الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الملهاة تغلب المأساة في «حرب النعل»

الملهاة تغلب المأساة في «حرب النعل»
18 مارس 2018 01:41
إبراهيم الملا (الشارقة) إنه المسرح الحيَ، النابض، المنشغل بعلاقة ودّ وانحياز وتضامن مع الجمهور، انحياز يصل أحيانا إلى تغليب الملهاة على المأساة، والكوميديا على التراجيديا، حتى وإن كان النص صارما وجديّا في طرح قضيته وأسئلته. إنه مسرح حسن رجب الذي بانت ملامحه بقوة مساء أمس الأول مع عرض «حرب النعل» الذي قدمه. ضمن عروض المسابقة الرسمية لمهرجان أيام الشارقة الرسمية في دورته الثامنة والعشرين. «حرب النعل» لفرقة مسرح دبا الحصن، ومن تأليف إسماعيل عبدالله، الذي يقدم إحدى تجلياته النصيّة في مشاع تخيلي يعود بنا إلى زمن السبعينيات وما قبلها، حيث القرية جارة البحر، وحيث الأهالي يمارسون مهنة «الضغوة» ويعتاشون على سمك «البريّة» التي تنتشر قرب الساحل في مواسم معينة، ويتم نشرها في الشمس وتجفيفها لتكون حاضرة على الموائد طوال العام. كل شيء هنا ينمو في الوداعة، وكل العلاقات تنشأ على الألفة والتعاضد والمشاركة الجماعية بين الأهالي، ولكن لاشيء يدوم على حاله، في غلبة الأطماع، والجشع، وتسيّد الطغيان، طغيان سوف يمثله الوالي أو النوخذة «الحوت» (الممثل حسن يوسف) بمساعدة وكيله (الممثل محمد بن يعروف) اللذان يستوليان على الحصة الأكبر من الأسماك المجففة، بحكم القدرة الشرائية للحوت، الذي يحفظ الأسماك في مخازنه ويدخرها للبيع بسعر أعلى، وإمعانا في التعبير عن استبداده وجشعه يصدر الحوت أوامره بمنع الصيادين من دخول البحر بحجج وأعذار واهية كي يتحكم أكثر في المخزون الموسمي، وكي يبسط هيمنته على السوق ويديره كيفما شاء. يجابه الحوت بمعارضة شديدة من المحتجين والمتضررين، حتى لا يستشري الفساد وعلى رأسهم النوخذة السابق (غيث) الذي ترك المهنة بعد فقدانه لبصره (يقوم بدوره الممثل سلطان بن دافون)، وحفيدته حور (الممثلة نورة علي)، وأحمد الصنقل (الفنان جمال السميطي) الذي تحول إلى شخص سكير ومشرد بعد أن حبسه الحوت في سجن مظلم مدة ثلاث سنوات ماتت والدته خلالها هما وكمدا على ما أصاب ابنها. وتزداد محنة القرية الساحلية عندما تتحول القطط الوافدة إلى القرية إلى قطط سمينة وشرسة تهاجم الأهالي وتعيث فسادا في مخازن السمك، ويضطر الحوت للقتال على جبهتين، جبهة المعارضين، وجبهة القطط التي لم تفلح حرب النعل والخطط الفاشلة للحوت في هزيمتها، ورغم المقاومة الكبيرة التي يبديها غيث وجماعته إلا أن السياسات المتخلّفة وخط الدفاع الضعيف الذي تشكل في العهد المظلم للحوت، جعل القرية تسقط سريعا في قبضة القطط المتوحشة التي تطرفت كثيرا في مسلكها، وتجرأت على انتهاك حرمة البيوت وملاحقة النساء وترويع الأطفال، وتشي خاتمة العرض بدلالات مؤلمة وإدانات موجهة إلى وقائع نعيشها ونتلمسها في أوطاننا العربية المبتلاة بالحروب والفظاعات والانتهاكات، حيث تسهم هشاشة المجتمعات المتفرقة، في استقواء الأعداء المتربصين لاحتلال البلدان الضعيفة وتشريد أهلها واستنفاذ خيراتها. قدم حسن رجب الملمح المأساوي للحكاية، في نسق سمعي وبصري ينتمي للكوميديا السوداء، كي يكسّر حدة المضمون المأساوي للنص، مستثمرا شخصية السكيّر (أحمد الصنقل) في انتزاع ضحكات الجمهور وسط الفضاء المتجهّم للحكاية، وكانت حركة الإضاءة فاعلة في ترجمة هذا الشكل المتنافر في العرض، وصولا إلى خلق حالة فرجوية مختلفة، يراهن حسن رجب على تنويعها وضخها بحسّ عال من التجريب واختبار الأدوات الإخراجية بصيغ متعددة، ومغامرات مشهدية أكثر جرأة وتجاوزا لسقف التوقعات، بغض النظر عن الحكم النقدي عليها، سلبا كان أم إيجابا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©