الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماجي الحلواني: إبراز الصورة المشرقة للمرأة العربية يحتاج مزيداً من التركيز

ماجي الحلواني: إبراز الصورة المشرقة للمرأة العربية يحتاج مزيداً من التركيز
27 فبراير 2011 21:03
اقتحمت المرأة العربية بقوة مجال الإعلام في العقدين الأخيرين من القرن الفائت، مواكبة التطورات التي حصلت في شتى مناحي الحياة، وسجلت نجاحات متميزة شيئاً فشيئاً في العمل الإعلامي، جنباً إلى جنب مع الرجل في تطوير مفاهيم وآليات الاتصال الجماهيري ودوره في الحياة. وأثبتت المرأة العربية جدارتها، حتى أننا بتنا نجد الآن نسبة لا بأس بها من الإعلاميات يتبوأن مراكز الصدارة في المشهد الإعلامي العربي، وبعضهن يترأس الكثير من المؤسسات الإعلامية، وهو الأمر الذي يُلقي على عاتقهن قدراً كبيراً من المسؤولية في إبراز دور المرأة وتعديل وتحسين صورتها في بلداننا العربية، مستفيدات من هذه الفرصة الثمينة التي أتيحت لهن في ترأس الكثير من مؤسسات الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، الأمر الذي يعني أنهن أصبحن صاحبات قرار. فهل أثر هذا الواقع على صورة المرأة في الإعلام؟ أبوظبي (الاتحاد) - الدكتورة ماجي الحلواني، عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، توضح صورة المرأة العربية في الإعلام، وكيف يمكن للإعلام العربي دعم قضايا المرأة ومشاركتها الفاعلة في التنمية، وتقول: “صورة المرأة العربية طرأت عليها تبدلات وتغيرات طيلة العقود السابقة، تراوحت بين الإيجاب والسلب بصفة عامة. وقبل بروز ظاهرة القنوات الفضائية كانت دراسة الصورة المنعكسة في وسائل الإعلام العربية قضية سهلة، ولم يكن من الصعب الوقوف على أبعادها ودلالاتها وشكلها. غير أن بروز ظاهرة القنوات الفضائية عامة والفضائية المتخصصة خاصة، إلى جانب تعدد المضامين والأشكال البرامجية والمواد الإعلامية، جعل من قضية دراسة الصورة التي تعكسها وسائل الإعلام كافة والفضائيات خاصة قضية شائكة بكل ما تعني الكلمة من معنى. ولعل صعوبة دراسة أية صورة تعكسها وسائل الإعلام تُرد إلى عوامل عدة، أبرزها يتمثل في: ? مدى الاتفاق على مفهوم الصورة من جهة والتعريف الإجرائي لهذا المفهوم بين الباحثين والدارسين لمثل هذه القضايا. ? مدى استيعاب المناهج الإعلامية لمثل هذه الظواهر التي ترتبط بسلسلة من الظواهر المجتمعية الخاصة والعامة والدولية. ? مدى القدرة على إبعاد التأثيرات الخاصة بخلفية الباحثين المعرفية إزاء هذه الظواهر. وعند التطرق لمثل هذا الموضوع ينبغي أن نسأل أنفسنا سؤالاً مهماً: “هل كل أو بعض ما يقدمه الإعلام العربي يمكن أن نعتبره بوجه من الوجوه سلبياً فيما يتعلق بصورة المرأة التي يعكسها؟ وإذا كانت الإجابة تتمثل في كون الصورة المنعكسة إيجابية فما سبل وآليات تعزيزها؟ وإذا كانت الصورة المنعكسة سلبية فما سبل وآليات تعديلها وصولاً إلى تغييرها ومن ثم تبديلها؟”. المضامين والأشكال تجيب الدكتورة الحلواني:” نظراً لعدم وجود بحوث متكاملة تُعنى بدراسة صورة المرأة في وسائل الإعلام كافة ودراسة مختلف مضامينها وأشكالها الإعلامية في الدول العربية كافة فإننا نضطر إلى انتقاء بعض المضامين والأشكال الإعلامية من هذه الوسيلة أو تلك للوقوف على طبيعة صورة المرأة التي تعكسها هذه الوسيلة أو تلك بوجه عام. علينا محاولة الإجابة عن الكيفية التي يمكن أن يدعم الإعلام العربي بها قضية المرأة؟ وهنا علينا أن نلفت النظر إلى مجموعة من القضايا التي قد تتدخل بالضرورة في الإجابة على هذا التساؤل: القضية الأولى: ولكي نكون موضوعيين، فإن الصورة التي تعكسها وسائل الإعلام التونسية تختلف عن تلك الصورة التي تعكسها وسائل الإعلام المصرية أو السورية. فالصورة المقدمة في هذه الوسائل تختلف عن الصورة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام اللبنانية مثلاً، وكل هذه الوسائل تختلف عن تلك الصورة التي تقدمها الكثير من وسائل الإعلام الخليجية الموجهة لداخل المجتمعات الخليجية.. وهكذا. القضية الثانية: وهي ملحوظة عامة، بتنا ندركها وتتمثل في أن وسائل إعلامنا العربية، خصوصاً القنوات المرئية الأرضية أو الفضائية، تعكس أنماطاً ومعارف واتجاهات وسلوكيات تخص المرأة في بلدان أخرى، خصوصاً الأميركية والأوروبية، ولا تقدم صورة المرأة العربية بالقوة نفسها. القضية الثالثة: والتي تثار وينبغي الوقوف عندها مطولاً من قبل المسؤولين عن مؤسساتنا الإعلامية العربية، تتمثل في حجم ما تقدمه هذه الوسائل من مواضيع تهم قضايا المرأة العربية مقارنة بالمواضيع الأخرى التي تقدمها. القضية الرابعة: تتعلق بنوعية الصورة التي تعكسها الدراما العربية عن المرأة العربية، فهناك الكثير من هذه الصور تتسم بالسلبية وعدم الواقعية في كثير من الأحيان. القضية الخامسة: تتعلق بمدى دورية البرامج والمواد وأزمنتها والتي تقدم مواضيع تعالج قضايا تهم المرأة العربية. القضية السادسة: تتعلق بالبرامج والمواد التنموية والصحية وتبيان دور المرأة في هذه المجالات للارتقاء الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع. القضية السابعة: تتعلق بصورة المرأة المشرقة في التاريخ والثقافة الدينية وضرورة إيلائها الأهمية في المواضيع والمواد والبرامج الدينية التي تقدمها وسائل الإعلام العربية كافة. القضية الثامنة: تتعلق بضرورة توافر بنك معلوماتي يمد القائمين بالاتصال بمشكلات وقضايا المرأة العربية الحقيقية. القضية التاسعة: تتعلق بضرورة تجزئة مشكلات المرأة العربية من حيث المعالجات الإعلامية، فقضايا ومشكلات المرأة العربية الريفية تختلف عن قضايا ومشكلات المرأة التي تعيش في المدن. القضية العاشرة: تتعلق بتجزئة أدوار وسائل الإعلام في عمليات الدعم والتناول ومعالجة قضايا المرأة العربية، فوظائف وأدوار وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة يجب أن تكون تكاملية لا تكرارية أو نمطية”. تفعيل دور المرأة وتكمل الدكتورة الحلواني “في ضوء ما سبق، نحاول الآن الإجابة عن السؤال الرئيسي وهو كيف يمكن أن يدعم الإعلام قضايا المرأة؟ كلنا أو معظمنا يتفق على أن أولى أهدافنا ينبغي أن تنصب على محور تفعيل دور المرأة وتحفيزها على الانخراط بالمشاركة المجتمعية الفاعلة قاطبة. ولعل ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون إزالة العوائق التي تحول دون مشاركة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية من قبل المرأة. فالعوائق كثيرة في مجتمعاتنا العربية، وهنا بالذات ينبغي على وسائل الإعلام العربية المقروءة والمسموعة والمرئية أن تضطلع بدورها كاملاً من خلال تشخيص هذه المشكلات والعوائق وتقديم حلول ونماذج مُبشرة من النساء اللواتي حققن إنجازات مع شرح وتفسير خطواتهن الحياتية التفصيلية حتى وصولهن إلى تحقيق هذه الإنجازات. فإن التركيز على النماذج الحسنة في مسيرة الكثير من النساء الناجحات يمكن أن يكون بناءات معرفية واتجاهية وحتى سلوكية للكثير من الفتيات والنساء العربيات، خصوصاً أولئك اللواتي يراودهن الشعور بضرورة الارتقاء والتطور والانخراط في قضايا المجتمع الحقيقية. إن تقديم مثل هذه النماذج ينبغي أن يتم بالنظر إلى كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية، وينبغي ألا يكون نخبوياً. فالحملات الإعلامية الدورية والمنظمة في هذا المجال تكون مهمة في تفعيل دور هذه المشاركة وتعكس الصورة اللازم أن تكون عليها أدوار المرأة العربية. إلا أن هذه الحملات لن تكون فعالة ما لم تحدد لها أهدافاً تفصيلية واضحة ومتوالية تباعاً، وتقديم نماذج فعالة ومشرفة لنساء عربيات تقلدن أرفع المناصب أمر مهم ولازم لللارتقاء والتطور. إن دخول المرأة العربية في مختلف المؤسسات والتنظيمات الحزبية والسياسية العربية يمثل خطوة مهمة في بداية مسيرة العطاء الفاعل والانخراط الحقيقي في الأنشطة المختلفة وعلى رأسها الممارسات والأنشطة السياسية”. العادات والتقاليد توضح الدكتورة الحلواني:”لا تزال العادات والتقاليد تحد من أنشطة وممارسات المرأة لأدوارها السياسية وغيرها من الأنشطة والأدوار، وهنا يُلقى على عاتق المؤسسات الإعلامية أدواراً مفصلية في العمل على تعديل ومن ثم تبديل وتغيير الكثير من الاعتقادات والأفكار الخاطئة ولدى مختلف أفراد الأسرة وصولاً لتغيير الاتجاهات ومن ثم السلوكيات حيال هذه المشاركة. وإن كان هناك إشكالية وهي تتعلق بتسليط وسائل الإعلام أضواءها على النساء العربيات ذوات المستويات الاقتصادية والاجتماعية المرتفعة، أي على النخبة من النساء، وهذا أمر غير محبذ، وعليه فإن على وسائل إعلامنا العربية التركيز على النساء العربيات من مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية وفي مختلف مفاصل المجتمع، خاصة المرأة ذات الإنتاج البسيط أو السيدات المتجهات إلى الصناعات الصغيرة أو متناهية الصغر. ولعل القضية المفصلية الواجب الوقوف عندها تخطيطاً وممارسة تتمثل في معالجة ظاهرة نسبة الأمية بين النساء العربيات، والتي تبلغ نسبتها تبعاً للعديد من المصادر قرابة 65%، وفي هذا السياق لا تزال الفتيات في سن التعليم خارج نطاق المدارس والتي قد تصل نسبتهن إلى ما بين 70% إلى 75%، بالإضافة إلى أن المرأة العربية لا تمثل سوى 29% فقط من قوة العمل العربي، وهي مركزة في مجالات محددة. إن تكامل عمل كل المؤسسات والمنظمات الحكومية والأهلية والإعلامية وغير الإعلامية قضية لازمة للوقوف على العوائق الحقيقية التي تحد من دور المرأة والعمل على تصويبها رويداً رويداً ووفقاً للعديد من المستويات والجوانب الوجدانية والمعرفية والسلوكية ولمختلف