الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سامي حمد: المرشد السياحي المواطن هو الأفضل رغم ندرته

سامي حمد: المرشد السياحي المواطن هو الأفضل رغم ندرته
27 فبراير 2011 21:00
دبي (الاتحاد) -على الرغم من متعة وجمال مهنة المرشد السياحي بكونه كثير الترحال والسفر إلا أنها تنطوي على كثير من الأهمية والخطورة ليست خطورة على نفسه وحياته بل هي خطورة على المكان الذي ينقل للسائحين حكايته وماضيه وتاريخه وحضارته، وإلى أي مدى سينقل ذلك بأمانة ومصداقية دون قصور أو زيادة أو تحيز. مهنتي اليوم تستضيف المدرب والمرشد السياحي سامي حمد للحديث عن خبايا هذه المهنة وما يحكمها من قوانين وما تنطوي عليه من صعوبات ومحاذير... صدفة يتحدث سامي حمد (40 سنة) عربي الجنسية عن سبب اختياره لمهنة المرشد السياحي والتي يعمل بها منذ 8 سنوات مضت ويقول:” درست هندسة الاتصالات في ألمانيا وعملت بها لمدة 5 سنوات في ذات المكان أيضاً، ومن ثم قدمت إلى الإمارات عام 2003 لأبحث عن فرصة عمل جديدة وعملت مع إحدى الشركات لمدة شهرين ولم يحصل بيننا وفاق، وقبل أن تنتهي تأشيرتي بيومين كنت أطالع الصحف بحثاً عن إعلانات الوظائف وإذا بعيني تسقط على إعلان لمحل مجوهرات يطلب موظفات بائعات يتحدثن الألمانية فتساءلت لم فتيات وليس شباب ؟! فأنا أتحدث الألمانية بطلاقة بحكم مكوثي فيها لسنوات عدة، فاتصلت بالمحل وناقشتهم بأنني أرغب بالعمل لديهم فأشاروا بأن أحضر للمقابلة وحينما ذهبت جلست أنتظر خروج وفد سياحي ألماني جاء بالصدفة إلى المحل مع مرشد سياحي وإذا بإحدى السائحات تتكلم عن رطوبة الجو والحرارة الشديدة فتدخلت دون سابق إنذار وقلت لها بالألمانية أن الجو في ألمانيا في هذا الوقت من السنة نفس الشيء وصرنا نتجاذب أطراف الحديث وإذا بمرشدهم السياحي وهو أردني الجنسية مثلي تماما يلتفت لي ويعجب بطريقة حديثي وقدرتي على إتقان اللغة، وصار يسألني عن سبب قدومي إلى المحل فأخبرته عن بحثي عن عمل فاقترح علي أن يصطحبني للشركة التي يعمل فيها حيث يوجد شاغر لمرشد سياحي يتحدث الألمانية وفعلاً ذهبت معه وقابلت الإدارة وقبلت ليبدأ خط سير جديد في حياتي لم يكن على البال...” دورات تدريبية يسترسل حمد بحديثه موضحاً طريقة دخول هذه المهنة :” العمل في هذه المهنة يتطلب الدراسة الجامعية التي باتت تدرس في كثير من الجامعات أو الالتحاق بدورات تدريبية مع إتقان إحدى اللغات الأجنبية، ولأنني لم أدرسها دراسة فلا بد من تدريبي بالشكل الكافي للقيام بواجبات هذه المهنة حيث بدأت ألازم مرشدين سياحيين أثناء رحلاتهم مع الوفود السياحية لمدة أسبوعين متواصلين أتعرف بها على أسلوبهم وطريقة تعاملهم مع السياح، ومن ثم التحقت بدورة في دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي لمدة أسبوعين أيضا خضعت فيها لامتحانات نظرية وعملية حصلت في ضوئها على رخصة مزاولة المهنة وهنا أود أن ألفت أنه من يدخل هذه الدورة ولا يجتاز امتحاناتها لا يمنح الرخصة فهناك من يخفق في بعض الجوانب المطلوبة على الرغم من وجود الرغبة في مزاولة هذه المهنة، ولقد تعلمت في الدورة كيف أتعامل مع الغرباء فاللحظات الأولى التي أعيشها مع السياح تحدد مصير رحلتي معهم هل ستكون صناجحة أم لا وهل سأكون مرشدا خفيف الظل عليهم أتفاعل معهم ويتفاعلون معي ولو حصل توتر للعلاقة بيننا منذ الثواني الأولى سيشعرون وأنا كذلك بعدم راحة