الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

أبو هريرة .... شيخ حفاظ الحديث

13 مايو 2016 01:48
من المعلوم أن السنةَ النبويَة الشريفة- على صاحبها أفضلُ الصلاة والسلام- هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، فهي والقرآنُ الكريمُ متلازمانِ، لا ينفك أحدُهما عن الآخرِ، فقد جاءت السنةُ النبويةُ المطهرةُ شارحةً للقرآنِ الكريم ومبينةً له: تُفَصِّلُ مُجْملَهُ، وَتُوَضِّحُ مُشْكلَهُ، وَتُقَيِّدُ مُطْلَقَه، وَتُخَصِّصُ عَامَّه، وقد تأتي بحكمٍ زائدٍ عن القرآنِ الكريمِ، وهي في ذلك كلّه واجبةُ الاتباعِ كالقرآنِ الكريم، وهناك آيات كثيرة وأحاديث نبوية عديدة تبين مكانةِ السنة النبوية وضرورةِ اتباعها، كما تحث على تبليغِ السنةِ ونشرِها.لذا فقد اعتنى العلماءُ المسلمون عبر التاريخ بالسنةِ النبويةِ المطهرةِ، فقاموا بجمعِ السنةِ وحفظها وتبليغها للناس، والدفاع عن حياضها، حيث انقطع لهذا العمل الجليل أئمة أفذاذ وعلماء مخلصون قاموا بجمع السنة وتدوينها، ووضعوا لها أَدَقَّ الموازين وأضبطها؛ لحمايتها ومعرفة الدخيل الزائف منها، حتى تركوا لنا الأحاديث الصحيحة في موسوعات ضخمة، فجزاهم الله خير الجزاء. ومن الجدير بالذكر أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا في مقدمة الأمة في اهتمامهم بالسنة النبوية الشريفة، لذلك فقد كتب العلماء المسلمون كتباً عديدة ومؤلفات كثيرة عن فضائلهم ومناقبهم، ومن أشهر هذه المؤلفات: أسد الغابة في معرفة الصحابة - للإمام ابن الأثير. معرفة الصحابة- للإمام أبي نعيم الأصبهاني. فضائل الصحابة- للإمام النسائي. فضائل الصحابة- للإمام أحمد بن حنبل. الإصابة في تمييز الصحابة- للإمام ابن حجر العسقلاني. حياة الصحابة- للشيخ محمد يوسف الكاندهلوي. الاستيعاب في معرفة الأصحاب - للإمام ابن عبد البر القرطبي. الطبقات - للإمام مسلم. وسنتحدث في مقالنا هذا عن الصحابي الجليل أبي هريرة -، حافظ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، الإمام الفقيه المجتهد الحافظ، ومن الجدير بالذكر أن أبا هريرة - رضي الله عنه- هو أكثر الصحابة حفظاً للحديث النبوي، وقال الإمام الذهبي عنه: «قرأ القرآن عَلَى أُبي بن كعب، وقرأ عَليْه غير واحد، وروى عنه نحو ثمانية نفس... وكان إماماً مفتياً، فقيهاً صالحاً حسن الأخلاق، متواضعاً محبباً إلى الأمة». حياته أبو هريرة - رضي الله عنه - من أعلام الصحابة، خالدين الذكر عبر الأزمنة والعصور، هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي اليماني، كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، فسمّاه النبي - صلى الله عليه وسلم- عبد الرحمن، وكنَّا أبا هريرة. أما نشأته - رضي الله عنه - وحياته في بلاده باليمن، فقد كان مولده قبل الهجرة النبوية بنحو «23» سنة في منطقة حاضرة دوس في سَرَاة أعالي اليمن، فنشأ وترعرع في حاضرة دوس، ومات أبوه وهو صغير، فنشأ في كنف والدته وأهله، وكانت أسرته متوسطة الحال، فم تكن ذات ثراء وتجارة. قدم مهاجراً عند فتح خيبر سنة سبع للهجرة ولزم صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم-، وهو أكثر الصحابة السبعة الذين رووا من الحديث النبوي فوق الألف. وقد أكرمه الله سبحانه وتعالى بذاكرة قوية وهمة عالية في التلقي عن الرسول- صلى الله عليه وسلم-، حتى كان أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي، وذلك ببركة دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم، وتفرغه الكامل لطلب العلم. شهادة نبوية لأبي هريرة لقد شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بحرصه على الحديث، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّه قال: «قِيل: يَا رَسُولَ اللهِ! مَنْ أَسْعدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيامَةِ؟ قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: لَقَدْ ظَنَنْتُ يا أبا هُرَيْرَةَ أَنْ لا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوََّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلى الحديثِ، أَسْعدُ النَّاسِ بِشَفَاعِتي يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ قَال: لا إِلَهَ إلا اللهُ خَالصًا مِنْ قَلْبِه أو نَفْسِه»، (أخرجه البخاري). حبه للعلم لقد أحب أبو هريرة - رضي الله عنه - العلم وسعى في طلبه جاهداً، فما كان يسمع حديثاً إلا حفظه، ولا يرى عملاً يعمله الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى وعاه وأخذ منه القدوة، وكان يأخذ الحكمة أَنَّى وجدها، حتى كان - رضي الله عنه - وعاءً للعلم ومرجعاً يرجع إليه الصحابة والتابعون. وكما أحب أبو هريرة - رضي الله عنه - العلم لنفسه، فقد أحبه - رضي الله عنه- لغيره. وفاته ذكرت كتب السيرة والتاريخ أنه لمَّا مرض - رضي الله عنه - مرض موته بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ما أبكي على دنياكم هذه، ولكن على بُعد سفري، وقلة زادي، وأني أمسيت في صعود، ومهبطه على جنة أو نار، فلا أدري أيهما يُؤخذ بي. وقد عاده مروان بن الحكم، فقال له: شفاك الله يا أبا هريرة، فقال، اللهم إني أحب لقاءك، فأحبب لقائي، فما كاد مروان يغادر داره حتى فارق الحياة. وتوفي أبو هريرة - رضي الله عنه - سنة تسع وخمسين للهجرة عن عمر يناهز ثمانية وسبعين عاماً، وقد خرجت المدينة المنورة عن بكرة أبيها لتشييع جثمانه - رضي الله عنه-، قال ابن كثير: «وصلى على أبي هريرة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أمير المدينة، وفي القوم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو سعيد الخدري، وخلق من الصحابة وغيرهم، وكان ذلك عند صلاة العصر، وكانت وفاته في داره بالعقيق، فَحُمِل إلى المدينة، فصلّى عليه، ثم دُفِن بالبقيع رحمه الله ورضي عنه. وروي عن نافع، قال: كنتُ مع ابن عمر في جنازة أبي هريرة، وهو يمشي أمامها، ويكثر الترحُّم عليه، ويقول: كان ممن يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على المسلمين). وهكذا كانت حياته - رضي الله عنه- حافلة بالعلم والتعليم والحرص عَلى تعليم كتاب الله - عزّ وجل - وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم-، والتفاني في خدمة هذا الدين، حتى روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من خمسة آلاف حديث، فجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©