الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ميتشل» في دمشق... مؤشرات انفتاح أميركي

«ميتشل» في دمشق... مؤشرات انفتاح أميركي
14 يونيو 2009 02:54
تندرج الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل، إلى دمشق أول من أمس في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها الولايات المتحدة للتقارب مع سوريا وتحسين العلاقات بين البلدين. ففي ظل الأجندة الطموحة للرئيس أوباما في الشرق الأوسط والتي يسعى من خلالها إلى سحب القوات الأميركية من العراق والتوصل إلى تسوية عربية- إسرائيلية ومواجهة التطلعات النووية لإيران، تقول الإدارة الأميركية إنها تبحث عن دور محتمل لسوريا في القضايا الإقليمية بحيث تساعد الولايات المتحدة على تحقيق أجندتها. ومن جانبها كانت دمشق على الدوام تشير إلى قوة تأثيرها في العراق وإيران ولبنان، فضلا عن نفوذها المعروف على التنظيمات الفلسطينية مثل حركة «حماس». وفي هذا الإطار يقول «سامي مْبيض» المحلل السياسي بدمشق: «لسنوات ونحن نسمع من المسؤولين الأميركيين في واشنطن اتهامات بأن السوريين يزعزعون الاستقرار في المنطقة، وهو ما يعني أنهم نظرياً يستطيعون ضمان الاستقرار. وبعبارة أخرى إن سوريا تستطيع أيضاً لعب دور في حل مشاكل المنطقة». وكان المبعوث ميتشل قد التقى يوم الخميس الماضي مع مسؤولين في مصر والأردن، حيث ناشد الدول العربية الانفتاح سياسياً على إسرائيل واتخاذ خطوات ملموسة لتطبيع العلاقات وإطلاق عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية المتوقفة. وتعتبر زيارة ميتشل إلى سوريا هي المرة الأولى التي يصل فيها مسؤول أميركي رفيع إلى دمشق منذ تولي إدارة أوباما السلطة وتعهدها بفتح حوار إقليمي مبني على أسس جديدة، وهو ما يؤكده «إيان كيلي»، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قائلا: «إن هذه الإدارة ملتزمة بتحقيق سلام شامل في المنطقة تشارك فيه جميع الأطراف الأساسية، لذا قررنا أن الوقت مناسب كي يزور السيناتور ميتشل سوريا». وبالطبع يمثل هذا الانفتاح الأميركي على سوريا قطيعة واضحة مع سياسات الإدارة السابقة بقيادة بوش التي فرضت عقوبات على دمشق منذ عام 2004 واتهمتها بالتحريض على العنف في العراق ولبنان، وبدعم الإرهاب وتأجيج عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وقد وصلت العلاقات المتدهورة بين الجانبين إلى درجة سحبت فيها أميركا سفيرها في 2005 من دمشق وعلقت الاتصالات الثنائية بين المسؤولين الكبار في البلدين. لكن مع ذلك يتعامل السوريون مع الانفتاح الأميركي بشيء من الحذر والتوجس، لاسيما بعد الكلمات الحادة وغير المتوقعة التي استخدمها أوباما لتمديد العقوبات المفروضة على سوريا، حيث قال إن سوريا تشكل «تهديداً كبيراً على أمننا القومي، وعلى سياستنا الخارجية، وعلى الاقتصاد الأميركي». وبعد التحسن المتوقع في العلاقات الذي كان ينتظره المسؤولون السوريون جاءت تصريحات أوباما لتصيبهم بالإحباط وتخيب أملهم في احتمال تحقيق تقدم حقيقي بين البلدين، ويعبر عن ذلك المحلل السياسي، سامي مْبيض قائلا: «ما يهمنا ليس التقاط صور مع ميتشل، بل أن تتبع هذا الانخراط الأميركي أفعال على أرض الواقع». وفي الآونة الأخيرة أبدت الولايات المتحدة بعض المرونة في التعامل مع سوريا مثل سماح الإدارة الأميركية لدمشق بشراء قطع الغيار لطائرة البوينج على رغم العقوبات المفروضة عليها، لكن ذلك لا يكفي بالنسبة للمحلل «مبيض» الذي يرى أن السياسة الأميركية لم تتغير في ظل الرئيس الجديد. وعلى رغم الزيارة التي قام بها «جيفري فيلتمان»، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، و»دانيال شابيرو»، مدير مجلس الأمن القومي، إلى دمشق في الشهر الماضي، وهي الزيارة الثانية التي يقومان بها منذ تولي إدارة أوباما السلطة، لم تُعد واشنطن بعد سفيرها إلى العاصمة السورية، وأكثر من ذلك جدد المسؤولون الأميركيون اتهاماتهم لسوريا بتسهيل تدفق العناصر التابعة لتنظيم «القاعدة» عبر الحدود إلى العراق، وهو الأمر الذي تنفيه سوريا بشدة. لكن الأهم كان تمديد العقوبات على دمشق الذي فاجأ المسؤولين السوريين بعدما اعتقدوا أن خطاب أوباما تجاههم سيكون أقل تشدداً مقارنة بالإدارة السابقة فجاءت تصريحاته مخيبة للآمال، وحسب «أندرو تابلير»، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، يدل هذا الانخراط البطيء للإدارة الأميركية في العلاقات مع سوريا على استمرار استيائها من بعض السياسات التي تنتهجها دمشق، موضحاً ذلك بقوله: «إن قائمة القضايا العالقة بين البلدين مازالت طويلة»، محيلا إلى المطالب الأميركية بمنع تسلل المقاتلين عبر الحدود السورية إلى العراق، ودعم الاستقرار في لبنان، ثم توضيح دمشق لخلفيات برنامجها النووي، لاسيما بعدما عثرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على دليل ثانٍ يثبت وجود جزيئات لليورانيوم لم تعلن عنها سوريا سابقاً. لكن على رغم كل القضايا العالقة بين البلدين لا يمكن أبداً إنكار مؤشرات الانفتاح الجاري حالياً، فقد جاءت زيارة ميتشل الأخيرة عقب مكالمة هاتفية أجرتها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع نظيرها السوري، وليد المعلم، ناقشا خلالها سبل تحسين العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى موافقة سوريا على استضافة فريق عسكري أميركي من القيادة المركزية للتباحث حول القضايا المرتبطة بالعراق. ولابد أن المبعوث الأميركي، جورج ميتشل، الذي التقى الرئيس السوري، بشار الأسد، تطرق إلى موضوع التعاون العسكري وسبل إخراج سوريا من دائرة النفوذ الإيراني، فضلا عن تمهيد الأجواء لاستئناف مباحثات السلام بين سوريا وإسرائيل التي توقفت في السنة الماضية. ومن جانبهم يؤكد المسؤولون السوريون عن رغبتهم في تحسين علاقاتهم مع الولايات المتحدة على أن تتخذ هذه الأخيرة خطوات حقيقية مثل إرسال سفير إلى دمشق وإسقاط العقوبات والاضطلاع بدور أكثر توازناً في الشرق الأوسط مقابل تسهيل سوريا لأهداف أوباما الإقليمية. جوليان داسي - دمشق ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©