الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مركز زايد الزراعي أراضٍ خضراء بأيادي المعاقين

مركز زايد الزراعي أراضٍ خضراء بأيادي المعاقين
9 ابريل 2010 21:28
لم ترتبط الإعاقة يوما بإعاقة الجسد، بل هي إعاقة فكر وحواس ومشاعر، ولم تمنع يوما الإعاقة أحداً من متابعة مهامه على أحسن وجه، بل يكاد أداء بعض ذوي الاحتياجات الخاصة أن يفوق مثيله لبعض هم في كامل صحتهم البدنية، ويعتبر الإقدام والإرادة من أهم الفوارق التي تخلق التميز، ومن يتخذ من العزيمة ركابا حتما سيروض المستحيل، ولعل هذا ما تحقق ويتحقق يوميا أمام ناظرينا، حيث شهد العالم مسيرات قوية لأشخاص مكفوفين وذوي احتياجات خاصة أناروا طرقات العالم بأجمعه. لعل هذا ما يتضح جليا عندما يزور أي فرد مركز زايد الزراعي للتنمية والتأهيل التابع لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وشؤون القُصّر، حيث روض 46 طالباً من ذوي الاحتياجات 11 هكتارا وبنوا 20 بيتاً للزراعات الداخلية تتناوب على 3 دورات زراعية حسب الفصول، تحت إشراف مهندسين وتقنيين متخصصين، بالإضافة لتربية المواشي والإشراف عليها، حيث تتواجد في المركز قطعان الماعز والغنم وحصان وبعض الدواب الأخرى، كما اخضرَّ المكان بجهود المعاقين الذين ألفوا مطرحهم ويسعدون بالتواجد فيه، ويعملون مقابل مردود شهري يتسلمونه شخصيا عن طريق أحد البنوك، يعانقون الأرض فتنبت زهراً، مبرهنين أن الإعاقة إعاقة فكر وليست عجزا جسديا، طوعوا الصحراء وحولوها بروجا خضراء، وهناك المزيد دائما، يعد به مركز زايد الزراعي، وهو الأول من نوعه على مستوى العالم. حظائر مركز زايد الزراعي غير مبالين بما يدور حولهم، ينهمكون في أعمالهم توزعوا على حظائر الغنم والماعز، منهم من يقدم العلف، ومنهم من كلف نفسه بتنظيف الحظيرة، ومنهم من يحلب الأغنام والماعز، متفاعلين مع المكان، عند الاقتراب منهم يلمس المرء سعادتهم بالعمل الذي يقدمونه، وفي هذا الإطار يقول نادر أبو محمد، المسؤول عن الحظيرة بمركز زايد الزراعي، رئيس قسم الإنتاج الحيواني: هناك عدة أنواع من الماعز والأغنام، ماعز ظفاري أبيض، وماعز أسود موطنه عمان، وأغنام كيوس من قبرص، وأغنام محلية، وكلها هدية من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام حفظها الله لمركز زايد الزراعي، وتضم الحظيرة بالإضافة للأغنام والماعز بعض الدواب الأخرى منها ثلاثة حمير وحصان واحد، ويضيف نادر أبو محمد: يشرف على كل هذه الأعمال 9 طلاب، وهم يتعاطون مع العمل بشكل منظم جدا، ويبدون رغبة في التعلم، إذ نعلمهم خصوصيات المهنة، فيبدون استعدادا نفسيا للعمل، وبالتالي يكون مردودهم عالياً، وسنضيف بعض التخصصات كالحلب الآلي، كما نعمل على تعليمهم جز الصوف في مواسم معينة، وطريقة استقبال المواليد الجدد، وطريقة إرضاعها والاعتناء بها، وسيكون هناك مصنع للأجبان ومشتقات الحليب، ولهذا الغرض سنجلب للحظيرة أعدادا كبيرة من رؤوس الأغنام المدرة للحليب، ومن الملاحظ أن الطلبة تغيرت نفسيتهم ومردودهم المعنوي كبير جدا بالنسبة للمركز، أما عن فترة دوام الطلاب في الحظيرة فقال إنها تبدأ من الساعة 7.30 صباحا إلى 1.30 ظهرا. البيوت الخضراء من جانبه سعيد موسى، المهندس المسؤول عن القسم الزراعي، يقول عن البيوت الخضراء في مركز زايد، والتي يبلغ عددها 20 بيتا، ويشرف عليها ما يفوق 6 طلاب: نعتمد في الغرين هاوس ثلاث دورات في السنة، الدورة الخريفية الأولى والثانية مدتهما ثلاثة أشهر ونصف، والدورة الخريفية الثالثة مدتها فقط ثلاثة أشهر، لأنها تزامن فصل الصيف الحار، وكل دورة تناسبها أصناف معينة من الخضار، مثلا نزرع الخيار من نوع ريكو، ونوع بشارة وصنف بنان، والخيار في الغرين هاوس، متسلق، ونحاول أن نعتمد التجربة العضوية، واعتمدنا في بعض البيوت المغطاة على إنتاج الطماطم العضوية مائة في المائة، وسنحاول تعميم التجربة لأننا نود أن يكون مركز زايد الزراعي نموذجا في الإنتاج والجودة، كما نحاول أن نجرب زرع بعض الخضروات الأخرى كالباذنجان والكوسا وذلك للتبديل