الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات بريطانيا... تستنسخ «رئاسيات» أميركا!

انتخابات بريطانيا... تستنسخ «رئاسيات» أميركا!
9 ابريل 2010 22:03
لم تغب شهرة ميشيل أوباما الطاغية عن ذهن خبراء الدعاية الانتخابية البريطانيين. فقبل أن يطلق رئيس الوزراء براون إشارة انطلاق حملات هذه الانتخابات يوم الثلاثاء الماضي، كانت زوجتا رئيسي حزبي "العمال" و"المحافظين"، قد بدأتا منذ فترة طويلة في ممارسة أدوار متزايدة الأهمية هدفها تعزيز درجة قبول زوجيهما لدى الناخبين. والتزايد غير المسبوق في الأهمية السياسية للزوجات ليس سوى سبب من الأسباب التي تدعو كثيرا من الخبراء لتشبيه حملة الانتخابات البريطانية بحملة انتخابات الرئاسة الأميركية. يقول هؤلاء الخبراء إن الساسة البريطانيين يمدون أبصارهم عبر الأطلسي حالياً لرؤية ما الذي يمكن استعارته من هناك لاستمالة الناخبين في بلدهم. التكتيكات والاستراتيجيات التي يتطلع إليها هؤلاء الساسة، تشمل استخدام الإنترنت بنفس الطريقة التي استخدمه بها أوباما خلال حملته الانتخابية للوصول إلى القواعد الانتخابية، وكذلك شن الهجمات الشرسة التي تستهدف شخصيات بعينها، وإجراء المناظرات على الطريقة الأميركية، واستخدام المستشارين السياسيين الذين لعبوا دوراً كبيراً في نجاح حملة الرئيس الأميركي. والتركيز على الشخصيات... كل ذلك يبين كيف أن الحملات الانتخابية البريطانية باتت تشبه الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية لحد كبير، وذلك بدلا من الاقتصار على المعارك السياسية التقليدية بين القوى الحزبية المتنافسة لتسويق برامجها الانتخابية. لكن ما سبب هذا التغيير في أسلوب إدارة الحملات الانتخابية في بريطانيا؟ يوضح"روجر مورتيمور"، رئيس قسم الأبحاث السياسية في مركز "إيبسوس موري" لاستطلاعات الرأي هذا السبب بقوله: "هذه هي الانتخابات الأولى في التاريخ البريطاني التي تصبح فيها أهمية القادة كأشخاص في نفس مستوى أهمية السياسات، من وجهة نظر الناخبين بالطبع". من هنا، ليس ثمة ما يدعو للدهشة، عندما نرى المحافظين وهم ينتقدون براون باستمرار لافتقاره للكاريزما، ومهارات التواصل مع الآخرين خلافاً لسلفه بلير. وتلعب زوجة براون منذ فترة دوراً مهماً في الجهود الرامية لإضفاء طابع أكثر إنسانية ووداً على زوجها، الذي يتهمه كثيرون بأنه رجل متعالٍ، عابس الوجه في معظم الأحيان. ولعل الكثيرين يذكرون في هذا الصدد الصفات الإيجابية التي دأبت على وصف زوجها بها، ومنه قولها: "إنه زوجي... وبطلي". وكانت "سارة"، زوجة براون، تشغل وظيفة مسؤولة علاقات عامة، ثم اختارت التركيز على عائلتها وعلى الأعمال الخيرية بعد زواج براون بها، وازدادت شهرتها خلال العام الماضي لدرجة أن عدد أنصارها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أصبح يضاعف ستة مرات عدد أعضاء حزب "العمال" نفسه. وفي الجهة المقابلة، يأمل الناشطون من حزب "المحافظين" أن تتمكن "سامانتا"، زوجة زعيمهم، والتي تعمل مديرة للتصميمات الفنية بإحدى شركات البضائع الفاخرة، وتنتمي إلى سلالة ملكية أصيلة ينتهي نسبها عند الملك شارلز الثاني، يأملون أن تتمكن من استنساخ نجاح" سارة براون". وتصرفات المرأتين، وأقوالهما، وملابسهما... أصبحت من الموضوعات الثابتة لدى الصحف البريطانية، وهو شيء لا يبدو أي براون أو كاميرون في عجلة من أمره لتغييره. لكن ما السبب في ذلك؟ يكمن السبب في الأهمية الاستثنائية التي تتمتع بها أصوات النساء في الانتخابات البريطانية لدى الحزبين معاً. فمما يشار إليه في هذا السياق أن أصوات النساء، كانت عاملا لعب لصالح العمال في آخر نسختين من الانتخابات العمومية في بريطانيا، وإن كانت الدلائل المبكرة تومئ إلى أن هذا الوضع قد يتغير في الانتخابات القادمة حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن نسبة المؤيدين للمحافظين من بين الناخبات هي 37 في المئة مقابل 29 في المئة للعمال. ولا شك أن الاقتداء بالخبرة الأميركية كان عاملا مؤثراً في هذا الشأن، وفقا لما تقوله "سارا لابهام"، الاستشارية المولودة في تكساس والتي تعيش في لندن: "يعتقد كثيرون أن أصوات النساء هي التي دفعت أوباما وجعلته يكسب الانتخابات الأميركية، وهو ما يدفعهم للاستعانة بتأثير هذا العامل هنا أيضا". "سام بيكر" رئيس تحرير "رد مجازين"، وهي من كبريات المجلات البريطانية المتخصصة في شؤون المرأة، يوافق على أن تأثير ميتشيل أوباما على النساء يعد عاملا مهماً في الحملة الانتخابية الحالية، لكنه يضيف: "إن هذا ليس بالشيء الجديد، لأن استهداف أصوات النساء في الانتخابات كان سمة ثابتة من سمات السياسة البريطانية منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي". ويضيف بيكر: "بات ذلك أمراً صحيحا منذ أن أصبحت حملات بلير الانتخابية تتخذ طابعاً رئاسيا وتميل أكثر فأكثر إلى التركيز على الشخصيات بدلا من البرامج". بيد أن الاعتماد على أصوات النساء، وعلى الدور الذي تلعبه زوجات الرؤساء في الترويج لأزواجهن، ليس الجانب الوحيد الذي تأثرت فيه الانتخابات البريطانية بنظيرتها الأميركية. فهناك أيضاً الجانب المتعلق بالاستخدام الواسع النطاق للفضاء الإلكتروني. فحزب العمال على وجه الخصوص استثمر بكثافة في الحصول على وسيلة للدخول إلى قاعدة معلومات، تسمح لأعضائه بالاتصال بالناخبين، وبناء علاقات شخصية معهم. وبينما كانت مقاربة "العمال" للحملة الانتخابية أكثر ارتباطاً بالموضوع، فإن المحافظين، على العكس من ذلك، سعوا لاستثمار الشعبية الواسعة التي يتمتع بها زعيمهم من خلال "ويب كاميرون"، وهو تعبير يمزج بين عبارة كاميرا الويب باللغة الإنجليزية وبين الحرفين الأخيرين لاسم كاميرون، ويشير إلى موقع تدوين بهذا الاسم يتواصل فيه المدونون من خلال كاميرات الويب وأفلام الفيديو، وكان من بينها فيلم ظهر فيه كاميرون وهو يتحدث مع الناخبين أثناء قيامه بغسيل الصحون في مطبخ منزله. ولا يتوقف تقليد الحملات الانتخابية الأميركية في بريطانيا على ذلك، حيث يسعى البريطانيون إلى استعارة أسلوب المناظرات أيضاً. فمن المقرر في هذا السياق إجراء مناظرات بين زعماء الأحزاب البريطانية الكبرى، سوف تبدأ بمناظرة بين براون وكاميرون، تتلوها مناظرتان أخرتان في موعد لاحق، علما بأن كلا من المناظرات الثلاث سوف تدور حول موضوع محدد يهم الشعب البريطاني. بن كوين - لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور".
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©