الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بدر الجابري: إدارة الجهود مفتاح النجاح والتميز

بدر الجابري: إدارة الجهود مفتاح النجاح والتميز
16 يونيو 2009 00:46
كثيرة هي الضغوط التي يتعرض لها المرء سواء في الحياة اليومية الاجتماعية، أو من خلال المحيطين به أو في سياق تأديته وظيفته، وكثيرة هي الضغوط التي قد تفضي بالإنسان نحو الضيق النفسي والقلق والانزعاج، ومن ثم المرض العضوي، فكيف يمكن تصريفها وإدارتها الإدارة الصحيحة حتى يكون المرء في منأى عن هذه الضغوط التي لا يكاد ينجو منها إنسان في حياته، لكن يبقى الفرق بين من يستطيع تفاديها وبين من يكون فريسة لها فتفتك بصحته النفسية والبدنية على السواء. في هذا الإطار يقول الدكتور بدر عبدالله الجابري خبير التخطيط والتميز المؤسسي: من منا لم يتعرض لضغوط العمل سواء على مستوى القيادات الإدارية أو الموظفين، إن الحياة الوظيفية لا تعفينا من الضغوط نتيجة بعض السلوكيات المزعجة، فجزء كبير من أوقاتنا نقضيه في العمل، وخلال ساعاته الطويلة تواجهنا ضغوط لينة أو قاسيه، بعضها يسعنا إدارته والتحكم به، والبعض الآخر يخرج عن سيطرتنا، وقد يدفعنا لفقدان صوابنا، ويؤثر على صحتنا، كما قد يؤدي بنا إلى انتهاج سلوكيات مربكة مثل: الغياب عن العمل أوالتأخر عن الدوام، ضعف العلاقات مع الآخرين، التعرض المتكرر للحوادث، أو الإفراط في التدخين، كما قد يؤول الأمر نحو كثير من الصراعات والعداوات في بيئة العمل. كيف نتحكم في ضغوط العمل يتساءل بدر عبد الله: كيف يمكننا التحكم في ضغوط العمل قبل أن تحطم حياتنا؟ وكيف نجعل أوقاتنا في العمل ذكريات حلوة وساعاته حالمة تكسبنا مهارات التحكم في ضغوط العمل، وطرقاً ناجحة في التعامل مع الآخرين؟ ويجيب: إنَّ ضغط العمل هو ظاهرة نفسية للشعور بعدم الراحة الفكرية نتيجة العجز عن التغلب على المشاكل أو المصاعب التي نواجهها، ونتيجة عدم السيطرة على الأوضاع الناشئة، إضافة إلى عدم إمكانية التكهن الدقيق بالنتائج المستقبلية. والضغط النفسي حدث ملموس في حياتنا اليومية وعليك التعامل معه أو مع نتائجه، والمطلوب هو تحقيق التوازن والمثالية في حالة الضغط النفسي، فانعدام أي نوع من الضغوط النفسية، أو انعدام التوازن النفسي، قد يؤدي إلى الملل وعدم الاكتراث وضعف الأداء. مظاهر نفسية لضغوط العمل يتحدث بدر الجابري عن الضغط في العمل وعن مظاهره، فيقول: من مظاهر الضغط في العمل الغضب والقلق، وهو الشعور بعدم الطمأنينة، ثم الأرق الذي يعتبر شعوراً مرتبطاً بتوقع خسارة ما حقيقية أو الخوف من شر أو خطر مرتقب، ينتج عنه عدم القدرة على النوم السليم، يصاحبه انخفاض في درجة حرارة الجسم، وينتج الأرق كإفراز مباشر لحالة القلق الزائد. أما الإحباط فهو إحساس بالتذمر والرفض والملل، ولا يصاحبه أي سرور ناتج عن التعامل مع الأشخاص أو الأشياء، وفقدان الثقة بالنفس، وتظهر غالباً في شكل عدم القدرة على اتخاذ القرارات أو سرعة تغييرها بعد اتخاذها. يتحدث بدر عبد الله عن ضغوط العمل، ملتفتاً نحو جانبها الإيجابي، ويقول: هناك من يتعامل مع ضغوط العمل بشكل سلبي، فيظل يتضايق ويندب حظه على ما يُلقى عليه من تبعات ومهمات، في حين أنَّ ضغوط العمل قد تكون دافعاً إلى تحقيق مزيد من النجاحات والتفوق في الحياة العملية والشخصية، إذا ما تعاملنا معها بمنظور إيجابي، ويورد في هذا الإطار: يقول صاحب كتاب «الضغط العملي طريقك إلى النجاح» الدكتور بيتر هانسون، إنَّ الضغوط هي مفتاح النجاح والتفوق، فالمهمات التي لا يحدد إطار زمني لتنفيذها قد لا تنجز أبداً، وإن أنجزت فالنتائج تكون عادة بمستوى أقل، مما لو كانت هذه المهام قد ربطت بمواعيد تنفيذ محددة، لذلك تعد الضغوط في هذه الحالة حافزاً للإنجاز. والذين يتعاملون مع الضغوط بجانب سلبي نراهم قد لبسوا نظارة سوداء أمام الحياة، فأصبحت تحجب عيونهم غشاوة، فيما ألسنتهم تدعو على الآخرين، وهناك فئة من الموظفين تشعر