الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أشعب والأداء الإيمائي

أشعب والأداء الإيمائي
17 يونيو 2009 02:38
أشعب كان في كتابات النقاد النموذج الأهم في التراث العربي على المؤدى الإيمائي، وجاء في الأغاني: «بلغ أشعب أن الغاضري قد أخذ في مثل مذهبه ونوادره، وأن جماعة قد استطابوه، فراقبه حتى علم أنه في مجلس من مجالس قريش يحادثهم ويضحكهم، فصار إليه ثم قال له: لقد بلغني أنك نحوت نحوي وشغلت عني من كان يألفني، فإن كنت مثلي فافعل كما أفعل، ثم غضن وجهه وعرضه وشنجه حتى صار عرضه أكثر من طوله، وصار في هيئة لم يعرفه أحد بها، ثم أرسل وجهه وقال له: افعل هكذا وطول وجهه حتى كاد ذقنه يجوز صدره، ثم نزع ثيابه وتحادب فصار في ظهره حدبة كسنام البعير وصار مقدار شبر أو أكثر، ثم نزع سراويله وجعل يمد جلد خصييه حتى حكّ بهما الأرض، ثم قام فتطاول وتمدد وتمطى حتى صار أطول ما يكون من الرجال، فضحك والله القوم حتى أغمي عليهم وقطع الغاضري فما تكلم بنادرة، ولا زاد على أن يقول: يا أبا العلاء لا أعاود ما تكره، إنما أنا تلميذك وخريجك، ثم انصرف أشعب وتركه». فأشعب في الخبر السابق علم بظهور منافس له في الأداء فسارع ـ حتى لا تسلط عليه الأضواء ـ إلى أن يثبت له مقدرته على التحكم في جسده بحيث يُعجز الآخرين، فيقدم له أداء إيمائيا خاليا من الاتساق والترابط، فهو يغضن وجهه ويعرضه ويشنجه تارة، ثم ينزع ثيابه حتى يصير في ظهره مثل حدبة سنام ويتمدد ويتمطى حتى يصير أطول الرجال، إنه يقوم بأداء درامي يستخدم فيه التشكل الجسمي كوسيلة تعبير، مركزا على الجانب الحركي العام من الأداء والفعل الدراميين، وإن تركيز أشعب على حركة الجسد جعل علي عقلة عرسان يرى بأنه يقترب من الفنانين التابعين لأحدث مدارس الأداء الفني المعتمد على الحركة المنبثقة عن معاناة ومعايشة صحيحة، تتخذ من الجسد مرتكز انطلاقها ليكون جهاز أداء يفصح عن الموضوع ويعبر عن الانفعال
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©