الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

طلب العلم الحديث فرض على الأمة

طلب العلم الحديث فرض على الأمة
27 فبراير 2015 00:28
أحمد مراد (القاهرة) شدد علماء الدين على ضرورة إحياء قيمة العلم الغائبة في عالمنا العربي والإسلامي، مؤكدين أن تعلم العلوم الحديثة واجب على الأمة، ويعد من فروض الكفاية التي تستغني بها عن أعدائها وتدافع بها عن كيانها. وأشار العلماء إلى أن كل ما يحتاج إليه المسلمون من العلوم ليحقق لهم التفوق على غيرهم ولتكون لهم القوة على عدوهم، فهو فرض كفائي عليهم، تأثم الأمة إذا فرطت فيه. وأكد العلماء أنه لا عودة للأمة الإسلامية إلى سابق عزها ومجدها إلا إذا أقبلت على العلم من منطلق إيماني خالص، فلكي ترقى الأمم وتتقدم فلا بد لها من الإيمان والعلم معا، أما العلم وحده فقد يرفع أمة حتى تعانق السماء رفاهية ورغداً، ولكنها سرعان ما تتداعى مثلما تتساقط أوراق الخريف. فضل العلم ويقول الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن الإسلام الحنيف اعتبر مسألة تحصيل أو طلب العلم فريضة واجبة على كل مسلمٍ ومسلمة، وقد تحدثت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة عن فضل العلم والعلماء، وما لهم من الأجر الكبير عند الله عز وجل، وكل ذلك ترغيباً في العلم ودعوة إلى تحصيله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلمٍ ومسلمةٍ»، وفي هذا الحديث تأكيد على أن طلب العلم أمر لا يتمايز فيه أحد عن أحد، فهو واجب على الرجل والمرأة، الصغير والكبير، الشاب والشيخ، الحاكم والمحكوم، ولا يختص بطبقةٍ أو جنس، كما قال صلى الله عليه وسلم: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، وفي هذا الحديث إشارة إلى أن طلب العلم لا يختص بزمانٍ دون زمان، فهو فريضة على كل مسلمٍ في كل وقت ، وقال أيضاً: «اطلبوا العلم ولو في الصين»، حيث أنه ليس لطلب العلم مكان معين، وكل مكانٍ مهما كان بعيداً يوجد فيه علم نافع ومفيد هو من الأمكنة التي يجب على المسلم أن يسعى للوصول إليها، لتحصيل ذلك العلم والإفادة منه، وهذا ما يجعل طلب العلم فريضةً مميزةً عن كثيرٍ من الفرائض الإسلامية التي تحدد لها وقت معين، كالصلاة والصوم مثلاً، أو مكان معين كالحج. أدوات المعرفة ويوضح: لقد خلق الله تعالى الإنسان وزوده بأدوات العلم والمعرفة وهي السمع والبصر والعقل، والإسلام دين العلم والمعرفة فأول آية نزلت من القرآن الكريم كانت تأمر بالقراءة التي هي مفتاح العلوم، والعلم في الإسلام يسبق العمل، فلا عمل إلا بعلم كما قال سبحانه: «فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات»، وقد حذر الله كل مسلم من القول بلا علم فقال سبحانه: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)، «سورة الإسراء: الآية 36»، وتنويها بمقام العلم والعلماء استشهد الله العلماء على وحدانيته فقال سبحانه: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، «سورة آل عمران: الآية 18»، ولأهمية العلم أمر الله رسوله أن يطلب المزيد منه فقال: (وقل رب زدني علماً). وإلى جانب هذا كله بين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر وأخبر عليه الصلاة والسلام أن طلب العلم طريق إلى الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقاً يطلب فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة». سائر العلوم وتؤكد الباحثة الإسلامية الدكتورة خديجة النبراوي - صاحبة أول موسوعة لأصول الفكر السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الإسلام - أن الإسلام يدعو إلى تعلم سائر العلوم النافعة، والعلوم درجات فأفضلها علم الشريعة، ثم علم الطب ثم بقية العلوم، وقد جعل الإسلام علوم الشريعة أفضل العلوم لأنها هي التي يعرف بها الإنسان ربه، ونبيه ودينه، وهي التي أكرم الله بها رسوله وعلمه إياها ليعلمها الناس «لقد مّن الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين». وتقول: إن الأمة الإسلامية تحتاج إلى العلماء في كل زمان ومكان، وأمة بلا علم ولا علماء تعيش في الأوهام وتتخبط في الظلمات، ومن كتم هذا العلم، وحرم الأمة منه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة واستحق اللعنة إلا من تاب، وللعالم ثواب عظيم والدال على الخير كفاعله وإذا مات العالم فإن أجره عند الله لا ينقطع بموته، بل يجري له ما انتفع الناس بعلمه . تيسير المهام وتضيف الدكتورة خديجة: وفي ظل ترغيب الإسلام في طلب العلم وتكريمه للعلماء نبغ المسلمون في العلوم كلها والتمسوا المعرفة من الشرق والغرب فترجموا كتب العلوم الفارسية واليونانية وغيرها وشجع الخلفاء على هذه الحركة العلمية، حتى كان الخليفة المأمون يعطي من يترجم كتاباً وزن ما يترجمه ذهباً، ولم يقتصر المسلمون على الترجمة، بل تابعوا البحث والدراسة، والتعديل والتطوير، حتى ابتكروا وطوروا وسبقوا غيرهم، وفي ظل إدراك المسلمين لحقيقة العلم وقيمته برز أبو بكر الرازي أول من أجرى عملية إزالة الماء من العين، وظهر ابن سينا الذي كان كتابه الطبي «القانون» يدرس في جامعات أوروبا، وبرع جابر بن حيان في علم الجبر، واكتشف كثيراً من أسرار الكيمياء. وتشير إلى أن العلم الذي تنهض به أمتنا هو كل علم نافع، سواء كان من علوم الشريعة أو من علوم الطبيعة، ويقصد بها كل العلوم التي يحتاجها الناس في حياتهم كالطب والهندسة والزراعة والكيمياء والأحياء والفيزياء والإحصاء وسائر العلوم التي توجه الإنسان وتأخذ بيده وتيسر له القيام بمهمته في الوجود وهي عبادة الله تعالى وعمارة الأرض. أوراق الخريف ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي - الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: قديما تحدث العلماء والفقهاء عن فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم بها أحد أثم كل قادر على القيام بها، ومن هذه الفروض تعلم العلوم التي تستغني بها الأمة عن أعدائها وتدافع بها عن كيانها، فكل قوة يستطيع المسلمون إعدادها ثم يقصرون فإنهم آثمون، والعلوم الحديثة بكل جوانبها واجبة على الأمة، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وكل ما يحتاج إليه المسلمون من العلوم ليحقق لهم التفوق على غيرهم ولتكون لهم القوة على عدوهم، فهو فرض كفائي عليهم، تأثم الأمة إذا فرطت فيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©