أفراد الأسرة”. معوقات تفعيل دور الإعلام في دعم قضايا المرأة تشير الدكتورة الحلواني إلى جملة من المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام تفعيل دور الإعلام في دعم قضايا المرأة، وتقول: “علينا أن نؤكد قضية تكتسب أهمية خاصة، حسب اعتقادنا، والمتمثلة في ضرورة النظر إلى صورة المرأة بوسائل الإعلام العربية والى واقعها المعاش بعينين، الأولى تنظر إلى ما تحقق للمرأة العربية من مكاسب وإنجازات مقارنة بالحقب السابقة، والثانية تنظر إلى جوانب الإخفاق ومسبباته والبحث عن حلول نافعة في هذا المضمار. إن معظم المؤشرات والوقائع تشير بوضوح إلى أن المرأة العربية خلال الثلاثين سنة الفائتة حققت قفزات متميزة في الكثير من المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية والاقتصادية والسياسية. ولكن هل ما تحقق كاف؟ بالتأكيد، وحسب وجهة نظرنا، ما تحقق غير كاف، فلا نزال في بداية الطريق، وهذا الطريق غير مفروش بالورود، بل فيه الكثير من المعوقات ويحتاج إلى صبر وجلد وإصرار ومثابرة. إن أكبر تحد نواجهه يتمثل في: المكون المعرفي السائد في بيئتنا العربية إزاء المرأة، خصوصاً في الأرياف. والمكون الوجداني العاطفي والسيكولوجي السائد في بيئتنا العربية إزاء المرأة العربية. والمكون الاتجاهي السلوكي السائد والذي يحد من حرية حركة المرأة وممارستها للأنشطة في العديد من المجالات. إن المطلوب من القائمات بالاتصال العاملات في وسائل إعلامنا العربية أن يدفعن هذه المكونات لدى العديد من الشرائح الاجتماعية تجاه الأمام للإسهام في تحقيق الكثير من المكاسب والإنجازات للمرأة العربية”. إعادة ترتيب عن مدى الحاجة إلى تغيير صورة المرأة العربية، تقول الدكتورة الحلواني: “إن الكثير من الصور السلبية النمطية التي تقدمها وسائل إعلامنا العربية عن المرأة تحتاج إلى تعديل وتبديل وتغيير. إن وسائل إعلامنا العربية تحتاج إلى إعادة ترتيب أجندتها بصورة تفصيلية بما يخدم تطلعات المرأة العربية. غير أن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تعمل لوحدها، بل تحتاج إلى تكامل مع المنظومات التربوية والتعليمية والثقافية، وتحتاج إلى تعاون الأنماط الاتصالية المواجهة والمتمثلة في خطباء المساجد ووعاظ الكنائس. إن وسائل إعلامنا بالتكامل مع المنظومات والمؤسسات الأخرى تحتاج إلى إعادة ترتيب أجندتها فيما يخص قضايا المرأة”. وتكمل: “إن المرأة العربية تحتاج إلى دعم يمكنها من امتلاك آليات وصولها للمؤسسات التشريعية، حيث تصنع القوانين وتتخذ القرارات وتفعّل أداءها فيها، وتحتاج إلى تشجيع للدخول في التنظيمات الحزبية والسياسية ووصولاً إلى أعلى المستويات الهيكلية في هذه التنظيمات والأحزاب، وتحتاج إلى تعديل الكثير من القوانين التي تحد من تحركاتها على الأصعدة كافة، كما أنه من المهم جداً أن يتم العمل على تغيير الكثير من الأنماط الفكرية السلبية السائدة عن المرأة العربية، وقبل كل شيء وضع خطط تفصيلية قابلة للتنفيذ لمحو أمية نسبة لا يستهان بها من النساء العربيات، والعمل على تشكيل تجمعات وجمعيات نسائية عربية ذات توجهات تكاملية”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©