بضغوط العمل بسبب ما تعانيه من روتين وكآبة. كما يتحدث بدر جابر عن الأسباب التي تؤدي إلى ضغوط العمل، فيقول: إنَّ عدم توافر المهارات الفنية والإدارية المطلوبة في الموظف، والتي تؤهله إلى اكتساب ثقة رؤسائه في عمله تعد من بين أسباب الضغوط، وتلعب ثقافة الفرد الاجتماعية دوراً مؤثراً في هذا الاطار، حيث أنَّ عدم قدرة الموظف على التكيف مع بيئة عمله، نتيجة افتقاده فن التعامل مع الآخرين، يعد سبباً رئيسياً للإحساس بالضغط، كما أن انتهاج الموظف لسياسة التسويف، وجعلها أساس حياته العملية قد يضعه في موقف العاجز عن أداء الأعمال المناطة به، ومن شأن ذلك كله أن يتسبب له بضغوط نفسيه هائلة تؤدي به نحو الاحباط، كما أنَّ تدني مركزه الوظيفي عن مستوى طموحاته قد يفقده القدرة على العطاء، ويصيبه بالضغط، إضافة لعدم امتلاكه ثقافة التخطيط السليم وهو ما يشعره بأنه فوضوي، ومن ثم يفقده ثقة رؤسائه، وهذا يسبب له ضغوط عمل مستمرة، وقد يعمل بعض الأفراد على نقل الضغوط الخارجية إلى داخل العمل مما ينعكس على أدائهم في عملهم. فن التعامل مع المصاعب إن التوعية بأهمية الضغوط وخطورتها تأتى من أهم العوامل المساعدة على إدارة التعامل مع الصعوبات المهنية، خصوصاً بالنسبة للأجيال الجديدة من الموظفين والعاملين في القطاعات الحكومية الحساسة مثل أعمال الطوارئ والإسعاف والمستشفيات وخدمة العملاء والأسواق المالية والأسهم، وغيرها من المهن، لأنَّ الضغوط ليست محصورة على فرد بعينه، بل إنَّ الجميع عرضة لها دون استثناء. ومن خلال تجاربه الميدانية يقول بدر عبد الله: قد نزور أحد الزملاء في العمل، وهو على فراش المرض بسبب ارتفاع في ضغط الدم، أو بسبب أزمة قلبية ومن ثم نكتشف أن ضغوط العمل هي السبب، حيث يطلب منه الطبيب أخذ إجازة عن العمل أو الانتقال إلى عمل آخر. وقد صادفنا من خلال الاستشارات حالات من الموظفات اللواتي يتعرضن لضغوط العمل، فيما هنَّ يتفانين في أعمالهن لكنَّ ضآلة القدرة على إدارة الضغوط لا بدَّ لها أن تنعكس على الحياة الشخصية بصورة توتر وقلق في التعامل مع أفراد الأسرة. فن «الصبر» ومهارة الأسترخاء إن التعامل مع ضغوط العمل يجب أن ينظر إليه ويعالج من جانب الفرد والمنظمة على حد سواء، وذلك من عبر تهيئة النفس ذهنياً لقبول أسوأ الاحتمالات إذا لزم الأمر، ووضع أولويات العمل تبعاً للأهمية. ويقدم محدثنا بعض النصائح لمن يبحث عن حل لمشاكل الضغوطات المهنية: لا تستغرق في الهموم، خذ موقفاً وباشر في العمل على حل المشكلات الصغيرة في الحياة والعمل أولا بأول، ثم اعتمد النظرة الإيجابية للتغيير، لأنه تحد وجزء من الحياة، تعلم الصبر وصابر حتى تتقن ممارسة الصبر في المواقف الصعبة، تعلم الاسترخاء والتحرر من التوتر العصبي والابتعاد عن المثيرات، تحدث مع الآخرين ما خاب من استشار، استمتع بالأشياء الصغيرة في حياتك، لا تغال في نقد نفسك، لا تحمِّل نفسك فوق طاقتها، نظم ساعات نومك بشكل كاف، خذ راحة وعد أكثر لياقة، تجنب تعاطي الأدوية بدون إذن طبي، حسّن مهاراتك في العمل، أنظر إلى الجانب الايجابي للأمور، احتفظ بروح الدعابة ولا تفقدها، أكسِبْ نفسك روح المبادرة، فالمبادرة تساعدك على كسر روتين العمل، الذي قد يسبب لك ضغوطاً نفسية قاسية، كنْ اجتماعياً متسامحاً داخل محيط عملك، وخارجه، لا تتردد في مشاهدة البرامج الترفيهية والمسلية، لا تحمّل نفسك ما لا تطيق من الأعمال حتى لا تقع تحت طائلة ضغوط العمل المستمرة، ضع برنامجاً للرياضة والتسلية وحافظ عليه. لا تركن إلى شهاداتك وعلمك فقط، بل اطلع على تجارب الآخرين ممن شُهِدَ لهم بالنجاح والتميز، واطّلع على كيفية وصولهم إلى هذا النجاح وذاك التميز. كلما زادت المسؤوليات في العمل كلما كنت أكثر تعرضاً لضغوط العمل أكثر، ولكن كن إيجابياً، وتحكم بأسباب الضغوط وتعلم إدارتها بمهارة حتى تتجاوزها إلى جسر التميز والنجاح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©