الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طفرة البترول والغاز الصخري

17 مارس 2018 21:44
سوف تصبح الولايات المتحدة المنتج الأول للبترول في العالم، وستتفوق على روسيا خلال السنوات الخمس المقبلة. هذا ما توقعته وكالة الطاقة الدولية في تقرير نشرته خلال الأيام القليلة الماضية. وبالنسبة لهذه الصناعة الإنتاجية المحلية التي ظلت تتراجع لعدة عقود حتى عام 2009، يُعتبر ذلك تحولاً مدهشاً. وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، فإن الولايات المتحدة هي الآن بالفعل أكبر منتج له في العالم، حتى أنها سبقت في إنتاجه روسيا، ولم يشهد إنتاجها منه أي تراجع خلافاً لما حدث في قطاع إنتاج البترول، بل شهد إنتاجها منه تطوراً كبيراً خلال العقد الماضي. وتم تحقيق هذه الطفرة الإنتاجية في مصادر الطاقة بفضل تقنيات التكسير الهيدروليكي للصخور وبعض الأساليب الأخرى لاستخراج البترول والغاز من الطبقات الصخرية، وهي التي تنطوي على نتائج إيجابية متعددة. وقدّر بعض المحللين الاقتصاديين عدد مناصب العمل المستحدثة في آبار استخراج البترول والغاز الصخري والقطاعات ذات العلاقة بالقطاعين في عام 2015 بنحو 725 ألف منصب، معظمها استحدثت بين عامي 2005 و2012. وقال خبراء آخرون إن الفوائد الاقتصادية المتعددة لطفرة الغاز الصخري خلقت نحو 4.6 مليون منصب عمل جديد وزيادة في القيمة السوقية للأسهم والسندات بنحو 3.5 تريليون دولار حتى عام 2016. وبالرغم من ذلك، فإن العجز التجاري للولايات المتحدة، والذي تداولته وسائل الأخبار هذا الأسبوع، ارتفع في شهر يناير الماضي إلى أعلى مستوى له منذ نهاية فترة الركود العظيم. ويشار أيضاً إلى أن الارتفاع الكبير في إنتاج الغاز الطبيعي الصخري ساهم في تحقيق تحوّل كبير عن استخدام الفحم الحجري في توليد الطاقة الكهربائية. ويُذكر أن استخراج الفحم من المناجم ينطوي على أخطار كبيرة على العمال. وبهذا يكون الغاز الصخري قد ساهم في تنظيف الهواء وتخفيض معدل انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو. فما هي العوامل السلبية لهذه الطفرة؟ من المؤكد أن لها تأثيرا سيئا على البيئة، لأن عملية تكسير الصخور على أعماق بعيدة تتسبب بتلوث المياه السطحية والجوفية وتساهم في حدوث الزلازل الأرضية. وهناك أيضاً مؤشرات ودلائل تشير إلى أن تسرّب غاز الميثان (CH4) من الغاز الطبيعي أثناء استخراجه من الطبقات الصخرية بسبب خفّته وقدرته الزائدة على التطاير، يمكن أن يقضي على المكاسب البيئية الناتجة عن التخلي عن الفحم الحجري فيما يتعلق بتخفيض الانبعاثات الغازية المسببة لاحترار الأرض. وهنا يكمن خوفي الأكبر الذي بدأ يلازمني منذ كتبت تقاريري المتعلقة بالجدل التجاري الذي احتدم في شهر يناير الماضي حول ألواح امتصاص الطاقة الشمسية، وتزايد هذا القلق عندما قرأت تفاصيل المشاريع الصينية لتوليد الطاقات المتجددة، والتي أصبحت بالنسبة لها بمثابة طاقة العبور لتحقيق استقلالية الاقتصاد وزيادة معدل النمو. ولا يعني هذا أن الصين تسعى إلى مجرّد تخفيض اعتمادها على البترول والغاز المستورد، بل إن الهدف الأهم الذي تنشده هو أن تتجنب الوقوع في المطبات الاقتصادية في المستقبل. ويضاف إلى ذلك أنها تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية أخرى من تطوير تكنولوجيا استغلال الطاقات المتجددة، ومنها أن تصبح الدولة الرائدة عالمياً في توليد «الطاقة الخضراء» أو التي لا تضرّ بالبيئة. وهي تعمل أيضاً لأن تتحول إلى دولة مصدرة للطاقة بحيث تنافس الولايات المتحدة وتسمح للدول الأخرى بتخفيض مشترياتها من البترول والغاز الطبيعي ومعدل انبعاثاتها من الغازات الضارة بالبيئة. وبات من الواضح الآن أن الولايات المتحدة أصبحت دولة غير مكترثة بالطاقات النظيفة. صحيح أن قطاع توليد الطاقة الكهربائية يتجه نحو التحول عن استخدام الفحم الحجري إلى استخدام الطاقات المتجددة، على الرغم من جهود إدارة ترامب لدعم صناعة استخراج واستخدام الفحم الحجري. ومنذ عام 2000 وحتى الآن لم يطرأ تغير يستحق الذكر على مجمل استهلاك الولايات المتحدة من الطاقة التقليدية، إلا أن أنها أثبتت عجزها عن تبني سياسة مستدامة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، وهي واحدة من الدول الكبرى الغنية الأقل اهتماماً بفرض الرسوم على استهلاك الوقود الأحفوري (البترول والغاز الطبيعي والفحم الحجري) والدفع باتجاه استغلال الطاقات المتجددة. والشيء الذي يزيدني قلقاً هو أن الولايات المتحدة تتجه بسرعة لأن تحتل المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج واستخدام الفحم الحجري، وهي المرتبة التي تحتلها الصين حتى الآن. وتكمن المشكلة الكبرى في أن طفرة البترول والغاز الصخري جعلت من المستحيل بالنسبة للولايات المتحدة أن تلعب دوراً ريادياً في تطوير تكنولوجيا توليد الطاقات المتجددة البديلة للوقود الأحفوري، ويبدو بوضوح أن الصين هي التي ستلعب هذا الدور. *محلل اقتصادي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©