الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غربة اللغة العربية؟

28 فبراير 2011 19:05
اشتكت سيدة مسنة من عدم تداول اللغة العربية بكثير من الأماكن الحيوية، وتعذر تواصلها مع كثير من الجهات، فحين اتصلت بمستشفى لتحجز موعدا لزيارة الطبيب ردوا عليها باللغة الإنجليزية، وحين ذهبت للعيادة بعد استحالة الحديث، لم تجد أمامها إلا متحدثين بنفس اللغة، أما من يقصد متجرا كبيرا أو محال تعرض سلع من الماركات العالمية، فمن يسهر على سير البيع هم أجانب يؤثثون المكان، وكأنهم جزء من الوجاهة والفخامة، أما المعاملات فأغلبها بلغة غير العربية، تذاكر السفر باللغة الإنجليزية كشف البنك بنفس اللغة، الكشوفات والتقارير الطبية أيضا، وغيرها كثير... كثير جدا.. وكأن اللغة العربية باتت عصية على التداول وتقف حاجزا أمام التواصل. ولازالت عقدة الغربي واحترامه ومحاولة التواصل معه تجعل البعض يطاول لغة الآخر، يرودها في دقائق لينطقها إرضاء لمن يقف أمامه، يتدرج وجهه حمرة نتيجة تلعثمه في نطق بعض الكلمات العصية على لسانه، وكأن المسافة الفاصلة بين لغته وتلك مساحات ضائعة لم يستطع تطويعها، بينما الآخر يتحدث بلغته رغم كونه في بلد عربي، هذا التنازل عن اللغة العربية يعتبر تنازلا عن الهوية العربية وتراجعا عن القيم، وستظل هي الحامي الوحيد من الضياع في مجتمع يعرف تداخل الكثير من اللهجات التي تؤثر على السلامة الفكرية للصغار على الأخص، إذ تجد طفلا يتحدث لغة مكسرة، مقتطفة من الخدم الذين تعاقبوا على رعايته، فالسبيل الوحيد الأقدر على تخطي تعدد اللهجات هو الاهتمام باللغة العربية، فهي المكون الرئيسي للهوية العربية. وتعدد اللهجات وتراجع الاهتمام، جعل اللغة العربية تعاني من تشويهها على اللوحات الإرشادية والإعلانات وعناوين بعض المراكز التجارية والدكاكين، تُظهر أن هذه اللغة في غربة كبيرة، ربما يلتمس المرء العذر لهذه الفئة من الناس التي كتبت ذلك، أما بالنسبة للكتب المدرسية فإن العذر أقبح من الذنب، فلا مجال للتهاون أبدا، فكثير من المطبوعات العربية الخاصة بالمراحل التأسيسية تعاني من ركاكة كبيرة في الأسلوب، وحشو في المعنى، وتطويل في الجمل، والغريب في ذلك كتابة بعض الجمل بعامية ناهيك عن الأخطاء، من هذا الباب لا يمكن لوم هذا الجيل الذي يهرب من لغة لا يفهمها ولم تلقن له بالطريقة الصحيحة. وعندما يجلس المتلقي أمام جهاز التلفاز ينتظر سرد بعض الأخبار، خاصة في الوقت الحالي وما يعرفه العالم من تقلبات فإنه يصدم بالكم الهائل من الأخطاء في الإعراب، فالمرفوع يصبح منصوبا والمنصوب يصير مجرورا. ف» اللغة هي وعاء الفكر» وهي لغة وصل وتواصل، هكذا قالوا والقول جدي لا يختلف عليه اثنان، لكن واقع الحال بدأ يغير المطروح، فحين الحديث عن ضرورة إتقان اللغة الأم فإن ذلك لم يكن عبثا، بل علما جاء على لسان خبراء، إذ أكدوا أن من يريد امتلاك مهارات معرفية وإبداعية يلزمه إتقان لغته الأصلية، بقراءتها وفك رموزها وإيجاد مهارات لغوية أخرى تدعمها فنيا وإبداعيا. ولا أحد يستطيع إنكار الخلل التربوي العام في التعاطي مع اللغة الأم، هذه مؤثرات على قوة اللغة بغياب الهوية العربية وغياب تعزيز اللغات في نفوس الأطفال وإدراكهم لأهميتها وتعزيز مكانة اللغة وقد صدرت توصيات للاعتناء باللغة في مقدمتها استثمار الطاقات الابداعية للطفل عبر تعزيز مكانته وقدرات اللغة الأم. لكبيرة التونسي | lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©