الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العملات الرقمية.. الهَم النشط

17 مارس 2018 20:47
«لا بد من المزيد من التنظيم للعملات المشفرة» مارك كارني، حاكم بنك إنجلترا المركزي لا تغيب التطورات التي تشهدها العملات الرقمية، ولاسيما الأكبر «بيتكوين»، عن الساحة المالية العالمية لحظة واحدة. كيف تغيب؟ وهذه التطورات ملأى بـ«الدراما» المذهلة أحياناً، والمفاجئة دائماً. ولا يبدو في الأفق أي تغيير في هذا المجال، خصوصاً مع غموض مواقف البلدان الكبرى من العملات المشار إليها، في حين تمضي العملات الرقمية قدماً في نطاقها. حتى إن التحذيرات التي أطلقتها بنوك مركزية في أوروبا وآسيا على وجه الخصوص، من مغبة التورط في هذه العملات، لم تحقق النتائج المطلوبة. فالتعاطي بها زاد بوتيرة كبيرة، ويبدو أن المنخرطين في الاستثمار فيها مستعدون للمضي إلى مستويات عالية من المخاطر، بمن فيهم أولئك الذين اقترضوا من أجل شرائها، بل هناك من باع مسكنه للغرض نفسه. في نهاية الأسبوع الماضي، خسرت «بيتكوين»، وعملات رقمية أخرى ما يقرب من 60 مليار دولار في 24 ساعة فقط. وهذه الخسارة ليست ناجمة عن انهيار أسعار العملات المذكورة نتيجة للتعاملات أو التبادلات، بل لأن شركة «جوجل» التي تُعتبر أكبر معلن إلكتروني-رقمي في العالم، حظرت إعلانات «بيتكوين» والعملات الرقمية الأخرى، بما في ذلك العروض الأولية، ومحافظ تداول العملات، وكذلك النصائح التجارية المرتبطة بها. فجأة صارت هذه العملات بلا غطاء إعلاني كبير بمستوى «جوجل»، الأمر الذي عرضها لتراجع مذهل يوازي الذهول الذي اعتادت «بيتكوين» أن تنشره في الأجواء، جراء الارتفاعات الخرافية في قيمتها. المهم، أن القيمة السوقية لجميع العملات الرقمية بلغت بعد قرار «جوجل» 310.4 مليار دولار، منخفضة من 372.9 مليار دولار. طبعاً هناك عوامل كثيرة لهذه التراجعات، لكن الجانب الإعلاني كان المحوري في ذلك، ما أعاد الحديث بزخم أكبر حول مسألة تنظيم العملات الرقمية، وإدخالها ضمن النظام المالي العالمي، من أجل تعاملات أكثر نزاهة وأمان، خصوصاً مع وجود عمليات غسل أموال عبر هذه العملات تجري في غير مكان من هذا العالم، والحكومات تعرف ذلك، لكن الآليات المتوافرة أمامها لا تمنحها ما يكفي من القوة لإيقافها تماماً. يضاف إلى ذلك، أنه لا يوجد تعاون دولي حقيقي (حتى الآن) في التعاطي مع العملات الرقمية، بصرف النظر عن المواقف المتطابقة لهذه الدولة أو تلك حول الأمر نفسه. وهكذا تعود هذه العملات الرقمية إلى الساحة بزخم أكبر ليس فقط من فرط ارتفاعها الخرافي، ولا انهيارها الأسطوري، بل أيضاً من عدم وضوح الرؤية التنظيمية حولها. بعض البلدان تتجه إلى إطلاق عملاتها الرقمية الخاصة، وبعضها الآخر يفسح المجال أمام العملات المذكورة بنطاقات ضيقة أو واسعة. لا يمكن ترك العملات الرقمية هكذا، ليس لأنها تسبب مخاطر للمستثمرين، ولا سيما أولئك الذين أحبوا المغامرة، بل لأن أي انهيار حقيقي لها، سيؤدي حتماً إلى انهيار ضمن النظام المالي العالمي نفسه. وهذا أمر لا يتحمله العالم الآن، بعد عشر سنوات تقريباً من مصيبة الأزمة الاقتصادية العالمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©