بين أنواع الخضار، أما بالنسبة للعمل فأغلبه ينجز من طرف الطلاب، حيث نعلمهم ونشرف على ذلك يومياً، ونقربهم من خصوصيات العمل الزراعي، يتعلمون كيفية تجهيز المصاطب ومد خطوط الري عليها، وكيفية تسميدها والسقي، وكيفية زرع الشتلات، وتوقيت الزرع، وهذه كلها أمور يستوعبونها ويتعاملون معها بشكل جيد، ومن يوم زرع الشتلة ينبغي مرور مدة 25 يوماً ليبدأ القطف وتستغرق مدة القص من 8 إلى 10 أسابيع، أما طريقة التسويق فهي عن طريق كارفور، بالنسبة للمنتوجات العضوية في حين تسوق الخضروات العادية عبر متاجر البلدية، والمردود يعود على الطلبة الذين يعملون في المركز، أما بالنسبة للطماطم، فإن مركز زايد يطبق التجربة السلكية أي الطماطم المعلقة على أسلاك، ونوع الطماطم الذي نعمل على زراعته في المركز هو نوع إيزابيل، وهو نوع من الطماطم المهجن المعروف بجودته العالية وبصلابته وكبر ثمرته، وأصلها هولندي، حيث تصلح للتخزين فترة طويلة، ومردوها عالي جدا. مشاتل الورد أما علي الأحبابي مدرب تأهيل ومشرف على مشتل الورد فيقول: بتوجيهات من الخبير الألماني المسؤول عن المشتل، وبناء على توجيهات المهندس محمد العريفي، فإننا نعمل في المشتل على زرع ورعاية الورود، إذ نسوقها للبلدية، ونعمل كل 3 أشهر على زراعة نوع معين من الورود حسب الفصل، كما نتحرك اليوم من أجل تأسيس مشتل جديد لزرع أشجار الزينة التي تستعمل في المكاتب والمناسبات، ونسوق منتوجنا لبعض الشركات والمؤسسات، والطلاب يحبون العمل في مشتل الورود والزراعات الخضراء، لكونها تضفي على أنفسهم نوعا من الراحة النفسية، ويتجاوبون كثيرا مع التعليمات التي نقدمها لهم. تأهيل بتقنيات عالية يتحدث محمد سيف العريفي، مدير مركز زايد الزراعي للتنمية والتأهيل التابع لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة وشؤون القُصّر، فيقول: إن مركز زايد الزراعي للتنمية والتأهيل يعد الأول من نوعه على مستوى العالم الذي يوظف قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة باستخدام النظم الزراعية الحديثة، بغية تدريبهم على أصول ومهارات المهن الزراعية، وإكسابهم استقلالية مهنية تمكنهم من العيش والاعتماد على النفس، ويضيف العريفي: هو يهتم بتشغيل وتدريب وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، في المجال الزراعي والورش الميكانيكية والإنتاج الحيواني، يعمل في المركز حاليا 46 طالبا من ذوي الاعاقات. ويضم المركز أنواع الخضروات والفواكه إلى جانب الأراضي الزراعية المفتوحة، كما تم إنشاء وحدة لتربية النحل، وهناك توجه لإنشاء مصنع للألبان وقسم لإنتاج الدواجن. ومن أهدافنا المستقبلية أن يضم المركز 100 شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد انشئ المركز منذ العام 1994 بتوجيهات سامية من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وخضع لعدة تطورات وتحديث إلى أن تم نقل تبعيته العام الحالي إلى مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية، ويتلقى دعماً ورعاية كاملة من الإدارة العليا بالمؤسسة. ويؤكد العريفي: يقع المركز على مسافة 50 كيلومتراً من مدينة أبوظبي، إلى الشرق من مدينة بني ياس، وتبلغ مساحته الإجمالية 11 هكتاراً ويضم 20 بيتاً في مرحلة لاحقة تستخدم في إنتاج العديد من المنتجات الزراعية، إلى جانب الأراضي الزراعية المفتوحة، ويتواجد بالمركز خزان للمياه يستوعب نصف مليون جالون مياه، كما يوجد به عدد من المباني الإدارية والخدمية والمكاتب للموظفين وقاعات التدريب والمحاضرات والمطعم والمخازن وغيرها من المرافق الخدمية، ونعتمد على الإنتاج الأعلى جودة حيث نعتمد الزراعة العضوية بالنسبة لبعض الخضار ونسعى لتعميم التجربة توخيا للجودة العالية بنسبة مائة في المائة، نعمل على تسويق المنتوجات في بعض المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة، ونشارك في المعارض والمؤتمرات ونسوق الطماطم العضوية بكارفور، أما باقي الخضروات العادية بمتاجر البلدية أما بالنسبة للذبائح فيمكن للأفراد اقتناءها