النسيان·· حميد ومذموم

الذاكرة هي قدرة العقل على تخزين واسترجاع المعلومات وقت الحاجة إليها، وهي عماد تفكيرنا فنحن نعمل منطلقين من أساس ما قمنا بعمله أصلا، وقدرتنا على تذكر الأحداث واحدة من أقوى قدراتنا العقلية لأنها ببساطة تنظم التفكير· تقول الدكتورة ايمان سيف الدين طبيبة المخ والأعصاب والأمراض النفسية والعصبية: تتضح الذاكرة لدى الإنسان عند النسيان، فهو لا يدرك أنه يتذكر إلا إذا نسي شيئا ما، وما بين النسيان الحميد وهو نسيان الهم والألم والنسيان المذموم وهو نسيان المواعيد والتفاصيل فرق شاسع يحرك هذا النشاط العقلي· أنواع الذاكرة وتضيف: يملك الإنسان نوعين من الذاكرة: الأول هو الذاكرة غير البيانية وهي تكمن في اللاشعور وتشمل العادات التي تعود الإنسان على فعلها والمهارات والأحاسيس· والنوع الثاني هو الذاكرة البيانية التي تنقسم إلى عدة أقسام: الذاكرة الوقتية وهي تبقى من عدة ثوان إلى دقائق معدودة ثم تختفي أو تتحول إلى الذاكرة قصيرة المدى أو طويلة المدى، مثلا عندما تنظر لأول مرة إلى مشهد أو صورة وتغمض عينيك وتحاول أن تتذكرها بعد ثوان سوف تبدأ في التلاشي ببطء إلى أن تختفي تماما· والذاكرة قصيرة المدى وتدوم ساعات وتنشأ من الذاكرة الوقتية وحجمها في المخ صغير ولكن استرجاع المعلومة سريع، ومنها الأحداث القريبة التي حدثت بالأمس أو صباح اليوم· والذاكرة طويلة المدى وفيها تمكث الذكريات لمدة طويلة تمتد سنوات وتنشأ من الذاكرة الوقتية بالتدريب أو تكرار للمعلومات وسعة المخ منها كبيرة ولكن الاسترجاع بطيء مثال ذلك أيام الطفولة، تواريخ الميلاد· أما النوع الأخير فهو الذاكرة الأبدية (فوق الثانوية) وهي مرحلة متقدمة من الذاكرة طويلة المدى وهنا تبقى الذاكرة دائمة وسريعة الاسترجاع· وهناك أمراض تؤثر على وظائف الذاكرة وتتسبب في فقدانها كليا أو جزئيا بشكل دائم أو مؤقت مثل الهستريا التي تحدث عند تلقي صدمة هائلة فوق الاحتمال كموت الابن أو الأم، حيث يلجأ الإنسان - لشدة الألم - إلى نسيان الحدث وإسقاطه من الذاكرة وفي نفس الوقت يتعامل مع الأحداث الأخرى بذاكرة سليمة· ومنها إصابات الرأس التي ينتج عنها فقدان للوعي وارتجاج في المخ فيحدث نسيان للحادث وما بعده ومن الجائز أن يستمر النسيان من دقائق إلى شهور حسب درجة الإصابة· وهناك السكتات الدماغية وتصلب الشرايين وما ينتج عنها من نقص الأوكسجين الواصل إلى المخ، علاوة على بعض الأمراض النفسية: كالقلق والاكتئاب وأخيرا الخرف والعته ''الزهايمر''· كيف نقوي ذاكرتنا؟ وتنصح الطبيبة إيمان سيف الدين الراغبين في تقوية ذاكرتهم بالاهتمام بالمعلومة عبر تكرارها في العقل وربطها بأكثر من حاسة، فمثلا الطالب الذي يذاكر شفهيا ينسى قبل الطالب الذي يدعم مذاكرته بالرسم والكتابة والتسجيل· وإذا أردت حفظ رقم جواز سفرك المكون من 8 أرقام أو أكثر فعليك أن تقسم الأرقام وتربطها بتاريخ ميلاد أحد الأبناء أو بمناسبة تهمك· التركيز في أولوياتك والأشياء التي تريد تذكرها وتكرارها في العقل، إذا أردت حفظ اسم أحد الأشخاص فعليك أن تكرره ثلاث مرات بصوت مسموع ثم اربطه باسم احد أقاربك وتذكر شكله وانطباعاتك عنه، فإذا نسيت الاسم يذكرك الشكل والانطباع· ولا تعتمد فقط على ذاكرتك في تذكر المواعيد والمسؤوليات، استعن بنوتة أو مفكرة للجيب واحتفظ بها في مكان محدد وظاهر· كن منظما ومرتبا، فهذا يسهل عليك مهامك في إيجاد أشيائك ويساعدك على التذكر وعدم التشتت· وخذ قسطا كافيا من النوم والراحة، ومارس الرياضة البدنية ورياضة الاسترخاء والتأمل لتنشيط الدورة الدموية وتقليل الضغط العصبي، واشغل وقت فراغك بالقراءة والأنشطة الذهنية، ومن أفضلها قراءة وحفظ القرآن الكريم والتدبر في آياته، فإذا ساعدنا أولادنا في حفظ القرآن الكريم والارتباط به فلن تستعصي عليهم أي مادة للحفظ أو الفهم· تناول الخضراوات والفواكه الطازجة والأطعمة الغنية بأوميجا 3 مثل الأسماك، الجمبري، البيض، واللبن، فهذه الأغذية تساعد على الانتباه والتركيز، وكذلك المكسرات مثل عين الجمل (الجوز) واللوز والفول السوداني، والزبيب فهي تساعد على تقوية الأعصاب عن طريق تنشيط الموصلات العصبية اللازمة لحفظ المعلومات· وللأعشاب دور في تنشيط الذاكرة مثل الزنجبيل، والجينسنج والقرفة والكمون· ولا تنس أن تبتعد عن الأطعمة الدسمة والدهون المشبعة التي تسبب تصلب الشرايين وبالتالي قلة الدم والأوكسجين المغذي للمخ والذي ينتج عنه ضعف الذاكرة·