السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

أداء الأمانات.. أمر إلهي

27 فبراير 2015 00:27
أحمد محمد (القاهرة) كان عثمان بن طلحة الحجبي، من بني عبدالدار، سادن الكعبة، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح، فطلب رسول الله المفتاح، فقيل إنه مع عثمان، فطلب منه فأبى، وقال لو علمت أنه رسول الله لما منعته المفتاح، فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب، فدخل الرسول البيت وصلى ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسدانة فأنزل الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا...)، «سورة النساء: الآية 58»، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه، ففعل فقال له عثمان يا علي أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق، فقال لقد أنزل الله تعالى في شأنك، وقرأ عليه الآية، فقال عثمان أشهد أن محمدا رسول الله وأسلم، فجاء جبريل عليه السلام فقال ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان وهو اليوم في أيديهم. وقال صلى الله عليه وسلم: «خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم». من حقوق الله قال ابن كثير، يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، من حقوق الله عز وجل على عباده، من الصلوات والزكوات والكفارات والنذور والصيام، وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله عز وجل بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه يوم القيامة. وقال ابن مسعود إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة، وإن كان قد قتل في سبيل الله، فيقال أد أمانتك، فيقول وأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا؟، فتمثل له الأمانة في قعر جهنم، فيهوي إليها فيحملها على عاتقه، فتنزل فيهوي على أثرها أبد الآبدين. جميع الناس وقال أثير الدين الأندلسي في «البحر المحيط»، ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه تعالى لما ذكر وعد المؤمنين، وذكر عمل الصالحات، نبه على هذين العملين الشريفين اللذين من اتصف بهما كان أحرى أن يتصف بغيرهما من الأعمال الصالحة، فأحدهما ما يختص به الإنسان فيما بينه وبين غيره، وهو أداء الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، والثاني ما يكون بين اثنين من الفصل بينهما بالحكم العدل الخالي عن الهوى، وهو من الأعمال العظيمة التي أمر الله بها رسله وأنبياءه والمؤمنين، ولما كان الترتيب الصحيح أن يبدأ الإنسان بنفسه في جلب المنافع ودفع المضار، ثم يشتغل بحال غيره، أمر بأداء الأمانة أولا ثم بعده الأمر بالحكم بالحق. وقال الإمام الشوكاني في تفسيره «فتح القدير»، هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع، لأن الظاهر أن الخطاب يشمل جميع الناس في جميع الأمانات، وقد روي عن علي وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب أنها خطاب لولاة المسلمين، فيجب عليهم تأدية ما لديهم من الأمانات ورد الظلامات وتحري العدل في أحكامهم، ويدخل غيرهم من الناس في الخطاب، فيجب عليهم رد ما لديهم من الأمانات والتحري في الشهادات والأخبار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©