وانسجام مما سينعكس سلبا على الرحلة مما يضر بمصلحتي ومصلحتهم التي تتعلق بسعادتهم في الرحلة التي أصحبهم فيها، فلابد أن أشعرهم أنهم ليسوا غرباء وأنني شخص موثوق به وجدير بأن يؤتمن عليهم وعلى ممتلكاتهم وأنهم معي سيكونون في أيد أمينة”. يوميات مرشد سياحي أما بالنسبة ليوميات المرشد السياحي فيفيد حمد بأنه بعد أن يتلقى تبليغاً من الشركة التي قام الوفد السياحي بالاتفاق معها على برنامج رحلة محدد، بأن وفدا سياحيا سيحضر على طيران ما على ساعة معينة مضافاً إلى ذلك برنامج الرحلة مرتب ومحدد بالساعة والمكان ليجهز نفسه نفسيا ويتفرغ تماما لموعد قدومهم فهذا العمل كما يؤكد حمد يتطلب التفرغ التام وخلو الذهن من التفكير بالأعمال الأخرى تحقيقاً لمزيد من التركيز والاتقان لهذا العمل غير التقليدي، ومن ثم يتواجد في المطار مع الباص الذي سينقل الوفد إلى الفندق ويستقبلهم بترحيب محاولاً كسر الحاجز بينه وبينهم وتحقيق نوع من التقبل والانسجام، ويسهل لهم إجراءات التسجيل أو الدخول إلى الفندق فقد لا يتكلمون سوى لغتهم مما يتعذر عليهم التفاهم مع موظفي استقبال الفندق وهنا يتحدث عنهم ويجري اللازم وبعد أن يأخذوا قسطا من الراحة يبدأ رحلته معهم وفق ما تم الاتفاق عليه مع الشركة وقد يكون ذلك في نفس اليوم الذي حضروا فيه من السفر أو في اليوم الذي يليه. ويبين حمد أن هناك بعض الوفود السياحية التي تأتي إلى الدولة ولا تحدد برنامجا معينا مع الشركة لرحلاتها قبل الوصول ويطلبون مرشدا سياحيا يصحبهم إلى الأماكن التي يحددونها أو يقترحها عليهم المرشد وهنا يلفت حمد إلى سلوك مرفوض يقوم به بعض المرشدين باستغلال السياح عبر اصطحابهم لأماكن أو مطاعم يتفق عليها مع أصحابها ليكون له نسبة مالية عن كل وفد يحضره إلى هذا المكان. حلقة وصل ولأن المرشد السياحي هو حلقة الوصل بين السائح والمكان الذي جاء لزيارته والتعرف عليه فلا بد أن يكون لديه الكثير من المعلومات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والثقافية وغيرها المتعلقة بالأماكن المختلفة التي سيصطحبهم إليها وهذا هو دور هيئة السياحة التي تمدهم بكافة التفاصيل التي يحتاجونها في عملهم بالإضافة إلى ضرورة تواصلهم معها بشكل مستمر حيث تطلعهم على المستجدات التي تطرأ حيث ترسل لهم عبر الإيميل معلومات عنها مثل معلومات عن برج خليفة بعد أن انتهى بنيانه فليس من المعقول أن يسأل سائح مرشدا سياحيا عن معلم سياحي جديد بني في الدولة وهو لا يعلم عنه، وفي نفس الوقت لا يمكن أن يحيط المرشد السياحي خصوصا إذا كانت خبرته حديثة بجميع التفاصيل التي تخص مختلف الأماكن مما قد يعرضه إلى مواقف محرجة كأن يقوم أحد السياح بطرح سؤال لا يعرف إجابته وهنا لابد من أن يتمتع المرشد بالذكاء بحسب حمد والذي ندر ما واجه هذا الموقف وتعامل معه بمرونة وحنكة حيث قام يتغير الموضوع وأشار على السياح أن يلتقطوا صورا للمكان وبعد أن ينتهوا سيجيبهم عن أسئلتهم ليتسنى له لحظتها أن يستغل انشغالهم بالتصوير بالاتصال بأحد زملائه وسؤالهم ذات السؤال الذي سأله إياه السائح أو يفتح الإنترنت المتصل بهاتفه ويصل إلى الإجابة الصحيحة. مهنة قديمة يرى حمد أن مهنة المرشد السياحي مهنة ليست حديثة بل مسماها هو الحديث حيث عرفت منذ قديم الزمان وصارت الآن مهنة رسمية كغيرها من المهن، وعلى الرغم أنها صارت مهنة منظمة مرتبطة بتراخيص عدة لكل منطقة يتولى المرشد