الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا... مساع لإصلاح الشرطة

1 مارس 2011 21:02
سيرجي لويكو روسيا مازال يتذكر الغرق في عتمة نهر الفولجا، وتحفيز الماء المتجمد الذي ملأ منخريه وعينيه وأذنيه له للقيام بمحاولة أخيرة للصعود إلى السطح. وعندما اخترق سطح الماء، أسند "أليكسي ياكيموف" وجهه المكدوم على الثلج وشعر بالألم في ذراعه المكسورة وكتفه المخلوع يزداد. وبعيداً، كان يستطيع رؤية من كانا يريدان قتله يكافحان للخروج من ضفة النهر المكسوة بالثلوج والوصول إلى سيارتهما. كان الشرطيان قد أمضيا مساء طويلاً معه؛ وكانا هما أيضاً قد تعبا جداً. متاعب "ياكيموف" بدأت بشجار بين سائقي سيارات أجرة في هذه المدينة الواقعة شرق موسكو؛ حيث قام أحد أطراف النزاع باستدعاء حمايته الخاصة – شرطيان بملابس مدنية اقتادا ياكيموف إلى مركز الشرطة. وعندما انتهيا منه هناك، قررا رميه في مكان حيث لن يستطيع أحد إيجاده. إنها قصة مألوفة في روسيا، حيث الشرطة "تخوض حرباً ضد أبناء شعبها"، على حد تعبير عضو البرلمان الإصلاحي أندري ماكاروف؛ وحيث قال ربع الروس الذين استُجوبوا في استطلاع للرأي مؤخراً إنهم يعرفون شخصياً حالات قام فيها رجال من الشرطة بضرب أشخاص أو تعذيبهم. والواقع أن الصورة ليست أفضل، حتى وفق الإحصائيات الرسمية للشرطة نفسها: حيث سجل الأمن الداخلي 125 ألف حالة انتهاك للقواعد أو القوانين من قبل الشرطة في 2010 وقال إن أكثر من 4 آلاف قضية جنائية قد فتحت. وعلى هذه الخلفية القاتمة، دخل حيز التنفيذ يوم أمس إصلاح طموح لجهاز الشرطة الروسية على الصعيد الوطني. القانون، الذي ضغط ميدفيديف في اتجاه تمريره، يبدأ باسم الجهاز نفسه؛ فمنذ الأيام الأولى للثورة البلشفية، عندما قام فلاديمير لينين بتفكيك الشرطة القيصرية الممقوتة واستبدلها بمليشيات من المواطنين، عُرف جهاز فرض القانون بالميليشيا. واليوم، غير هذا الاسم ليصبح هو الشرطة مرة أخرى. كما سيتم تقييم العاملين في الجهاز من القمة إلى القاعدة، حيث من المحتمل أن يتم إعفاء 20 في المئة منهم على الأقل من وظائفهم، مثلما يقول بعض المسؤولين. كما ستتم مضاعفة الرواتب ثلاث مرات من أجل التقليل من إغراء ابتزاز الرشى؛ وسيتم فرض نظام صارم لقواعد السلوك. غير أنه لا أحد يبدو مقتنعاً بأن هذه الإجراءات ستحدث فرقاً كبيراً، ولاسيما أن العديد من أعضاء البرلمان المنتمين لحزب ميدفيديف يعترفون بأنهم صوتوا له رغماً عنهم. وفي هذا الإطار، يرى فيكتور إيليوكن، عضو من المعارضة البرلمانية ومدع عام سابق، أن المشكلة تبدأ من قمة الهرم إذ يقول: "هؤلاء المسؤولون الفاسدون سيشرفون على عملية إعادة التقييم وسيحتفظون بالأشخاص الذين يناسبونهم ويخدمون مصالحهم، الأشخاص الذين يضخمون إحصائيات الأداء ويجلبون لهم الرشى كل شهر". كما يقول منتقدون آخرون إن