الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جرير والفرزدق في مسرح المربد

جرير والفرزدق في مسرح المربد
11 يونيو 2009 02:56
روى أبوعبيدة أنه «وقف جرير بالمربد وقد لبس درعا وسلاحا تامّا، وركب فرسا أعاره إيّاه أبوجهضم عبادة بن حصين الحبطي... فبلغ ذلك الفرزدق، فلبس ثياب وشي وسوارا، وقام في مقبرة بني حصن ينشد بجرير، والناس يسعون فيما بينهما بأشعارهما، فلما بلغ الفرزدق لباس جرير السلاح والدرع، قال: عجبت لراعي الضأن في حطمية، ولما بلغ جريرا أن الفرزدق في ثياب وشيٍ، قال: لبست سلاحي والفرزدق لعبة عليه وشاحا كرّج وجلاجله ولعلّ دور المتلقي يكون أكثر حضورا في هذه الأداءات الدرامية التي كانت بين جرير والفرزدق، إذ يشكّل الفضاء الذي تنتقل منه المعلومات من جرير إلى الفرزدق، ومن الفرزدق إلى جرير، مما يجعل العملية أكثر درامية، وفي أحيان أخرى يتحلق الجمهور حول الشاعرين الكبيرين ليتمتع بهذه الأداءات. ولقد أكد شوقي ضيف الظاهرة الدرامية في نقائض جرير والفرزدق، حيث يقول عن النقائض: إنها «اللعبة التي كان يعجب بها القوم، التي كانوا يخرجون للفرجة عليها في هذا المسرح الكبير، مسرح المربد، التي كانت تختلف إليه القبائل والجماهير، وتتحلق حلقات للاستماع إلى الشعراء، وإلى ما يُحْدث جرير والفرزدق خاصة... فيقف أحدهما فيلقي من جعبته كل ما أعدّه لخصمه من سهام شعر، وسرعان ما يحمل الرواة هذه السهام إلى صاحبه، فينظر فيها، ويطيل النظر، ثم يحاول أن ينقضها، وأن يردّ عليها سهما سهما، وبيتا بيتا، ومعنى معنى»... وعلى هذه الصورة كان يتكوّن في هذا العصر مسرح المربد، يذهب إليه جمهور النظّارة من أهل البصرة، ومن يفد عليهم من البادية أو من الحجاز، للفرجة على هذا الفن الذي كان يجيده الشاعران، والناس يصفقون لهذا تارة ولذاك أخرى، ويستثيرون بتصفيقهم كلّ استطاعةٍ للتجويد والتحبير... وكما نذهب نحن الآن إلى دور التمثيل... نلهو بعض الوقت... كان نظّارة البصرة يذهبون إلى المربد للفرجة على لعبة النقائض. فكما يلاحظ، فإن شوقي ضيف يرى أن النقائض تحتوي على عناصر الدراما، فهي أولا نشأت لإمتاع المتلقين ولجمعهم، وهي ثانيا كانت في مكان معلوم، وفي زمن محدد، علاوة على أنها قدمت عنصر المتعة للمتلقين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©