاء. وعن أوبريت اللؤلؤة بين الدشة والقفال قال مخرج ومؤلف العمل عبد الرحمن المناعي إن هذا العمل يعد بمثابة العمل المحوري والمهم في حياته، لاسيما وأنه كتبه قبل عشرين عاماً كمسرحية للأطفال غير أنه اقتنع بمشورة زميله غانم السليطي بتحويله إلى أوبريت غنائي، وأصبح أضخم عمل مسرحي غنائي في تاريخ قطر. مشيراً إلى أنه عمل توثيقي يبتعد عن تضخيم الأحداث وعناصر الإبهار، وأشاد كذلك بأداء الفنانين المشاركين وتعاملهم مع طبيعة المكان المفتوح بدقه وعناية، وذكر أن الاستعدادات بدأت قبل عامين وشكر الفنان فيصل التميمي على دوره البارز في صياغة الألحان وتجانسها مع العمل. ومن جانبه قال الفنان غانم السليطي : نحن أمام إبداع حقيقي لفنان قطري رائد مميز ومعروف وله إسهاماته وبصماته القوية في مجال المسرح، موضحاً أن ما شاهده اليوم يعد فخراً للمسرح القطري وإضافة للفنانين القطريين، لأن هذا هو تاريخنا الحقيقي وتراثنا الأصلي الذي يجب أن ندونه وأن نوثقه كشهادة للأجيال القادمة والتاريخ. أما الملحن فيصل التميمي فقال إن العمل رائع وكبير والمناعي بذل فيه جهداً جباراً وأدى الفنانون أدوارهم على أكمل وجه وبتجانس يؤكد أننا نتملك فنانين يجب أن يكونوا أسماء لامعة في الطرب العربي. وعن توظيفه لأصوات الفنانين قال إن التوظيف تم بناء على طبقات صوت كل فنان بشكل يخدم العمل. وأشار أيضاً إلى العناصر النسائية التي شاركت في هذا العمل الذي يعد اكتشافاً جديداً لهن كأسماء الدرويش وريانه وريم وغيرهن، وكذلك الأطفال الذين قدموا أدوارهم بكل اقتدار رغم حداثه أعمارهم. وتوقع أن ينال العمل كثيراً من رضا واستحسان الجمهور.
المصدر: الدوحة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©