الشرطة ستظل مع ذلك تخدم مصالح الأقوياء والنافذين في روسيا. وبالعودة إلى حالة "ياكيموف"، فقد قام جلاداه - وهما نقيب شرطة وملازم - بتصفيد يديه وتقييده إلى خزانة فولاذية، ثم راحا يدخنان وينهالان عليه بالضرب. وعندما رجاهما "ياكيموف" أن يعطياه ماء ليشربه، قاما بملء كيس تسوق بلاستيكي بالمياه الغازية، وأدخلا رأسه فيه بالقوة وربطاه حول عنقه. وبعد ذلك، يقول ياكيموف، قرر الشرطيان قتله؛ فحاولا في البداية رميه من النافذة، ولكنه قاوم بكل ما أوتي من قوة وكان يصرخ بأعلى صوته. وبعد ذلك، أخذاه إلى النهر. وعندما توسلهما ألا يقتلاه، ضحكا. وهنا يتذكر ياكيموف قول أحدهما له: "أتعتقد أنك الأول الذي سيلقى هذا المصير؟ لماذا لا تصمت وتتمتع بآخر أنفاس حياتك؟". غير أن ياكيموف نجا ليرا جلاديه يتابعان في القضاء. ولكن أثناء انتظاره المحاكمة، تلقى تهديدات بالانتقام، ومحاولة فاشلة من قبل رجال مسلحين ومقنعين لاعتقاله، وما يشتبه في أنها محاولة من قبل شرطي آخر لاختطاف ابنته وعمرها 8 سنوات. وبعد أكثر من عام على تجربته المريرة مع الشرطيين، رأى جلاديه في المحكمة حيث أدينا بتهمة استغلال منصبيهما، وحكم على كل منهما بالسجن ثلاث سنوات. ذراع ياكيموف تضررت كثيراً، واليوم، صار يدير شركة صغيرة؛ وينوي الترشح للبرلمان المحلي. ويقول ياكيموف: "إن الناس يخافون من الشرطة أكثر من خوفهم من المجرمين في الشوارع"، مضيفاً إنهم متورطون في كل عملية ابتزاز في المدينة وفي المنطقة: فهم يسيطرون على تهريب المخدرات، ويسيطرون على الأسواق والشركات الصغيرة، والفساد ينخرهم بالكامل". ورغم فظاعة قصة ياكيموف، إلا أن "إيجور كاليابن" يقول إن ثمة قصصاً كثيرة أسوأ بكثير تتعمد الشرطة إخفاءها وحجبها. وفي هذا السياق، يقول "كاليابن"، الذي يرأس لجنة مناهضة التعذيب، وهي منظمة يوجد مقرها في نيجني نوفجروج: "إن الضحايا والشهود يتعرضون للترهيب حتى يسكتوا أو يتم ابتزازهم أو شراؤهم، فتُسحب الشكاوى، وتُسقط التهم، وتُغلق القضايا". والواقع أن إلقاء نظرة عرضية على الصحف الروسية أو نشرة الأخبار التلفزيونية تكشف عن قصص فظيعة من قبيل شرطي يغتصب طالبة، أو إطلاق نار عشوائي على زبائن أحد المتاجر، أو ضرب أستاذ وامرأة عجوز، أو تعذيب أطفال. ولكن المشرعين يبذلون بعض الجهود لتغيير ذلك. وفي هذا الإطار، يقول فلاديمير كوليسنيكوف، نائب رئيس الأمن في الغرفة السفلى للبرلمان، وهو نائب أول سابق لوزير الداخلية، إنه سيتعين على كل أفراد الشرطة أن يعيدوا تقديم طلب التوظيف والنجاح في عملية فحص وتدقيق صارمة لملفاتهم موضحا أن "المجدين والمتفانين في عملهم، والنزهاء والموهوبين فقط سيبقون في وظائفهم ". كما سيتم رفع الرواتب من ما يعادل حوالي 500 دولار في الشهر إلى أزيد من 1500 دولار. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©