الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر تحارب الجريمة بعقوبة «العمل للنفع العام»

الجزائر تحارب الجريمة بعقوبة «العمل للنفع العام»
1 مارس 2011 20:16
شرعت الجزائر منذ أبريل 2009، بتبني العمل بعقوبة بديلة للسجن بموجب تعديل لقانون العقوبات، وتتمثل في قيام فئات معينة من المحكوم عليهم، بالعمل للصالح العام بدل الزج بهم في السجن، وأبدت وزارة العدل الجزائرية ارتياحها للنتائج الأولية التي حققتها التجربة بعد نحو 22 شهراً من التطبيق، إلا أن بعض القانونيين طالبوا بتعديل آخر للقانون قصد السماح لفئات أخرى واسعة من المسجونين بالاستفادة من هذا الإجراء. (الجزائر) - شرعت الحكومة الجزائرية في تنفيذ عقوبة «العمل للنفع العام» منذ أبريل 2009، وبلغ عدد المستفيدين منها إلى غاية نهاية السنة الماضية 867 جزائرياً بحسب مختار فليون، المدير العام لإدارة السجون وإعادة دمج المساجين، والذي أوضح أن العقوبة البديلة تشمل مجالات مهنية عديدة كالتنظيف والحراسة والحدادة والنجارة والبسْتنة والإدارة والأشغال العمومية والصيانة وكل الأعمال ذات المنفعة العامة. شروط الاستفادة قبل عامين، عدلت الحكومة الجزائرية قانون العقوبات وإقرار عقوبة العمل للنفع العام لفائدة بعض الفئات من المسجونين، وهم الذين تتوفر فيهم جملة من الشروط ومنها ألا يقل عمرُ المحكوم عليه عن 16 سنة، وألا تزيد عقوبته المقررة قانوناً عن 3 سنوات على ألا تتجاوز العقوبة التي يقررها القاضي بحقه 18 شهراً، وألا يكون مسبوقاً قضائياً، وأن يقبل صراحة بهذه العقوبة البديلة للسجن، وبعدها يتم إلحاقه بهيئة أو مؤسسة عمومية ما ليشرع في تنفيذ «عقوبته» بالعمل لديها لمدة لا تزيد على 18 شهراً إلى أن يستنفد «عقوبته» باعتماد مقياس ساعتي عمل عن كل يوم سجن، وتتراوح ساعاتُ العمل المقررة للقصَّر الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 سنة، 20 إلى 300 ساعة عمل، بينما تتراوح لدى البالغين بين 40 و600 ساعة بحسب مدة العقوبة المقررة. لتقييم نجاح التجربة وتبادل الآراء والاقتراحات حول سبل تطويرها، استضاف مجلس قضاء ولاية بومرداس (50 كم شرق الجزائر العاصمة) مؤخراً، عدداً من رجال القانون الذين كلفوا بتطبيق هذه «العقوبة» البديلة في المحاكم التي يشتغلون بها لتنشيط ندوة حول الموضوع. وأبدى بولعراوي رياض، وكيل جمهورية مساعد بمحكمة الرويبة، ارتياحه لنتائج تطبيق العمل للنفع العام كعقوبة بديلة للعقوبة السالبة للحرية، حيث استفادت فئات من المحكوم عليهم من العمل خارج أسوار السجن، في مختلف المؤسسات العمومية، ما يجعلهم اقرب إلى الاندماج في المجتمع بعد انقضاء فترة العقوبة البديلة، وكذا الاندماج المهني بحكم اكتسابهم بعض الخبرة في العمل، علماً أنهم يستفيدون من التأمين الاجتماعي أيضاً، ولا يختلف في شيء عن العمل العادي سوى من ناحية عدم تقاضي أي أجر. فئات محدودة نبه رياض إلى أن هذا الإجراء لا يستفيد منه المتورطون في السرقة ولو كانت بسيطة؛ لأن عقوبتها المقررة قانوناً تصل إلى 5 سنوات سجناً كأقصى حد، بينما يشترط القانون المعدَّل ألا تتجاوز مدة الحبس 3 سنوات كأقصى حد حتى يستفيد المحكوم عليه من هذه العقوبة البديلة، ولذا تستفيد منها الآن فئاتٌ محدودة من المساجين الذين ارتكبوا نوعاً محدداً من المخالفات القانونية كخيانة الأمانة وتزوير الوثائق الإدارية والقذف والسب والشتم والسياقة في حالة سُكر وحجز واستهلاك المخدرات. أما سامية خلوفي، وكيل جمهورية مساعد بمحكمة بومرداس، فأوضحت أن هذه العقوبة البديلة تهدف إلى إصلاح المحكوم عليه من خلال استفادته من حريته وأدائه خدمة للنفع العام، حيث يسهم ذلك في تراجع نسبة العودة إلى الجريمة مقارنة بالمجرمين المبتدئين الذين يؤدون عقوباتهم داخل السجن؛ إذ أثبتت مختلف الدراسات في العالم أن نسبة عودتهم إلى الجريمة بعد خروجهم من السجن عالية ما دفع مختلف الدول إلى التفكير في البدائل لمكافحة تفاقم الجريمة. من جهته، أوضح علي هلالي، قاض مكلف بتطبيق العقوبات بمجلس قضاء بومرداس، أن تنفيذ العقوبات البديلة يأتي بعد دراسة الحالة الشخصية لكل محكوم عليه وحالته الصحية وكفاءته وقدراته ومدى استعداده للعمل ليقرر بعد ذلك توجيهه إلى أداء العمل المناسب له. توسيع الدائرة بعد نحو سنتين من تطبيق التجربة، اتضح أنها تحمل إيجابيات كثيرة، حيث تحافظ على كرامة المتورطين في بعض المخالفات من خلال الاكتفاء بـ»معاقبتهم» بالعمل للنفع العام بدل سلبهم حريتهم والزج بهم في غياهب السجون ولاسيما إذا كانوا جامعيين وحملة شهادات، ومن ثمة، تسمح العقوبة البديلة بتجنب الاحتكاك بعتاة المجرمين في السجون وتفادي انغماس المبتدئين في عالم الإجرام، حيث يسهِّل عليهم العمل للنفع العام الرجوع إلى المجتمع والتوبة. ويؤكد قانونيون أن توسيع تدابير الاستفادة من هذا الإجراء القانوني سيسمح بإنجاح برنامج تخفيف الاكتظاظ داخل السجون الجزائرية، والتي يصل عدد المسجونين بها حالياً إلى نحو 55.500 سجين، بحسب فليون. إلى ذلك، يقترح رياض تعديل القانون مجدداً باتجاه توسيع دائرة المستفيدين من العقوبة البديلة لتشمل «المتورطين في السرقة الخفيفة الذين تصل عقوباتهم القانونية إلى 5 سنوات لأن هؤلاء هم الذين يشكلون الفئة الغالبة في السجون الآن». كما يطالب المجتمعَ المدني بلعب دور أكبر في مجال الوساطة بين العدالة والمؤسسات العمومية التي تحتاج إلى عمال، قصد إلحاق أكبر عدد ممكن من المسجونين المستفيدين من العقوبة البديلة، بها. وإذا طُبِّق هذا الاقتراح فسيسمح ذلك لآلاف المساجين الجزائريين كل سنة بالاستفادة من «عقوبة» العمل للصالح العام، وإفادة أنفسهم ومجتمعهم بدل أن يبقوا قابعين في السجن دون فائدة، فضلاً عن حلّ مشكلة الاكتظاظ داخل السجون وربما انحسار أكبر لمشكلة العودة إلى الجريمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©