الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فاطمة المناعي.. «صوت الصم والبكم» أمام القضاء

فاطمة المناعي.. «صوت الصم والبكم» أمام القضاء
26 فبراير 2015 20:55
مرتضى البريري (دبي) قادتها المصادفة إلى تخصص، استغربته الأسرة التي لم تكن تعلم رغبة الابنة فاطمة المناعي بأن تكون هناك لغة تواصل خاصة مع زوج المستقبل، الذي لعب دور معلمها الأول في لغة الإشارة، حتى يحدد لشريكة حياته «شيفرة» تريحهما من تدخلات الآخرين، مدفوعاً برغبة معرفة هذا العالم انطلاقاً من حب صديق له عانى هذه الإعاقة ثم فارق الحياة، فكانت الأحزان «سر البداية». كنوز الأسرار وسلكت فاطمة المناعي التي تعد أول مترجمة للغة الصم والبكم في محاكم دبي، هذا الطريق الصعب، وأخذت تبحث بطريقة عملية، لتتفتح أمامها صفحات جانب آخر من حياة أشخاص يتفاهمون وهم صامتون، ويخفون في أعماقهم تفاصيل تحتاج إلى غواص ماهر يرتدي سترة الصبر ويتسلح بالعلم، ليكتشف كنوز الأسرار. وأمام ذلك التحدي، التحقت بقافلة المعرفة منذ عام 2002، ومن وقتها للآن وهي تتعامل بالإشارة، حتى ظنها المحيطون صماء، حين لاحظوا ذلك في مواقف عدة، احتارت خلالها بين أن تتركهم على ظنهم، أو تفاجئهم بصوتها، وفي الأخير، كانت تلقي السلام، فترى الدهشة على وجوههم، من أمر سيدة في مقتبل العمر، بإمكانها الالتحاق بوظيفة أخرى، تدر عليها دخلاً وفيراً ولا تتطلب كل هذا العناء. دعم زوجي فاطمة وصفت حياتها بالسعيدة والمغلفة بإطار من الحب، وترى في زوجها محمد أهلي «ابن خالها»، الشريك الداعم للاستقرار، والمساند لمسيرة عمل ناجحة في ترجمة لغة الإشارة بمحاكم دبي، لتكون كما يلقبها المقربون «صوت الصم والبكم أمام منصة القضاء»، حيث تعمل همزة وصل لكشف ملابسات القضايا التي يكون طرفها أحد أفراد هذه الفئة، وسط بحث متواصل لما يطرأ من تعديلات على الإشارات، نتيجة دخول كلمات جديدة، منها على سبيل المثال: «استراتيجية» التي تطلب توضيحات تعتمد على تفسير كلمة خطة ومن ثم تقريب المعنى.. «متلازمة داون» وكانت معروفة بأسماء أخرى أما الآن فيتم شرحها بطريقة مختلفة.. «آلية»، فلم يكن متعارفا عليها في السابق، بعكس ما تتطلبه الأمور حالياً من دخولها في جمل كثيرة». عمل جليل ورداً على سؤال حول صعوبة التفاهم مع هذه الفئة، أشارت المناعي إلى أن التعامل مع الصم يشعرها بأنها تقدم عملاً جليلاً، على الرغم من الصعوبات التي تكتنف لغة التواصل، حيث تختلف درجتها اعتماداً على ثقافة الأصم ومستوى تعليمه، وبالتالي يحتاج المترجم إلى جهد مضاعف، حتى تتضح الصورة وتتحول الإشارة إلى جملة مفهومة يستند عليها الحكم القضائي، مشددة في هذا الصدد على ضرورة تقبل الأهل لحالة ابنهم المعاق، والتعامل بطريقة سليمة لا تشعره بالحرج من وضعه، وبالتالي يتعثر في حياته، خاصة عندما يواجه المواقف الصعبة. وتعود بذاكرتها مرة أخرى إلى «ابن الخال»، وقت أن جمعتهما جلسة عائلية، ولم يفهم الحاضرون ماذا يقولان، وبأي لغة يتحدثان أو ماذا أصابهما؟.. وبعد فترة من ذهول الأهل أفصحا لهم عن الحكاية، ومن حينها، وحتى هذه الأيام، تتواصل كثيراً مع الزوج بلغة الإشارة، التي تعلمها لابنيها مايد 9 سنوات ومنصور 6 سنوات، والغريب في حياتها أن جميع صديقاتها وأصدقاء زوجها من ذوي الإعاقة السمعية. والمناعي تبذل قصارى جهدها لرعاية أسرتها، وبعد الانتهاء من دوامها تتبع برنامجاً للذهاب إلى نادي دبي للمعاقين 3 مرات أسبوعياً، لدرجة أن جميع أفراد أسرتها يمكنهم التواصل بالإشارة، وتجد في ذلك حلاً لنقل ما تريد لزوجها، وذلك بصفته خبيراً هو الآخر في لغة الإشارة، والذي تغير بسببه مسار حياتها، من الأحلام بالعمل رسامة تعبر عن مشاعرها بريشتها وتجسدها في لوحات، إلى التعبيرات الصامتة. همزة وصل وعن أصعب اللحظات التي تواجهها، تقول: عندما أكون همزة وصل بين الأصم وبين أحد القضاة وأشعر بداية بعدم القدرة على المساعدة، بحكم مهنتي التي تحتم علي أن أحول كلام القاضي إلى إشارات، وأترجم إشارات المتهم إلى كلام يسمعه القاضي، وهنا أستشعر صعوبة الموقف أمام أمانتي وقسمي على الحقيقة، لكني تعلمت التحلي بالصبر والدقة، ويهون الأمر قلة عدد القضايا الخطرة لهذه الفئة لأنها مسالمة، فأكثر قضاياها تتعلق بالمرور أو الإصلاح الأسري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©