تجربة إبراهيم العريض والمتنبي وشوقي في كتاب جديد

صدر عن دار صفصافة للنشر، بالقاهرة، كتاب «الآخر في الشعر العربي» للدكتور أيمن بكر، والذي يتناول تجربة ثلاثة من كبار شعراء اللغة العربية بالبحث والدراسة، ويلقي الضوء بشكل خاص على الشاعر البحريني الكبير إبراهيم العريض، بالإضافة للمتنبي وأحمد شوقي. ويحاول الكتاب أن يقف على بعض سمات اللحظات الحضارية الثلاث التي عاشها الشعراء، وهي اللحظات التي يحتل فيها الآخر موقعا خاصا. وتحاول الدراسة في فصلها التمهيدي أن تستظهر مفهوم الآخر ثقافيّاً، وهو سعي يهدف إلى مناقشة قضية حضور الآخر كجزء مكون للذات، بما ينفي فكرة انفصاله، أو بعبارة أخرى؛ بما ينفي فكرة وجود الآخر هناك في مساحة من الفراغ يمكن الإشارة إليها دون أن نشير في اللحظة نفسها للذات بالمعنى الثقافي، وهو ما يمنح الذات فرصة الانعكاس النقدي على نفسها، كخطوة أولى وضرورية لتعميق المشاركة في الحضارة الإنسانية. ويستفيد كتاب «الآخر في الشعر العربي» من الدراسات التي تعرضت لتحليل حضور الآخر المغاير ثقافيا، وأهمها دراسة إدوارد سعيد «الاستشراق»، ودراسته «تغطية الإسلام»، وكذلك المجلد الذي ضم عددا كبيرا من الأبحاث حول صورة الآخر بعيون الثقافتين العربية والغربية، ممثلتين في نخبة من المفكرين العرب والغربيين، وهو بعنوان «صورة الآخر.. العربي ناظرا ومنظورا إليه». ويتناول الكتاب إبداع الشاعر البحريني الكبير «إبراهيم العريض» ، ملقيا الضوء على سيرته الثقافية التي سمحت بتكون بناء معرفي استثنائي؛ نتج عن الجمع بين أهم ثقافات العالم منذ نعومة أظفار الشاعر، ثم كيف أثر هذا التعدد الثقافي، على استيعاب الآخر كجزء مكون للذات. ويعتبر المؤلف أن شعر إبراهيم العريض ( 1908- 2001) «شاهدا جماليا ثقافيا على هذه الفترة المهمة في تاريخ الثقافة العربية». والدكتور أيمن بكر ناقد وأكاديمي مصري حاصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة، يعمل حاليا أستاذا مساعدا للأدب والنقد في جامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا بالكويت؛ له عدة كتب في النقد الأدبي منها السرد في مقامات الهمذاني (1998)، وتشكلات الوعي وجماليات القصة (2002)، وقصيدة النثر العربية (2009). ويناول الكتاب الآخر في شعر المتنبي، متوقفا عند علاقة الذات والآخر، في ظل مفهوم «المواطنة فوق القومية» الذي أسسته الحضارة العربية الإسلامية خلال الدولة العباسية، ومحللا بعد ذلك تشكلات الآخر الداخلي والخارجي في شعر المتنبي من زوايا مختلفة. كما يتعرض للآخر في شعر أحمد شوقي، ويقف في البداية عند تغير منطق العلاقة بين الشرق والغرب الأوروبي في ظل الفترة الاستعمارية، عما كان عليه الأمر في عصر المتنبي، متعرضا بعد ذلك لكل من: مفهوم الشعر لدى شوقي، وطريقته في النظر للعالم، وتأثير هذين العاملين على تشكيل صورة الآخر في شعر شوقي، وعلى مواقفه تجاه ذلك الآخر.