اصطحاب السياح إليها لضمان أنه يعرف تفصيلات عنها حصل بموجبها على هذا الترخيص لكنها تحتاج لمزيد من التنظيم والرقابة تمنع الدخلاء من دخول هذه المهنة والعمل فيها بلا ترخيص كما يحدث في بعض الدول العربية، والجميل الذي يؤكده حمد أن دولة الإمارات ترغم المرشد السياحي على توسيع دائرة معارفه ومسايرة الأحداث والتطورات الجارية وذلك من خلال تجديد رخصته سنوياً بعد خضوعه لامتحان يكشف متابعته وثقافته من عدمها، كما تقوم جهات عدة في الدولة بتنظيم يوم للمرشدين السياحيين يزورون فيه معلما جديدا تم استحداثه من خلالها ويقدمون لهم الشرح الوافي الذي سينقلوه للسياح الذين سيصحبوهم إلى ذات المكان فيما بعد. ويلفت حمد إلى أن السياح أنواع فمنهم من يهتم بالأماكن التاريخية وآخرون بالأماكن الترفيهية الحديثة وبعضهم تنصب اهتماماته بالمشاريع الزراعية وهكذا مما يوجب على المرشد أن يميل مع التيار ويكون مستعداً لجميع هذه الجوانب وأن يراعي في شرحه أو توصيله للمعلومة للوفد السياحي أنه يوجد بينهم المتعلم وغير المتعلم فلا يأتي بمصطلحات يعصى فهمها على بعض السياح غير المتعلمين. يصف حمد عمله بأنه ممتع ولا مجال للملل والروتين فيه كما أنه لا يخلو من الصعوبات المتعلقة بتحمل المرشد مسؤولية كل كبيرة وصغيرة تتعلق بوجود الوفد السياحي في الدولة فإذا ما تعرض لأي مشكلة كضياع جوازه أو أمتعته أو نقوده أو تعرض لإصابة أو مرض فلا بد أن يعي المرشد كيف يتصرف في تلك الأحوال الطارئة ويكون صلة الوصل بينه وبين الجهات المعنية بذلك. وفي خلاصة الحديث توجد جملة من الصفات التي يتعلق بها نجاح المرشد السياحي من عدمه يوضحها حمد ويقول:” يجب أن يتحلى بالصبر والمرونة والصدق والموضوعية والشفافية وأن يكون مثقفا مطلعا ومرنا ولديه القدرة على تجاوز الصعاب بذكاء وسرعة بديهة وأن يملك اللباقة والقدرة على التواصل الجيد مع الجميع، ويبتعد عن الحديث بالسياسة والدين إلا في حدود ضيقة تطلبها الإجابة عن سؤال أحد السياح...” مما يجدر الإشارة إليه أن شركة حمد قامت بترقيته منذ عام ليكون مدربا للمرشدين السياحيين إذ يقوم بتوزيع المهام بينهم وإعداد برامج الرحلات للسياح وإعلام المرشدين عنها، إلى جانب كونه مرجعا للمرشدين يساعدهم في حل أي مشكلة يواجهونها بحكم خبرته ومرونته الكبيرة في العمل ولا يلغي ذلك أنه يذهب في رحلة مع السياح يقودهم خلالها إذا ما اضطر أحد المرشدين إلى التغيب عن الوفد السياحي المسؤول عنه. المرشد العربي يرجح حمد إلى أن المرشد العربي أنسب وأفضل من المرشد الأوروبي والأجدر منهما المرشد السياحي ابن البلد الذي يملك معلومات وأحاسيس يبثها بحماس كبير إلى السياح ويشجعهم على العودة لزيارة المكان مرات عدة نتيجة جمال الصورة المكانية التي رسمها المرشد في أذهانهم علما أنه يعتبر نفسه ابن الامارات فهو يعيش ويعمل فيها منذ 8 سنوات ويعمل جاهدا على نقل حبه وحماسه لها إلى نفس كل سائح أما المرشد الأوروبي فإنه لا يمكن أن ينقل المعلومات التاريخية عن المكان بالصورة العميقة وقد لا يدرك ضرورة الالتزام بالخطوط الحمراء التي تفرضها المهنة وعلى سبيل المثال في رمضان لا يشدد المرشد السياحي الأوروبي على السياح أنه لا يجوز الأكل والشرب أمام الناس فهذا بلد مسلم ولشهر رمضان حرمة ينبغي عدم تجاوزها كما يفعل المرشد السياحي العربي المسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©