الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطر «اليمين»

15 يونيو 2009 01:23
حين كانت الولايات الجنوبية الإحدى عشرة التي انشقت عن الاتحاد على وشك الاندحار عام 1865، أرغم جيفيرسون ديفيد (رئيس الولايات المنشقة خلال الحرب الأهلية الأميركية) المشرعين المتمردين الممتعضين على قبول طلب الجنرال روبرت لي بتجنيد جنود سود بغية تعزيز صفوف جيش شمال فرجينيا الذي كان آخذاً في التقلص. لكن أحد الكتاب الجنوبيين اتهم «لي» و«ديفيد» بالتنازل عن «أغلى وأنفس ما في استقلالنا»، بينما جادل مشرّع محافظ بأنه إذا سُمح للسود بخوض الحرب إلى جانب الجنود البيض، «فإن كل ما حاربنا من أجله كان كذباً». والواقع أن موجة مماثلة من الرفض والإنكار تسود حالياً جناح اليمين المتطرف في أميركا. ونحن هنا لا نتحدث عن الجمهوريين المحافظين، بل عن اليمين الذي يمثل بالنسبة له انتخابُ أوباما أكثر من مجرد هزيمة سياسية، وإنما كابوساً عرقياً ووجودياً. فإذا تمكن أوباما من النجاح ولم تعقب ذلك كارثة أو حرمان من الحقوق، ففي تلك الحالة يكون هؤلاء الأشخاص قد خافوا وحاكوا المؤامرات وكرهوا عبثاً وبدون طائل. إن الطبيعة التضليلية لمعتقدات اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، تجعل من محاولة تعقب ورصد ما يجري داخل صفوفه مهمة صعبة. ومع ذلك، فمن الواضح أن شيئا ما يتحرك داخله على نحو لم يحدث منذ منتصف التسعينيات، حين تُوج ازدياد النشاط في صفوف «المليشيات» بتفجير المبنى الفدرالي في أوكلاهوما عام 1995، والذي كان يعد الحادث الإرهابي الأكثر دموية على التراب الأميركي حتى هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وفي هذه الأثناء، ازدادت الشائعات القائلة بأن إدارة أوباما الجديدة خططت سراً لمصادرة أسلحة الأميركيين، وذلك عبر مواقع شبكة الإنترنت التي تعد وسيلة التواصل بين المتطرفين حالياً، وكانت وراء الإقبال على متاجر الأسلحة وتخزينها. ومنذ أبريل بدأت حوادث العنف تطفو على السطح: حيث قُتل ثلاثة من رجال الشرطة في بيتسبرج على يد شاب كان يخشى أن تتم مصادرة أسلحته. وكان القاتل يتردد على المواقع الإلكترونية التي تقول بتفوق الجنس الأبيض على غيره من الأجناس. وبعد ذلك بفترة قصيرة، أطلق النار جندي، من الحرس الوطني في فلوريدا، على ضابطي شرطة وأرداهما قتيلين لأنه، كما قيل، «كان منزعجاً بشدة» من نجاح أوباما في الانتخابات. وهو أيضاً كان يتردد على المواقع الإلكترونية لليمين المتطرف. وبالأمس القريب، قُتل طبيب أجرى عمليات إجهاض في ولاية كانزاس، ثم قُتل حارس في متحف الهولوكست في نيويورك من قبل منكر للمحرقة اليهودية. الرجلان كلاهما متهم بأن له علاقات باليمين المتطرف تعود لعقود، وكلاهما متهم بجرائم: المتهم في كانزاس لحيازته مواد تدخل في صناعة المتفجرات؛ والقاتل المزعوم في المتحف بمحاولة اختطاف أعضاء في «الاحتياطي الفدرالي». وهناك منظمات خاصة مثل «العصبة المناوئة للتشهير» و»المركز القانوني الجنوبي»، تقوم بعمل رائع في رصد وتعقب هؤلاء الأشخاص ومعتقداتهم التي تتحول باستمرار مثلما تفعل الفيروسات الخبيثة. غير أن اليمين العنيف يمثل مشكلة صعبة بالخصوص بالنسبة لأجهزة فرض احترام القانون؛ ذلك أنه منذ أوائل التسعينيات، أصدر منظرو الحركة مفهوم «المقاومة غير المنظمة» التي تقوم بها «ذئاب منفردة». وهو تكتيك هدفه الحيلولة دون انضمام الأتباع إلى منظمات يمكن أن يخترقها عملاء تابعون لوكالات فرض احترام القانون. كما يُطلب من الأتباع الالتزام بالسرية، والتحرك المنفرد، وتلافي التجمعات حيث يمكن تصويرهم. وعلاوة على ذلك، يستفيد المتطرفون الأميركيون من القوانين المتساهلة الخاصة بحيازة الأسلحة. فإذا كان الإرهابيون في معظم بلدان العالم يضطرون للانضمام إلى منظمات من أجل تأمين الأسلحة، فإنهم في الولايات المتحدة يستطيعون شراءها بالجملة من أي متجر أسلحة قريب. ولذلك فاللوبيات التي تدافع عن الحق في حيازة السلاح هي أفضل صديق لـ»الذئاب المنفردة». وإلى ذلك، دخلت «اللجنة الوطنية الجمهورية» والعديد من المعلقين المحافظين قبل شهرين، في نوبة غضب بعد أن أصدرت وزارة الأمن الداخلي تقريراً يلفت إلى التهديد الإرهابي الممكن والمتمثل في عودة تطرف الجناح اليميني. وانتهى المطاف بالوزارة إلى الاعتذار عن إشارتها إلى محاولات الجناح المتطرف تجنيد عسكريين عائدين. غير أنه مع ارتفاع عدد القتلى، قد ترغب الوزارة في إعادة النظر في ذاك الاعتذار. تيم روتن كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©