الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشكلات المكسيك سابقة على ترامب

5 ابريل 2017 22:29
تنتشر في شوارع العاصمة المكسيكية رسوم جرافيتي تهكمية وانتقادية للرئيس الأميركي دونالد ترامب وخطابه شديد اللهجة بشأن التجارة والهجرة وأمن الحدود. ولكن على رغم ما يبديه المكسيكيون من مقاومة لترامب، فإن الشعور الغالب لديهم هو عدم اليقين بشأن مستقبل البلاد. وعلى سبيل المثال، يسمع المواطنون المكسيكيون تحذيرات واسعة الانتشار عن العواقب الوخيمة لنهج ترامب الحمائي على الاقتصاد المكسيكي، ولكن ضعف معدلات النمو منذ سنوات وتقلص الفرص المحدودة أمامهم، يجعلانهم غير مبالين كثيراً بالتهديدات. ويتزايد شعور المكسيكيين أيضاً بأن تهديد الولايات المتحدة ربما جرى المبالغة فيه. ومن المؤكد أن إحساساً واضحاً بالقلق غلب على المكسيكيين في أعقاب فوز ترامب بالرئاسة، مع انخفاض قيمة العملة المكسيكية، وتخبط الحكومة في التوصل إلى رد أمثل على طريقة ترامب الاستفزازية. وقد عانى الرئيس المكسيكي «أنريكو بينا نيتو»، من الحزب الثوري المؤسسي الذي ينتمي ليسار الوسط، من تقلص مصداقيته في الداخل بسبب ضعف النمو وارتفاع معدلات الجريمة وسلسلة من قضايا الفساد الكبيرة، وفضائح انتهاكات حقوق الإنسان. ولم يجد الرئيس «بينا نيتو»، فيما يبدو، استراتيجية متماسكة للرد على تغريدات ترامب على «تويتر»، ولكنه توصل في نهاية المطاف إلى إلغاء زيارة رسمية كانت مقررة إلى واشنطن بعد سلسلة من تغريدات ترامب المستفزة. ولكن هناك أيضاً ما يدل على أن المكسيك ستتغلب على المشكلات التي يتسبب فيها ترامب. فمزاعمه بأنه سيجبر المكسيك، بطريقة أو بأخرى، على تغطية تكلفة بناء جدار على الحدود، كانت دوماً ضرباً من الخيال، وهو ما يعترف به البيت الأبيض حالياً إلى حد كبير. وعلى رغم أن المكسيك تجهد، بلاشك، لاستيعاب مئات الآلاف من الأشخاص الذين رحلتهم الولايات المتحدة، فإن سياسة ترامب تعتبر أيضاً استمراراً لسياسة أوباما في هذا الشأن. والأهم من هذا للاقتصاد المكسيكي هو أن إدارة ترامب خففت، فيما يبدو، موقفها تجاه اتفاقية التجارة الخاصة بأميركا الشمالية «نافتا» التي وقعتها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك في عام 1992. ومع الأخذ في الاعتبار أن 80% تقريباً من صادرات المكسيك تذهب إلى الولايات المتحدة، فإن تهديدات ترامب بتعديل الاتفاق بشكل جذري، أو حتى الانسحاب منه تماماً، دفعت المحللين إلى توقع أسوأ الاحتمالات. ولكن الاعتماد المتبادل الكبير بين اقتصادي البلدين أثار الشكوك دوماً في مدى جدية تهديدات ترامب. وقد نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، يوم الخميس الماضي، تقريراً ذكرت فيه أن مسودة التعديل المقترحة لـ«نافتا»، التي يقدمها مكتب التمثيل التجاري الأميركي للكونجرس، تسعى إلى إجراء تعديلات بسيطة، وليست جذرية. ولكن حالة الهلع في المكسيك مع فوز ترامب بالرئاسة تخبرنا عن حالة عدم الأمان القائمة منذ فترة طويلة في الداخل، أكثر مما تخبرنا عن تأثير تحديات الرئيس الأميركي نفسه. فقد كان أداء الاقتصاد أقل من المأمول في السنوات القليلة الماضية. وظهور ترامب أعد الساحة فقط لسباق رئاسي من المؤكد أنه سيكون محتدماً للغاية في عام 2018. وفي هذا السباق سيجد الحزب الثوري المؤسسي الذي ينتمي إليه «بينا نيتو»، منافسين أقوياء في حزب العمل الوطني من يسار الوسط وحركة التجديد الوطني ذات الميول اليسارية. ويتوقع أن تكون حاجة المكسيك إلى التوصل إلى نهج اقتصادي جديد من النقاط المحورية في السباق الرئاسي المكسيكي المقبل. فبعد عملية تحول الاقتصاد الذي كانت تديره الدولة إلى حد بعيد إلى اقتصاد تحركه قوى السوق في الثمانينيات والتسعينيات أصبحت المكسيك مثالاً لنجاح العولمة، ووقعت اتفاقات تجارة مع نحو 50 شريكاً. وفي الوقت نفسه، زاد إحساس المكسيكيين بأنهم سيحققون نجاحاً كبيراً في القرن الحادي والعشرين، بعد أن تحقق التحول السياسي الذي طال انتظاره، والذي أفسحت فيه سيطرة الحزب الواحد المجال لديمقراطية تنافسية متعددة الأحزاب. ولكن الواقع أن الإنتاج المحلي الإجمالي لم ينمُ إلا بنسبة 0,6% في المتوسط سنوياً منذ تطبيق «نافتا» في عام 1994 وما زال 46,2% من المكسيكيين يعانون من الفقر. وما زال حكام الولايات يتصرفون وكأنهم فوق القانون، وبعض مناطق البلاد يستشري فيها العنف المرتبط بالمخدرات. * صحفي مقيم في مكسيكو سيتي متخصص في الاقتصاد والسياسة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©