الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... رؤية أميركية لدعم الديمقراطية

28 فبراير 2011 22:40
في الوقت الذي تنشغل فيه الولايات المتحدة بتقييم الانتفاضات المشتعلة في عدد من بلدان الشرق الأوسط، وتهرع لدعم عملية الانتقال الديمقراطي الوليدة في مصر، تجد أمامها العديد من الأفكار الموضوعة على الطاولة. من بين تلك الأفكار فكرة - سيئة للغاية - تتردد الآن على نحو شبه دائم في واشنطن، مفادها أن الولايات المتحدة إذا أرادت مساعدة مصر في الاستعداد للانتخابات، فإن الواجب عليها ليس فقط دعم عملية تطوير الأحزاب السياسية - وهي عملية معقولة على الرغم مما تنطوي عليه من حساسية - وإنما تأييد جانب واحد من الطيف الحزبي، وهو بالطبع الجانب العلماني الليبرالي الذي تشعر بالراحة معه. وهذه في الحقيقة وصفة مؤكدة للمتاعب. وهناك اقتراحات أخرى أكثر معقولية منها على سبيل المثال الاقتراح الذي قدمه السفير السابق "مارتن إنديك" مؤخراً ودعا بموجبه الحكومة الأميركية لضخ المزيد من الأموال في ماكينة ترويج الديمقراطية الهائلة التابعة لها، من أجل مساعدة القوى العلمانية المصرية الشابة على تنظيم نفسها، والاستعداد للانتخابات المقبلة. وفي هذا السياق أيضا قال النائب" إيلينا روس ليهتينين"(جمهوري من فلوريدا) إن "التعاطي مع الأخوان المسلمين يجب ألا يكون من بين المقترحات المطروحة على الطاولة"، كما قال النائب"هاورد برمان"(ديمقراطي من كاليفورنيا) إنه لا يجب على الولايات المتحدة بحال تلقين المصريين بشأن من يسمحون له بالمشاركة في حياتهم السياسية، ومن يمنعون، وأن تقتصر وظيفتها بدلا من ذلك"على المساعدة على إيجاد بديل للإخوان المسلمين". من ضمن المشكلات الدائمة التي كانت تواجهها الولايات المتحدة في سياق جهودها لدعم الديمقراطية في الخارج، تلك المتعلقة بالحفاظ على ذلك الخط الدقيق بين دعم المبادئ الديمقراطية الأساسية مثل الانفتاح السياسي، والمنافسة الحرة، وبين محاولة صياغة نتائج انتخابية معينة تصب في مصلحتها بطبيعة الحال. فما كان يحدث في الكثير من الحالات أننا عندما كنا نبدأ في اختيار مرشحينا المفضلين من بين طائفة من المتنافسين السياسيين، ثم نسعى إلى منحهم دفعة للأمام، فإننا كنا ندوس على ذلك الخط غالباً. فتلك الجهود الرامية إلى صياغة شكل النتائج الانتخابية، لم تكن تؤدي فقط لتقويض مصداقيتنا وإنما كانت ترتد بالسلب على نفس الأشخاص الذي كنا نسعى إلى مساعدتهم. ولعلنا نتذكر هناك مدى عدم جدوى الجهود التي بذلها الدبلوماسيون الأميركيون في العراق لوضعهم ثقلهم وراء مرشحين معينين أو أحزاب معينة خلال الانتخابات، التي جرت في هذا البلد منذ 2005. وإذا قرر المصريون السماح للإخوان المسلمين بالمشاركة في انتخاباتهم الرئاسية والبرلمانية القادمة، وهو قرار سيتخذوه من خلال عملية الإصلاح الدستوري التي يقومون بها في الوقت الراهن فإن الواجب علينا في مثل هذه الحالة، وإذا كنا نرغب حقاً في تقديم المساعدة لعملية تطوير الأحزاب السياسية المصرية. المفاضلة بين شيئين لا ثالث لهما: فتح برامجنا أمام جميع الأحزاب المسجلة رسمياً، والتي لا تمارس العنف، أو البعد تماماً عن دعم حزب أو أحزاب معينة. هناك احتمال أن يختار "الإخوان المسلمين" عدم المشاركة في أي برنامج لتدريب الأحزاب تقدمه الولايات المتحدة، (تركز هذه البرامج عادة على تنظيم الأحزاب، وكيفية إدارة الحملات الانتخابية، وغيرها من الأنشطة الأساسية الحزبية)، ولكن هناك احتمالاً أيضاً أن يقرروا المشاركة فيها، وهو احتمال لن يكون سيئاً للدرجة التي يعتقدها البعض. ويُشار هنا إلى أن "المعهد الديمقراطي الوطني"، الذي يعمل مع الصناديق الحكومية الأميركية الرسمية، كان داعماً نشطاً وفعالًا لعمليات تطوير الأحزاب السياسية في عدد من الدول العربية خلال السنوات العشر الأخيرة. وكان هذا المعهد يقوم بشكل متكرر، بإدراج الأحزاب الإسلامية ضمن قائمة الأحزاب التي كان يقدم لها خدماته. ومن بين تلك الأحزاب على سبيل المثال"جبهة العمل الوطني" في الأردن، و"حزب العدالة والتنمية" في المغرب، وحزب" الإصلاح" في اليمن. وهذه العملية لم تضر بالجهود الأميركية في هذا الشأن بل أدت، على العكس من ذلك، إلى العديد من الحوارات المثمرة بين الأحزاب الإسلامية العربية وبين الأميركيين. إنه لأمر جيد في الحقيقة أن تستيقظ الولايات المتحدة في نهاية المطاف، بعد عقود طويلة من تقديم الدعم للأنظمة في عدد من الدول العربية، وأن تبدي استعدادا للوقوف إلى جانب الديمقراطية. بيد أنه من الواجب علينا مع ذلك إدراك أن اللاعبين السياسيين المحليين في العالم العربي - وعلى النقيض من نظرائهم في أوروبا الوسطى والشرقية عام 1989 - ينطوون على شك هائل ومرير في أحيان كثيرة في صدق نوايا الديمقراطية. فتاريخنا في الوقوف إلى جانب الأنظمة الاستبدادية معروف جيداً، في الوقت الذي لم يزل موقفنا الجديد في الوقوف إلى جانب الديمقراطية والتحرر في طور التبلور. وهناك من الظواهر ما يزيد من احتمالات الشك، منها على سبيل المثال إنه عقب إعلان أوباما استعداد حكومته لمساعدة مصر في سعيها نحو الديمقراطية، قام رئيس الأركان المشتركة الجنرال "مايك مولين" بزيارة دول عربية لطمأنة حكامها بشأن استمرار الصداقة والدعم الأميركي. إذا أردنا مساعدة الديمقراطية على التجذر في مصر فإن مهمتنا، حسب نص عبارات النائب"برمان" تتمثل في البدء أولاً ببناء مصداقيتنا، ثم المضي قدماً بعد ذلك على أساس من مبادئنا الديمقراطية مثل الانفتاح والإدماج، لا المحسوبية السياسية والإقصاء. فتلك في نظري ستكون طريقة جيدة للبدء في جهودنا من أجل مساعدة قضية التحول الديمقراطي الحقيقي في مصر. توماس كاروثرز نائب رئيس قسم الدراسات بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©