الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيران.. وكراهية الاستثمار الأجنبي

14 مايو 2016 22:40
يدفع وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» كثيراً من الناس في واشنطن إلى الجنون أكثر من المعتاد، إذ شجع البنوك والشركات الأوروبية على الاستثمار في إيران، وهو أمر غريب بكل تأكيد، في ضوء التاريخ بين الولايات المتحدة والجمهورية الإيرانية، ومثلما أوضح «إليوت آبرامز»، المسؤول السابق في إدارة جورج دبليو بوش يوم الخميس الماضي: «ليس ثمة سبب مقبول يجعل مسؤولاً أميركياً، ناهيك عن كبير الدبلوماسيين، يشغل باله بقدر الاستثمارات والأرباح التي يمكن لإيران أن تحققها نتيجة الصفقة النووية». ولكن باستثناء ذلك، كانت زيادة الاستثمارات والتجارة الخارجية في إيران جزءاً من المفاوضات التي استمرت 12 عاماً بشأن برنامج الوقود النووي الإيراني، من البداية وحتى النهاية، وكانت فيالق الحرس الثوري الإيراني تعارضها، وكذلك الفصائل المتعصبة الأخرى في النظام الإيراني، لأنهم يخشون من أن يقوض النفوذ الأجنبي سطوتهم. لذا، فإن ما يمكن الدفاع عنه على الأقل هو توجيه سؤال لمعارضي المعاهدة في الغرب، إذا كنتم تعتقدون أن الاستثمارات الأجنبية من شأنها مساعدة الحرس الثوري الإيراني على القيام بمغامراته العسكرية، فلماذا يرفضها الحرس الثوري؟ قبل 12 عاماً مضت، ذهبت إلى إيران لمعرفة ما إذا كانت الحوافز التي يقدمها المفاوضون الأوروبيون، بدعم من إدارة بوش آنذاك، لإقناع النظام في طهران على وقف تصنيع الوقود النووي ستجدي نفعاً، وكانت الإجابة بالنفي، ولم يكن ذلك واضحاً حينئذٍ، فقد كان العرض على النحو التالي: أن يوقف الإيرانيون برنامج وقودهم بصورة دائمة، في مقابل، الحصول على أحدث التكنولوجيا النووية المدنية، إلى جانب حوافز تجارية، واستثمارات إضافية من الاتحاد الأوروبي، التي كانت الشريك التجاري الأكبر لإيران. وكان الدبلوماسيون الغربيون مقتنعين بأن ذلك سيجدي نفعاً، وأرجعوا ذلك إلى التفجر الديموغرافي الضخم، ومن ثم حاجة النظام إلى توفير فرص عمل أو المجازفة بحدوث ثورة، وبالتالي فإن نقل التكنولوجيا سيوفر فرص عمل. ولكن ذلك كان في العام 2004، عندما كان المرشد الأعلى علي خامنئي يشعر بأنه مهدد تهديداً كبيراً، وكانت الولايات المتحدة أعلنت أن إيران جزء من «محور الشر»، ثم غزت العراق، ووضعت 150 ألف جندي عند الحدود الإيرانية. وعلاوة على ذلك، لو أن انفتاح الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي مع الغرب ومستثمريه أتى أكله، لخاطر نظام خامنئي الثوري بخسارة مصداقيته، وفي الوقت ذاته، كانت أسعار النفط مرتفعة، وهو ما يجعل التمويل الأجنبي أقل أهمية. ونتيجة لذلك، لم يرد الرجل الأقوى في إيران الاستثمارات الأجنبية، ولم يكد يقدم الكثير في مقابلها، ومن ثم تعطلت العقود الكبرى التي وقعتها حكومة خاتمي مع المستثمرين الأجانب، وهيمن عليها الحرس الثوري، وسرعان ما حل محمود أحمدي نجاد محل خاتمي، وتجمدت المحادثات النووية. ولكن في المرة الأخيرة، لم يحدث ذلك، فقد وافق خامنئي على الصفقة النووية، في الوقت الراهن على الأقل، وسيطر على المتعصبين الذين يعارضونها، وذلك لأنه يريد الاستثمارات. وقال «سيروس رزاقي»، رئيس مؤسسة «آرا إنتربرايز» للاستشارات الذي التقيته في 2004، «إن كل شيء مختلف الآن، ففي هذه المرة، لا يوجد تهديد على أمن إيران، بينما أصبح العراق أكبر سوق لصادراتنا، ولدى طهران وواشنطن عدو مشترك الآن هو تنظيم داعش»، مضيفاً: «كما أن أسعار النفط منخفضة والاقتصاد تلقى ضربة قوية من جراء العقوبات، ولدينا فرصة حقيقية». وعلى رغم أن إنتاج النفط الإيراني عاد إلى مستويات ما قبل العقوبات خلال الأسبوع الجاري، فإن البنوك الأوروبية لا تزال ترفض إبرام صفقات، ويرجع ذلك إلى أنهم يخشون من أن وزارة الخزانة الأميركية ربما تغرمهم بسبب انتهاك العقوبات الأميركية التي لا تزال مفروضة، مع أن الصفقة النووية رفعت العقوبات الدولية، وحتى الآن، عطل العجز عن إبرام صفقات كبرى معظم الاتفاقيات الخاصة بمشاريع الاستثمار الأجنبي. ويتباهى «المحافظون» الذين لا يمكن التصالح معهم، ويذكرون الإيرانيين بأنهم دائماً ما زعموا أن الولايات المتحدة لن تدع إيران تستفيد من رفع العقوبات، ورفضوا الصفقة النووية، وأملهم أن يفشل الاتفاق، وأن يخفق روحاني في الانتخابات المقبلة، ليدع الرئاسة لواحد منهم، وربما لهذا السبب يحاول كيري إقناع البنوك الكبرى في أوروبا أن تمضي قدماً، وتعمل في إيران، وحتى الآن لا تزال البنوك غير مقتنعة، لأن الولايات المتحدة فرضت على كثير منها غرامات كبيرة بسبب صفقات دولارية مع إيران في الماضي. *محلل سياسي بريطاني يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©