الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالعزيز الزراعي: فوزي بلقب أمير الشعراء إضافة إلى الحالة الثقافية اليمنية

عبدالعزيز الزراعي: فوزي بلقب أمير الشعراء إضافة إلى الحالة الثقافية اليمنية
28 فبراير 2011 19:01
بعد ماراثون شعري طويل، ومنافسات كانت مفرداتها الحروف والكلمات، ذهبت إمارة الشعر إلى اليمني عبد العزيز الزراعي، مع ختام النسخة الرابعة من مسابقة وبرنامج أمير الشعراء بعد أن استمرت حلقاته نحو ثلاثة أشهر ملأوا خلالها رمال أبوظبي وسماءها بأعذب المعاني وأرقى الكلمات، متخذين منها مسرحاً مفتوحاً لعرض بضاعتهم الشعرية والاحتفاء بالقصيد وأهله. وبحضور سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان نهيان، رئيس مجلس مؤسسة أمناء زايد للأعمال الإنسانية والخيرية، ومحمد خلف المزروعي، مستشار شؤون الثقافة والتراث في ديوان سمو ولي عهد أبوظبي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، كرم الزراعي بلقب المسابقة وبردة الشعر وخاتمه. لم يكن الحصول على اللقب وخاتم الإمارة وبردته بالحدث العادي في حياة الزراعي، بل اعتبرها مرحلة جديدة فتحت له آفاقاً من النجاحات وألقت عليه مسؤوليات وتبعات، ستدفعه دوماً إلى الحفاظ على المكانة الشعرية المتميزة التي صار يحتلها في المشهد الشعري العربي. في حديثه الشامل للاتحاد قال الزراعي: إن مجريات الحلقات الأخيرة جعلتني أتوقع الفوز باللقب، لوجود كثير من المؤشرات على ذلك. أحد هذه المؤشرات الدرجة التي منحتني إياها اللجنة في الجولة قبل الأخيرة، فكان هذا دافعاً لكتابة نص جديد وقوي، المؤشر الآخر تمثل في التفاف الجمهور اليمني والصخب الذي صنعه الإعلام بوسائله المختلفة في اليمن والعالم العربي، كل هذه المؤشرات كانت تخلق لي أفقاً للحلم باللقب. لحظات صعبة أما أصعب اللحظات في مسيرة الحصول على إمارة الشعر، حددها الزراعي في المرحلة الثانية من البرنامج، حيث كان هناك أربعة شعراء يتنافسون على التصويت، وهناك فرصة واحدة للتأهل، وهذا يقلص فرص الفوز إلى حد بعيد، لاسيما أني كنت آمل أن أتأهل في هذه المرحلة ببطاقة اللجنة، كما أن النص الذي قدمته لم تمنحه اللجنة درجة عالية، رغم أهمية هذا النص لي، يقول الزراعي. وأشار إلى أن هذا التقييم الضعيف من قبل اللجنة أثّر سلبياً على الجمهور، كون الأخير أشد تأثراً بما تقوله اللجنة، ما جعل من الجولة الثانية هي أصعب مرحلة على الإطلاق خلال المسابقة على الصعيد النفسي. ورداً على سؤال حول بدايته مع عالم الشعر أجاب قائلاً: قبل أن أتحدث عن ذلك، أود أن أقول ما أؤمن به وأردده دوماً وهو أن الشعر إما أن يكون حرفة وإما أن يكون مطلباً وجدانياً ووجودياً كالماء والهواء، فإذا كان حرفة يستطيع المرء أن يعرف متى سلك هذه الحرفة، وإذا كان النوع الثاني، فهو لا يعرف متى بدأ ذلك تحديداً، كما لا يعرف بذات القدر متى بدأ التنفس، وأظنني من النوع الأخير. وتابع: ولكن إذا أردنا أن نتحدث عن الصعيد العملي، يمكن القول بأني بدأت ونشأت في أسرة شعرية تهتم بالشعر، وقرية مولعة بالشعر، تمتاز بالعاطفة في سلوكيات أبنائها وقصص الحب فيها مليئة، وهي مليئة بقصص الحب. هذا الجو الرومانسي المحيط بي بالإضافة إلى وجود عمّ شاعر وهو عبده عبود الزراعي، كان له أثر كبير في ذاتي، دونما تلقين كون هناك حاجز في التعامل بين الآباء والأبناء في قريتنا، حيث نجد نحن الأبناء تحرجاً وصعوبة في التعامل المباشر معهم، غير أني كنت اسمع شعره بين الحين والآخر وأتطفل على مكتبته المتواضعة، فأقرأ ما تيسر من شعر البردّوني وكتب الأدب والتراث العربي، مثل كتاب جواهر الأدب