الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتشار العالمي.. رهان الصناعة الصينية

31 ديسمبر 2014 23:31
ما الذي يفعله مدير مصنع صيني كبير للحديد والصلب مملوك للدولة في وقت يتباطأ فيه الاقتصاد وتتصاعد المنافسة مع ضيق كبير ونفاد صبر من الملوثات التي تخرج من مداخن مثل هذه المصانع؟ وكيف يمكن الحفاظ على النموذج الاقتصادي المربح للعقود الثلاثة الماضية؟ من المثير للدهشة أن أحد الخيارات الشائعة التي يرددها البعض أن الحل يكمن في أن تغادر الصناعة الصين! وفي نوفمبر الماضي، أعلنت شركة «خبي للحديد والصلب» التي تحمل اسم مقاطعة صينية وهي أكبر منتج للصلب في البلاد أنها ستنقل إلى جنوب أفريقيا خمسة ملايين طن من قدراتها الإنتاجية السنوية أي ما يقرب من 11 في المئة من 45 مليون طن من الصلب تنتجها سنوياً. وبحلول عام 2023، تعتزم مقاطعة «خبي»، وهي أكثر مقاطعات الصين تلوثاً، نقل قدرات إنتاجية تبلغ 20 مليون طن من الصلب و30 مليون طن من الإسمنت وعشرة ملايين صندوق موازين من الزجاج -الصندوق الواحد يزن 50 كيلوجراماً تقريباً- إلى مناطق أخرى لم تعلن عنها بعد. وللوهلة الأولى، قد يبدو أن تصدير القدرات الصناعية الفائضة ليست له جدوى اقتصادية كبيرة. فمن غير الواضح ما إذا كان هناك الكثير من الطلب في المناطق الجديدة على المنتجات الوفيرة لعملاق قطاع إنتاج الصلب الصيني. ولكن، لماذا تفعل الشركة هذا؟ ربما لم يجد مسؤولو مقاطعة «خبي» الذين يشرفون على الشركة خياراً آخر. ولابد أنهم تعرضوا دون شك لضغوط سياسية كي يقلصوا عبء الصين البيئي بتقليص إنتاج الصلب والإسمنت والزجاج وجميعها صناعات تتسبب في تلوث كبير خاصة في الدول النامية. وربما أعيا التفكير أيضاً مقاطعة «خبي» في كيفية تقليص النشاط الاقتصادي الذي تعترف بأنه تضخم بشكل هائل. والمسؤولون في الصناعات المتعلقة بالإنشاء من الواضح أن لديهم قدرة كبيرة على الإنتاج ولكن القليل جداً من الطلب. وفي سبتمبر الماضي، أعلن نائب رئيس اتحاد الصين للحديد والصلب أن قدرات الصين في مجال إنتاج الصلب زادت بنحو 200 مليون طن منذ نهاية عام 2012 لتصل إلى 1,1 مليار طن إجمالًا. وكثير من هذا الإنتاج لا يستخدم. وفائض الإنتاج كان له تأثير مدمر على أسعار الصلب الصيني محلياً. فحديد التسليح الذي يستخدم في إنشاء كل المباني تقريباً انخفض سعره بنسبة 29 في المئة في عام 2014. والانخفاض كان متوقعاً إلى حد كبير بسبب أبطأ نمو تعرفه البلاد منذ عام 1990. فأين يذهب الصلب إذن في غياب سوق محلية قوية؟ أثناء الشهور الأحد عشر الأولى من عام 2014 صدّرت الصين 86 مليون طن من الصلب (ما يساوي تقريباً إجمالي إنتاج الولايات المتحدة في عام 2013) بزيادة 47 في المئة عن الفترة نفسها من عام 2013. ولكن سوق التصدير ليس رهاناً يمكن الاعتماد عليه في المدى الطويل وخاصة في وقت تفرض فيه الولايات المتحدة ودول مستوردة أخرى رسوم إغراق على الصلب الصيني. وبالنسبة لشركة تتطلع للنمو على المدى الطويل والحصول على استثمارات كبيرة، ليس أمامها إلا «الانتشار عالمياً». والحكومة الصينية في الواقع تتبنى سياسة «الانتشار عالمياً» منذ تسعينيات القرن الماضي وتشجع الشركات على إقامة فروع لها في الخارج بهدف استخراج المواد الخام والحصول على الطاقة، وبغرض التصنيع وإن يكن بدرجة أقل. ولكن «الانتشار عالمياً» كان في الماضي يخدم هدفاً طويل الأمد ولكنه الآن هدف مُلح. وقد أعلن مجلس الدولة الصيني الحاكم في الآونة الأخيرة أن الصين ستعزز دعمها لسياسة «الانتشار عالمياً» للشركات الصينية بوسائل منها الدعم المالي. وذكر المجلس أن الصين حريصة على رؤية شركاتها تنافس عالمياً وهي مستعدة لتمويل عمليات التوسع في الخارج. وهذا يشير إلى أن الصين تريد عائدات أفضل في صورة أرباح ونفوذ سياسي. وكما تحول منتجو الصلب المحليون في الصين إلى التصدير عندما لم ينتج السوق ما يكفي من الطلب، من المرجح أن تعتمد «خبي» للحديد والصلب على استخدام مصنع جنوب أفريقيا الحديث لتلبية الطلب في بعض دول القارة السمراء الصاعدة. ولكن الرهان قد لا يكون أيضاً آمناً. ولكن ما دامت الصين غير قادرة فيما يبدو على خلق مناخ مشجع للاستثمار، سيظل هذا هو أفضل الخيارات المتاحة التي يرجح أن تتبناها أيضاً شركات صينية أخرى في المستقبل. آدم ميتنز * * كاتب متخصص في الشؤون الآسيوية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©