الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وجدي الأهدل: لو فكرت في الرقيب لما كتبت شيئاً

وجدي الأهدل: لو فكرت في الرقيب لما كتبت شيئاً
17 يونيو 2009 02:34
يعتبر وجدي الأهدل أحد أبرز الأسماء الروائية اليمنية التي برزت في فضاء السرد العربي. وقد أثارت مغامراته الأولى في اجتراح المحظور الاجتماعي والسياسي جدلاً واسعاً لم يخفت حتى الآن. في هذا الحوار يتحدث عن تجربته في هذا النوع من الكتابة في ظل أجواء المصادرة والمنع. ومدى تأثير ذلك على كتاباته. بدأ اسمك يُعرف في عالم السرد بعد الإشكالية التي رافقت روايتك «قوارب جبلية» عام 2002 والتي توافق على إثارتها مثقفون وسياسيون ورجال دين، مما أدى بك إلى مغادرة اليمن، ولم تعد إلا بعد وساطة حائز نوبل للآداب جونتر جراس لدى رئيس الجمهورية، حيث أبطل عملية محاكمتك. كيف تسترجع ما حدث وتنظر إليه على مستوى التجربة الحياتية والأدبية بعد مرور هذه السنوات؟ ما قام به الروائي الألماني جونتر جراس هو درس للمثقفين العرب في التضامن، ليس لحماية الكاتب فقط، وإنما لضمان حرية الكتاب أيا كان مضمونه. كل كتاب مطبوع أو مخطوط له حق كامل في الوجود، وإن التعرض له بالإتلاف أو المصادرة أو الحرق هو انتهاك لهذا الحق. إنني أطالب كل المثقفين العرب بأن يقفوا صفاً واحداً في مواجهة أية سلطة سياسية أو دينية تصادر كتاباً.. وأقول لهم تحالفوا من أجل شيء واحد على الأقل، وهو حماية الكتب من المصادرة. هل ما حدث لك وحدث لآخرين، من مصادرات ومنع ورقابة وتكفير، يعتبر محنة للثقافة العربية، أم محنة الأديب العربي، أم محنة المجتمع بشكل عام؟ لعل أبرز ما قدمته المجتمعات العربية للمثقف الجاد هو الخذلان. وهذا يدلل على أن عصر الانحطاط العقلي والروحي في بلاد العرب لم ينته بعد. وهذا الكلام لا ألقيه جزافاً، بل إنه يمكنني البرهنة على صدقه بهذا المثال البسيط: إذا افترضنا أن «ك» هو مفكر عربي عقلاني مستنير، وأصدر عدة كتب فلسفية، فإن مجتمعاتنا العربية ستخذله على مستويين: المستوى الأول، أن هذه المجتمعات التي يربو تعدادها على الثلاثمائة مليون نسمة لن تشتري كتبه بكميات كبيرة، بحيث توفر له قاعدة مادية صلبة يقف عليها، تضمن له استقلاليته وحريته، فلا يضطر أن يرهن فكره للنظام القائم أو للمؤسسات التجارية أو الأجنبية المشبوهة. المستوى الثاني، أن هذه المجتمعات التي تتغنى ليل نهار بالحضارة العربية الإسلامية في القرون الوسطى، وتمجد الفلاسفة والأدباء والعلماء الذين برزوا في تلك الحقبة، هي اليوم لا تقدر نظراءهم المعاصرين، ولا تدافع عن حقهم في حرية التفكير، ولا تحترم ما ينتجونه من فكر وأدب وفن. وأما إذا تعرض مفكر أو أديب للتكفير وجرجر إلى ساحة القضاء، فإن هذه المجتمعات لا تحرك ساكناً، وكأن الأمر لا يعنيها إطلاقاً! هذه المجتمعات تجتر أمجاد الماضي، وتعيش ذهنياً في القرون الوسطى، وأما ما يحدث الآن، في هذه اللحظة، وكيف يحدث، ولمن يحدث، فذلك أمر غريب عنها تماماً. إنها مجتمعات تعيش انفصاماً حاداً بين التاريخ والجغرافيا. أنجزت بعد هذه الرواية ثلاث روايات؛ هل كان لهذه المحنة أي أثر على وجهة الكتابة. بشكل أوضح: هل بقي لديك هاجس خوف من تبعات الكتابة بتدفقها الحر. هل استطعت ترويض هاجس الخوف من الرقيب بكل أشكاله وأنت تكتب الروايات اللاحقة؟ لو فكرت في الرقيب لما كتبت شيئاً. أعرف أن هناك قطيعاً من المبدعين العرب يزعمون أنهم أذكى من الرقيب ويحتالون عليه ألخ هذه الأسطوانة المشروخة، وما أشبهه من كلام تافه غرضه الأول والأخير الدفاع عن الرقيب وتبرير أفعاله.. وكأن هذا الرقيب لو أمسك بكتاب وطالب بمصادرته، فإن الخطأ من وجهة نظر هؤلاء المتحذلقين يقع على عاتق المؤلف لا الرقيب، لأنه لم يتذاكى بما فيه الكفاية ليتمكن من خداعه! هؤلاء مهرجون، ومكانهم الطبيعي هو السيرك. يبرز الجانب الاجتماعي عبر رواياتك الأربع، من خلال سرديات لها منحى سياسي عام أو إشكالي اجتماعي متصارع مع المتغيرات. إلى أي حد يمكن أن يظل هذا المنحى وجهة ممكنة للسرد؟ أي أدب لا يحمل مضامين سياسية أو اجتماعية ما هو إلا لغو فارغ، كتابة غرضها التسلية وليس أكثر. مع كل رواية من رواياتك نجد منحى مختلفاً أو محاولة لتجريب جديد. هل هاجس التجريب ضرورة ملحة بذاتها، أم أنه متطلب فني يرتبط بفضاء الكتابة وموضوعاتها؟ مسألة تجريب أشكال فنية مختلفة ليست متعمدة، كما أنني لا أشغل نفسي بهذه المسألة تحديداً.. يبدو لي أن المضمون هو الذي يستدعي الشكل الفني المتوائم معه
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©