وأشعار المتنبي وغيرهم. رحيل الوالدة وبعد رحيل الوالدة- يستطرد الزراعي- وجدت مطلباً ملحاً في كتابة نص شعري استلهمت فيه كل إمكاناتي وثقافاتي التي جمعتها من هنا وهناك، إلى أن بدأت فعلياً في كتابة النصوص الشعرية خلال المرحلة الثانوية، وكنت قبل ذلك بدأت كتابة الشعر باللهجة الشعبية وهو ما يعرف بـ “الشعر الحميني”. في ذات السياق أوضح الزراعي أن التحاقه بكلية اللغة العربية، جعله يدخل في علاقة مباشرة مع النقد والأدب، وأصبح أكثر قرباً من النص الشعري، وجراءة في عرض الموهبة وما تفرزه خلال سنوات الدراسة الجامعية، وشارك في أمسيات وصباحيات شعرية عديدة إلى أن لقب بشاعر الجامعة. وفي عامه الأول بجامعة صنعاء انتدبته لتمثيلها في الملتقى الأدبي الأول لشباب الجامعات العربية الذي أقامته جامعة الإمارات في العين وكان ذلك في العام 2005. وبعد أن تخرج من الجامعة سرعان ما تنامى ظهوره في الساحة الشعرية اليمنية إلى أن حصل على جائزة رئيس الجمهورية، وهي أعلى جائزة في اليمن وكان ذلك عام 2009. أكد الزراعي أن حصوله على تلك الجائزة منحه حافزاً كبيراً وأعطاه مزيداً من الحضور داخل المنتديات، كما أن متابعة برنامج أمير الشعراء عبر نسخه المتتالية، وإدراكه للتجربة النقدية داخل هذا البرنامج، وتشجيع المحيطين به للمشاركة فيه. مثّلت جميعاً عوامل محفزة للخوض في غمار هذه التجربة التي توجت بنجاح مهم في حياتي وفي التجربة الشعرية اليمنية. مصنع هائل وعن تقييمه لمسابقة وبرنامج أمير الشعراء، وصفه الزراعي بأنه تظاهرة شعرية ومصنع هائل لتأميم المجاز في العالم العربي، وعادة ما ترقى الأمم برقي مجازها كون الإنسان واللغة كلما كانا أكثر مجازاً وسيميائة، كانا أكثر رقياً وتعبيراً عن التجربة الإنسانية والجوهر الإنساني، وهذا ما يحققه برنامج أمير الشعراء. كما أن البرنامج له تأثير واسع وغير عادي على المشهد الشعري والثقافي العربي، حيث إن تأميم المجاز هو أن نجعل المجاز عامة بين الشعراء، كون الجمهور وعامة الناس عادة يستخدمون اللغة كآلة خالية من المجاز، ومع الزمن إن لم ترفد برافد شعري تصبح اللغة قوالب ميتة، وبرنامج مثل أمير الشعراء ومن خلال عرضه على مجال واسع ووجود تغطية إعلامية رائعة مصاحبة له، يتيح للجماهير والعامة ورشة عمل ضخمة ومفتوحة لتخليق المجاز، وبالتالي ينعكس هذا على لغتهم وتداولهم اليومي للغة المجازية والشعرية. وشدد الزراعي على ما سبق بقوله: “الشعر والشعراء من أهم منتجي اللغة في المجتمعات واللغة التي لا تمتلك شعراً سرعان ما تموت وتتقولب في قوالب ميتة” ويفسر مصطلح المجاز بأنه “استخدام الهامش الشعري في اللغة المتداولة بين الأفراد”. وحول وجود مآخذ أو آراء معينة تخص آلية العمل في البرنامج قال الزراعي، إن ما يأخذه على البرنامج هو الجانب التصويتي فيه، لأن لا علاقة له بالشعرية في كثير من الأحوال، بل نجده يكرس مفهوم العصبية والمناطقية، ولكن إذا ما قارنّاه بالواقع العربي، نجد أنه لا توجد أي مسابقة أو برنامج شعري بحجمه وسعة تأثيره، ومن هنا نرى أن التصويت وسّع من قاعدة جماهيره وأيضا البرنامج ينظر نظرة مؤسسية، فالبرنامج لا ينفق القليل على هذه التظاهرة الثقافية والشعرية الفريدة في عالمنا العربي، وبالتالي من حقه أن يعوض بعضاً من هذه الكلفة. سياج وهمي وبالحديث عن لحظة إعلان النتيجة وفوزه باللقب، بيّن الزراعي أنها كانت لحظة مدهشة ومليئة بمشاعر شتى يصعب على الإنسان تحديدها، لأنها كانت خليط من الفرحة والرهبة في آن. أما الفرحة، فهي مطلب مشروع لكل إنسان في تلك اللحظة، بحكم أنه قطع شوطاً كبيراً واستطاع أن يصل إلى هذا المركز في