مباشرة من المركز، والعائد يعود لذوي الاحتياجات الخاصة ويدعم مشاريع المركز، كما أننا سنعمل على تأسيس متاجر خاصة بمنتجاتنا في مرحلة قادمة. أهداف عن أهداف المركز يقول المهندس العريفي: يهدف المركز إلى دمج الطلاب الملتحقين به من ذوي الاحتياجات الخاصة بالحياة الإنتاجية والاجتماعية عن طريق إعادة تأهيلهم واستثمار طاقاتهم وامكاناتهم، ومن جهة ثانية توفير فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة من فئة التنمية الفكرية، والعمل على اكساب الطلاب الملتحقين بالمركز مهارات الانتاج الزراعي، وكذلك تربية الحيوانات والدواجن. وعن شروط ولوج المركز يقول العريفي: يجب أن يكون المتدرب من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن يكون قد أتم السابعة عشرة من عمره، ألا يكون مضطرباً سلوكياً، أو تحت علاج الطب النفسي، أو مصابا بالصرع، ألا تكون لديه عاهات أخرى تمنعه من المشاركة مع زملائه في العمل، وأن يكون قادرا على التكيف معهم ومع ظروف وبيئة المركز، وأن يتقيد بالدوام واللوائح الخاصة بالمركز وبتوجيهات المسؤولين عنه، كما يقدم المركز جميع التسهيلات التي تمكن الملتحقين به من الإقبال على ممارسة الأنشطة المهنية المختلفة الخاصة بالزراعة والانتاج الحيواني، ويعمل من خلاله المهندسون الزراعيون على مرافقة الطلاب ميدانياً والعمل معهم على تطبيق الأساليب الزراعية في الأراضي المفتوحة، كما يقدم جميع التسهيلات التي تمكن الطلاب من ممارسة النشاط في ظروف اجتماعية مناسبة ويستفيد الملتحقون به والبالغ عددهم 46 طالباً فوق 18 عاماً من برامج الرعاية الاجتماعية، بوجود اختصاصي اجتماعي، إضافة إلى توفير المواصلات المجانية من وإلى المركز، وتقديم الملابس والأحذية والقفازات والكمامات الواقية وملابس تربية النحل مع صرف وجبة غذائية صحية وكاملة، ومن المتوقع أن يصل عدد الطلبة إلى 100 طالب في مرحلة قادمة. وسنعمل لاحقا من خلق وحدة المناحل في إطار خطط التوسع والتطوير لإنتاج العسل من خلال عدد من المختصين، ويتم تدريب الملتحقين بالمركز على تربية النحل وهو مشروع رائد لتنمية القدرات والمهارات لذوي الاحتياجات الخاصة والعمل على تنويع الحرف، كما سنعمل على زرع الأشجار المثمرة ملائمة للبيئة الإماراتية مثل الموز والبرتقال والليمون والجوافة والمانجو، كما سنعمل على زرع الفراولة في البيوت المحمية، وهدفنا هو خلق جو وبيئة مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة وتحويلهم من معالين إلى معيلين ومنتجين، ونحاول أن نخلق اكتفاءً ذاتيا في كل المجالات الداخلية للمركز بحيث مثلا هناك ورشة الميكانيكا لتصليح الآليات الزراعية وصيانة المباني وعمل الممرات والقيام بجميع الأعمال الفنية وهدفنا الكبير هو جعل هذا المركز الأول عالميا من حيث الجودة والنوعية. آفاق تحدد مهام كل متدرب وفقاً لإمكاناته العقلية وعن ذلك يقول العريفي: يشرف على الطلاب مختصون ومهندس زراعي، ويقوم باقي المتدربين بالحفاظ على نظافة الحظائر والحيوانات، وتستخدم بقايا الحيوانات كأسمدة عضوية خدمة للإنتاج النباتي، وهناك توجه لإنشاء مصنع للألبان لصنع مشتقات الحليب في المرحلة المقبلة، وفي الأيام المقبلة سيتم استحداث قسم خاص بإنتاج الدواجن، ونعمل حالياً على تجهيز القسم الذي سيشمل الحاضنة والفقاسات وكل ما نحتاجه لنصل إلى مرحلة بيع البيض والدواجن، يعد مركز زايد للمعاقين، نموذجاً رائداً للعطاء، فقد حقق المعاقون فائضاً كبيراً في الإنتاج، ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل يستعدون لدخول مرحلة جديدة لتقديم المزيد، وأنشىء هذا المركز بتوجيهات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، وكان الهدف من ذلك تأكيد قدرة المعاق على قهر الإعاقة، وإثبات ذاته كإنسان منتج له قيمة رفيعة في المجتمع، والمرحلة القادمة بالإضافة لتوسيع المركز فإننا سنضيف تخصصات جديدة تلائم العنصر النسائي من ذوي الاحتياجات الخاصة لضمهم للمركز.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©