أكبر مسابقة شعرية في العالم العربي، ويستحضر أيضاً في تلك اللحظة لقب أمير الشعراء في ذهنه بدءاً من أحمد شوقي وقبل ذلك إمروء القيس وانتهاء بحسن بعيثي في الموسم الثالث، بكل ما يحمله ذلك من زخم وحضور إعلامي وتنافس شعري رائع. وعن الرهبة، فهي من حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق أمير الشعراء، لأنه أصبح لا يمثل ذاته وإنما يمثل جمهوراً عريضاً ينتظر منه الجديد وأن يكون جديراً بثقتها أيضاً، والخوف من الإعلام الذي قد يؤثر على شعرية المرء إن لم يكن حذراً. وبالسؤال عن المدرسة الشعرية التي ينتمي إليها الزراعي، أجاب، بأن المدارس الشعرية هي سياج وهمي وضعه النقاد لتسهيل الدرس الأدبي، وعلى الشاعر ألا يقف عنده كثيراً لأنها حالة إنسانية يمر بها المرء أياً كان، فالإنسان يمر بمرحلة الكلاسيكية على مستوى الأسرة، والتأثر بالأسرة والمجتمع من حوله في مرحلة مبكرة من حياته، وعند بلوغه سن المراهقة يجنح على الرومانسية والتحرر والتمرد، وعند بلوغه مرحلة أكبر يكون أكثر انتماءً إلى الواقعية، وقد يتجاوز ذلك إلى التجربة الحقيقية في الحياة والمتفردة (التي تصوره كفرد). وقد تكون تلك مدرسة في حد ذاتها. إذا المدارس شيء فطري في الإنسان، مؤكداً على أنه ينتمي إلى مدرسة معينة وإنما تجتمع كل هذه المدارس في ذاته في لحظة الكتابة الشعرية. لمحة ذاتية ? حاصل على بكالوريوس اللغة العربية من جامعة صنعاء عام 2007. ? أنهى دراسته الجامعية بتفوق وكان الأول على دفعته، ما حدا بالرئيس اليمني إلى تكريمه، وتم تعيينه معيداً بها. ? حاصل على تمهيدي ماجستير من كلية الآداب بجامعة صنعاء عام 2010. ? أعزب وينتمي إلى أسرة كبيرة العدد مؤلفة من أب مُزارع، والوالدة، إلى جانب ثلاثة أخوة ذكور وثلاث إناث. معان في حياة الزراعي الجمال: هو في الحب الإنساني، وأرى أن الحب هو من يعطي المفهوم الحقيقي للجمال، وإذا أحب الإنسان شيئاً يرى كل الأشياء جميلة. ? الحب: هو أسمى قيمة في الحياة، وعبد العزيز الزراعي بدون حب لن يعيش، وأعتقد أن السر وراء هذا النجاح، هو حبيبتي الأنثى التي كانت ملهمة لقصائدي. ? المرأة: تمثل في تجربتي الشعرية المحور الأساسي بدءاً من أمي التي ألهبت التجربة الشعرية برحيلها عن هذه الحياة، بالإضافة إلى المرأة الأخت والمرأة الحبيبة. ? النجاح: هو كسب قلوب الناس، وأيضاً تحقيق أكبر قدر من التواضع. الضمير الإنساني فيما يتعلق بتطور تجربته الشعرية بعد الفوز، أوضح أنه أصبح لزاماً عليه أن يضيف الكثير على هذه التجربة، نتيجة الشعور بالمسؤولية الزائدة تجاه الكتابة الشعرية، والثقة التي منحته إياها لجنة التحكيم وكذا الاحتكاك في البرنامج بتجارب شعرية مهمة جداً في العالم العربي أضافت إليه الكثير، وتمنى الزراعي أن يجد الوقت الكثير للعمل على النص الشعري ليكون جديراً بهذا اللقب. وحول مكانة أبوظبي في المشهد الثقافي العربي، أكد الزراعي أن العاصمة الإماراتية قدمت شيئاً لم تقدمه أي عاصمة عربية على الإطلاق، مشيراً إلى أنه كان يتساءل عن الذي دفع بلداً ومدينة صاخبة بالمؤسسات والحضارة المدنية الهائلة، ما الذي دفعها للاهتمام بالشعر في زمن يضج بالصمت؟ إلى أن زار أبوظبي فوجدها تسطر قصائد أخرى في بيئتها الحضارية، في سعة صدرها للإنسان في شتى بقاع العالم، فعرف إجابة السؤال الذي ما برح يفارقه فترات طوال. وأخيراً وجه الزراعي الشكر والامتنان إلى دولة الإمارات وشعبها، التي احتضنت أهل القصيد وفتحت نافذة عبر شاطئ الراحة نطل من خلاله على جرحنا العربي ووجداننا العربي وضميرنا الإنساني.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©